جيد يحمل إِلَى الْقرى فيبنى عَلَيْهِ بيُوت الْمدر، ورقه هدي رقاق وَلَيْسَ لَهُ شوك، وَمِنْه تصنع القصاع والأواني الصغار والكبار والمكاييل والأبواب، وَهُوَ النضار. وَقَالَ أَبُو عمر: وَهُوَ أَجود الْخشب للآنية، وأجود النضار الورس لصفرته، ومنبر رَسُول الله نضار. وَفِي (الواعي) : الأثلة خمصة مثل الأشنان وَلها حب مثل حب التنوم وَلَا ورق لَهَا وَإِنَّمَا هِيَ أشنانة يغسل بهَا القصارون، غير أَنَّهَا أَلين من الأشنان. وَقَالَ الْقَزاز: هُوَ ضرب من الشّجر يشبه الطرفاء وَلَيْسَ بِهِ، وَهُوَ أَجود مِنْهُ عوداً، وَمِنْه تصنع قداح الميسر. والتنوم، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَضم النُّون الْمُشَدّدَة وَبعد الْوَاو الساكنة مِيم: وَهُوَ نوع من نَبَات الأَرْض فِيهِ ثَمَر وَفِي ثمره سَواد قَلِيل.
و: الغابة، بغين مُعْجمَة وباء مُوَحدَة: أَرض على تِسْعَة أَمْيَال من الْمَدِينَة كَانَت إبل النَّبِي مُقِيمَة بهَا للرعي وَبهَا وَقعت قصَّة الْعرنِين الَّذين أَغَارُوا على سرحه، وَقَالَ ياقوت: بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة أَرْبَعَة أَمْيَال. وَقَالَ الْبكْرِيّ: هما غابتان عليا وسفلى. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: الغابة بريد من الْمَدِينَة من طَرِيق الشَّام. قَالَ الْوَاقِدِيّ، وَمِنْهَا صنع الْمِنْبَر. وَفِي (الْجَامِع) : كل شجر ملتف فَهُوَ غابة. وَفِي (الْمُحكم) : الغابة الأجمة الَّتِي طَالَتْ وَلها أَطْرَاف مُرْتَفعَة باسقة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: هِيَ أجمة الْقصب، قَالَ: وَقد جعلت جمَاعَة الشّجر غاباً مَأْخُوذ من الغيابة، وَالْجمع: غابات وغياب، و: الطرفاء، بِفَتْح الطَّاء وَسُكُون الرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ ممدودة: شجر من شجر الْبَادِيَة وَاحِدهَا: طرفَة، مثل: قَصَبَة وقصباء، وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: الطرفاء وَاحِد وَجمع. قَوْله: (عمله فلَان) بِالتَّنْوِينِ لِأَنَّهُ منصرف، لِأَنَّهُ كِنَايَة عَن علم الْمُذكر بِخِلَاف: فُلَانَة، فَإِنَّهُ كِنَايَة عَن علم الْمُؤَنَّث، وَالْمَانِع من صرفه وجود العلتين وهما: العلمية والتأنيث، وَاخْتلفُوا فِي اسْم: فلَان، الَّذِي هُوَ نجار منبره، فَفِي (كتاب الصَّحَابَة) لِابْنِ أَمِين الطليطلي: إِن اسْم هَذَا النجار: قبيصَة المَخْزُومِي. قَالَ: وَيُقَال: مَيْمُون. وَقَالَ: وَقيل: صَلَاح غُلَام الْعَبَّاس ابْن عبد الْمطلب، وَقَالَ ابْن بشكوال: وَقيل: ميناء. وَقيل: إِبْرَاهِيم. وَقيل: باقوم، بِالْمِيم فِي آخِره. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: كَانَ رومياً غُلَاما لسَعِيد بن الْعَاصِ مَاتَ فِي حَيَاة النَّبِي، وروى أَبُو سعد فِي (شرف الْمُصْطَفى) من طَرِيق ابْن لَهِيعَة: عَن عمَارَة بن غزيَّة عَن بعاس بن سهل عَن أَبِيه قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ نجار وَاحِد يُقَال لَهُ مَيْمُون، فَذكر قصَّة الْمِنْبَر. وَقَالَ ابْن التِّين: عمله غُلَام لسعد بن عبَادَة. وَقيل: لامْرَأَة من الْأَنْصَار وَقَالَ أَبُو دَاوُد: حدّثنا الْحسن بن عَليّ، قَالَ: حدّثنا إِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد عَن نَافِع: (عَن ابْن عمر أَن النَّبِي، لما بدا قَالَ لَهُ تَمِيم الدَّارِيّ أَلا اتخذ لَك منبراً يَا رَسُول اتجمع أَو تحمل عظامك؟ . قَالَ: بلَى، فَاتخذ لَهُ منبراً مرقاتين) . وَفِي (طَبَقَات ابْن سعد) من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَغَيره، قَالُوا: (كَانَ النَّبِي، يخْطب يَوْم الْجُمُعَة إِلَى جذع فَقَالَ: إِن الْقيام يشق عَلَيْهِ، فَقَالَ تَمِيم الدَّارِيّ أَلَا أعمل لَك منبراً كَمَا رَأَيْته بِالشَّام؟ فَشَاور النَّبِي، الْمُسلمين فِي ذَلِك فروا أَن يَتَّخِذهُ، فَقَالَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب: إِن لي غُلَاما يُقَال لَهُ: كلاب، أعمل النَّاس. فَقَالَ النَّبِي: مره أَن يعمله، فَعلمه دَرَجَتَيْنِ ومقعداً، ثمَّ جَاءَ بِهِ فَوَضعه فِي مَوْضِعه) . وَعند ابْن سعد أَيْضا بِسَنَد صَحِيح: (إِن الصَّحَابَة قَالُوا: يَا رَسُول اإن النَّاس قد كَثُرُوا فَلَو اتَّخذت شَيْئا تقوم عَلَيْهِ إِذا خطبت قَالَ: مَا شِئْتُم؟ قَالَ سهل: وَلم يكن بِالْمَدِينَةِ إلَاّ نجار وَاحِد، فَذَهَبت أَنا وَذَاكَ النجار إِلَى الغابتين، فَقطعت هَذَا الْمِنْبَر من أثله) . وَفِي لفظ: (وَحمل سهل مِنْهُنَّ خَشَبَة) .
قَوْله: (مولى فُلَانَة) ، لم يعرف اسْمهَا، وَلكنهَا أنصارية، وَوَقع فِي (الدَّلَائِل) لأبي مُوسَى الْمدنِي، نقلا عَن جَعْفَر المستغفري: أَنه قَالَ فِي أَسمَاء النِّسَاء من الصَّحَابَة: علاثة، بِالْعينِ الْمُهْملَة وبالثاء الْمُثَلَّثَة، ثمَّ سَاق هَذَا الحَدِيث من طَرِيق يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي حَازِم، وَقَالَ فِيهِ: (أرسل إِلَى علاثة امْرَأَة) قد سَمَّاهَا سهل، ثمَّ قَالَ أَبُو مُوسَى: صحف فِيهِ جَعْفَر أَو شَيْخه، وَإِنَّمَا هِيَ فُلَانَة. وَقَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ: علاثة، فِي حَدِيث سهل: (أَن مري غلامك النجار أَن يعْمل لي أعواداً) وَإِنَّمَا هِيَ فُلَانَة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: قيل فِي فُلَانَة: اسْمهَا عَائِشَة الْأَنْصَارِيَّة، وَقَالَ بَعضهم: وَأَظنهُ صحف الْمُصحف قلت: هَذَا الطَّبَرَانِيّ روى فِي مُعْجَمه الْأَوْسَط من حَدِيث جَابر رَضِي اتعالى عَنهُ، (أَن رَسُول اعليه الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَانَ يُصَلِّي إِلَى سَارِيَة الْمَسْجِد ويخطب إِلَيْهَا ويعتمد عَلَيْهَا، وَأمرت عَائِشَة فصنعت لَهُ منبره هَذَا) . انْتهى. وَبِه يسْتَأْنس أَن فُلَانَة هِيَ: عَائِشَة، الْمَذْكُورَة. وَلَا سِيمَا قَالَ قَائِله: الْأَنْصَارِيَّة، وَلَا يستعبد هَذَا، وَإِن كَانَ إِسْنَاد الحَدِيث ضَعِيفا فحينئذٍ إِن الْمُصحف من قَالَ: علاثة، لَا من قَالَ: عَائِشَة الْأَنْصَارِيَّة. وَقد جَاءَ فِي الرِّوَايَة فِي الصَّحِيح: (أرسل، أَي: النَّبِي، إِلَى فُلَانَة سَمَّاهَا سهل مري غلامك النجار أَن يعْمل لي أعواداً أَجْلِس عَلَيْهِنَّ إِذا كلمت النَّاس، فَأَمَرته، فعملها من طرفاء الغابة، ثمَّ جَاءَ بهَا، فَأرْسلت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute