(بابُ أصْحَابِ الحِرَابِ فِي المَسْجِدِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز دُخُول أَصْحَاب الحراب فِي الْمَسْجِد، وَالْمرَاد من أَصْحَاب الحراب هُنَا هم الَّذين يتشاققون بِالسِّلَاحِ كالحراب وَنَحْوهَا للاشتداد وَالْقُوَّة على الْحَرْب مَعَ أَعدَاء الدّين، وَقَالَ الْمُهلب: الْمَسْجِد مَوْضُوع لأمر جمَاعَة الْمُسلمين، وكل مَا كَانَ من الْأَعْمَال الَّتِي تجمع مَنْفَعَة الدّين وَأَهله واللعب بالحراب من تدريب الْجَوَارِح على مَعَاني الحروب فَهُوَ جَائِز فِي الْمَسْجِد وَغَيره، و: الحراب، بِكَسْر الْحَاء: جمع حَرْبَة، كالقصاع: جمع قَصْعَة. والحراب، أَيْضا مصدر من: حَارب يحارب محاربة وحراباً، وَالْمرَاد هُنَا الأول.
٤٥٤٤١١ - ح دّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبرنِي عُرْوَةُ بنُ الزَّبِيْرِ أنَّ عائِشَةَ قالَتْ لَقَدْ رَأيْتُ رسولَ اللَّهِ يَوْماً عَلَى بابِ حُجْرَتِي والحَبَشةُ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ ورسولُ اللَّهِ يَسْتُرُني بِرِدَائِهِ أنْظُرُ إلَى لَعِبِهِمْ. زَاد إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر حَدثنَا ابْن وهب أَخْبرنِي يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والحبشة يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " والحبشة يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ " (ذكر رِجَاله) وهم تِسْعَة. الأول عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى أَبُو الْقَاسِم الْقرشِي العامري الْمدنِي. الثَّانِي إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. الثَّالِث صَالح بن كيسَان أَبُو مُحَمَّد مؤدب ولد عمر بن عبد الْعَزِيز. الرَّابِع مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الْخَامِس عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام. السَّادِس إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الْحزَامِي مر فِي كتاب الْعلم وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ. السَّابِع عبد الله بن وهب. الثَّامِن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي. التَّاسِع عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع والإخبار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي موضِعين والعنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع وَفِيه أَن عبد الْعَزِيز من أَفْرَاد البُخَارِيّ وَفِيه ثَلَاثَة من التَّابِعين وهم صَالح وَابْن شهَاب وَعُرْوَة وَفِيه أَن رُوَاته مَا بَين مدنِي ومصري وأيلي وَفِيه أَن قَوْله زَاد ابْن الْمُنْذر يحْتَمل التَّعْلِيق قَالَه الْكرْمَانِي (قلت) هُوَ تَعْلِيق بِلَا احْتِمَال وَقد وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق عُثْمَان بن عمر عَن يُونُس وَالَّذِي زَاده هُوَ لفظ " بِحِرَابِهِمْ " (ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي مَنَاقِب قُرَيْش وَأخرجه مُسلم فِي الْعِيدَيْنِ أَيْضا عَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح (ذكر مَعْنَاهُ وَإِعْرَابه) قَوْله " لقد رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَي وَالله لقد أَبْصرت فهم معنى الْقسم من اللَّام وَلَفْظَة قد اللَّتَان تدلان على التَّأْكِيد وَرَأَيْت بِمَعْنى أَبْصرت فَلذَلِك اقْتصر على مفعول وَاحِد قَوْله " يَوْمًا " نصب على الظّرْف قَوْله " والحبشة يَلْعَبُونَ " جملَة حَالية والحبشة والحبش جنس من السودَان مَشْهُور قَوْله " وَرَسُول الله يسترني " جملَة حَالية أَيْضا وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ بعد نزُول الْحجاب قَوْله " أنظر " أَيْضا جملَة حَالية قَوْله " إِلَى لعبهم " بِفَتْح اللَّام وَكسر الْعين وبكسر اللَّام وَسُكُون الْعين قَوْله " زَاد " فعل مَاض وفاعله ابْن الْمُنْذر وَهُوَ فَاعل قَالَ أَيْضا ومفعوله الَّذِي زيد هُوَ قَوْله " بِحِرَابِهِمْ " كَمَا ذكرنَا (ذكر مَا يستنبط مِنْهُ من الْأَحْكَام) فِيهِ جَوَاز اللّعب بالحراب فِي الْمَسْجِد على الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي أول الْبَاب وَحكى ابْن التِّين عَن أبي الْحسن اللَّخْمِيّ أَن اللّعب بالحراب فِي الْمَسْجِد مَنْسُوخ بِالْقُرْآنِ وَالسّنة أما الْقُرْآن فَقَوله تَعَالَى {فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع} وَأما السّنة فِي حَدِيث وَاثِلَة بن الْأَسْقَع الَّذِي أخرجه ابْن ماجة " جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُمْ " ورد بِأَن الحَدِيث ضَعِيف وَلَيْسَ فِيهِ وَلَا فِي الْآيَة تَصْرِيح بِمَا ادَّعَاهُ وَلَا عرف التَّارِيخ حَتَّى يثبت النّسخ. وَفِيه جَوَاز النّظر إِلَى اللّعب الْمُبَاح وَقَالَ الْكرْمَانِي وَقد يُمكن أَن يكون ترك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَائِشَة لتنظر إِلَى لعبهم لتضبط السّنة فِي ذَلِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute