قلت: هَذَا الْقَائِل أَخذ بعض هَذَا من الْكرْمَانِي، فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِن قلت: هَل هُوَ دَلِيل على أَن لمس الْمَرْأَة لَا ينْتَقض الْوضُوء؟ قلت: لَا لاحْتِمَال أَن يكون بَينهمَا حَائِل من ثوب وَنَحْوه، بل هُوَ الظَّاهِر من حَال النَّائِم. قلت: هَذَا غير موجه، قَالَ ابْن بطال: الأَصْل فِي الرجل أَن يكون بِغَيْر حَائِل عرفا. وَكَذَلِكَ الْيَد، وَقَول الشَّافِعِي: كَانَ غمزه إِيَّاهَا على ثوب فِيهِ بعد. وَقَوله: أَو بالخصوصية، غير صَحِيح، لِأَن النَّبِي فِي هَذَا الْمقَام فِي مقَام التشريع لَا الخصوصية، إِذْ من الْمَعْلُوم أَن اعصمه فِي جَمِيع أَفعاله وأقواله، وَأَيْضًا مُجَرّد دَعْوَى الخصوصية بِلَا دَلِيل بَاطِل، فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك قَامَ لنا الدَّلِيل من الحَدِيث أَن لمس الْمَرْأَة غير نَاقض للْوُضُوء، والعناد بعد ذَلِك مُكَابَرَة.
السَّابِع: فِيهِ جَوَاز الصَّلَاة على الْفراش، وَعقد البُخَارِيّ الْبَاب الْمَذْكُور لذَلِك، وَفِي (التَّلْوِيح) : وَاخْتلف فِي الصَّلَاة على الْفراش وَشبهه، فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: يُصَلِّي على الْبسَاط والطنفسة. وَحكى ابْن أبي شيبَة ذَلِك عَن أبي الدَّرْدَاء بِلَفْظ: (مَا أُبَالِي لَو صليت على سِتّ طنافس بَعْضهَا فَوق بعض) . قَالَ: وَصلى ابْن عَبَّاس على مسح وعَلى طنفسة قد طبقت الْبَيْت صَلَاة الْمغرب، وَفعله أَبُو وَائِل وَعمر بن الْخطاب وَعَطَاء وَسَعِيد بن جُبَير، وَقَالَ الْحسن: لَا بَأْس بِالصَّلَاةِ على الطنفسة. وَصلى قيس بن عباد على لبد دَابَّته، وَكَذَلِكَ قُرَّة الْهَمدَانِي، وَصلى على الْمسْح عمر بن عبد الْعَزِيز وَجَابِر بن عبد ا، وَعلي بن أبي طَالب وَأَبُو الدَّرْدَاء وَعبد ابْن مَسْعُود رَضِي اتعالى عَنْهُم، وَقَالَ مَالك: الْبسَاط الصُّوف وَالشعر وَشبهه إِذا وضع الْمُصَلِّي جَبهته وَيَديه على الأَرْض فَلَا أرى بِالْقيامِ عَلَيْهَا بَأْسا، كَأَنَّهُ يُرِيد مَا ذكره ابْن أبي شيبَة عَن جرير عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود وَأَصْحَابه أَنهم كَانُوا يكْرهُونَ أَن يصلوا على الطنافس والفرا والمسوح، وَقَالَ ابْن أبي شيبَة: حدّثنا ابْن علية عَن يُونُس عَن الْحسن أَنه كَانَ يُصَلِّي على طنفسة وَقَدمَاهُ وَركبَتَاهُ عَلَيْهَا وَيَديه وجبهته على الأَرْض أَو بردي، وَعَن ابْن سِيرِين وَابْن الْمسيب وَقَتَادَة: الصَّلَاة على الطنفسة مُحدث، وَكره الصَّلَاة على غير الأَرْض عُرْوَة بن الزبير وَجَابِر بن زيد وَابْن مَسْعُود، وَنهى أَبُو بكر عَن الصَّلَاة على البرادع، وَقَالَ أَبُو نعيم فِي (كتاب الصَّلَاة) تأليفه: حدّثنا زَمعَة بن صَالح عَن سَلمَة بن وهرام عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس: (أَن النَّبِي صلى على بِسَاط) ، وحدّثنا زَمعَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن كريب عَن أبي معبد عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: (قد صلى رَسُول ا، على بِسَاط) .
٣٨٣٩٤ - ح دّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدّثنا الليْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبرنِي عُرْوَةُ أنَّ عائِشَةَ أخْبَرَتْهُ أَن رسولَ الله كَانَ يُصَلِّي وَهْيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ عَلَى فِرَاشِ أهْلِهِ اعْتِرَاضَ الجَنَازَةِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: بكير، بِضَم الْبَاء وَاللَّيْث: هُوَ ابْن سعد، وَعقيل، بِضَم الْعين: ابْن خَالِد بن عقيل، بِفَتْح الْعين، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَعُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع، وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصحابية. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين مصري ومدني.
ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن وَكِيع عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: (كَانَ النَّبِي: يُصَلِّي صلَاته كلهَا من اللَّيْل وَأَنا مُعْتَرضَة بَينه وَبَين الْقبْلَة على فرَاش أَهله اعْتِرَاض الْجِنَازَة) . وَفِي لفظ: (وسط السرير وَأَنا مُضْطَجِعَة بَينه وَبَين الْقبْلَة تكون لي الْحَاجة فأكره أَن أقوم فأستقبله، فأنسل انسلالاً من قبل رجلَيْهِ) . وَفِي لفظ: (وَأَنا حذاءه وَأَنا حَائِض) . وَرُبمَا قَالَت: (أصابني ثَوْبه إِذا سجد) . وَفِي لفظ: (عَليّ مرط وَعَلِيهِ بعضه) . وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن أَحْمد بن يُونُس عَن زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن هَاشم بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: (أَن رَسُول الله كَانَ يُصَلِّي صَلَاة من اللَّيْل وَهِي مُعْتَرضَة بَينه وَبَين الْقبْلَة رَاقِدَة على الْفراش الَّذِي يرقد عَلَيْهِ، حَتَّى إِذا أَرَادَ أَن يُوتر أيقظها فأوترت) . وَفِي لفظ: (فَإِذا أَرَادَ أَن يسْجد ضرب رجْلي فقبضتهما) . وَفِي لفظ: (فَإِذا أَرَادَ أَن يُوتر قَالَ؛ تنحي) . وَأخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute