للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي من حَدِيث أنس بن مَالك: (أَن النَّبِي كَانَ يُوتر بِثَلَاث) وروى أَيْضا من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى عَن أَبِيه: (أَن رَسُول الله كَانَ يُوتر بِثَلَاث) ، وروى ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) قَالَ: حدّثنا حَفْص عَن عَمْرو عَن الْحسن، قَالَ: أجمع الْمُسلمُونَ على أَن الْوتر ثَلَاث لَا يسلم إِلَّا فِي آخِرهنَّ. فَإِن قلت: رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي، قَالَ: (لَا توتروا بِثَلَاث وأوتروا بِخمْس أَو بِسبع، وَلَا تشبهوا بِصَلَاة الْمغرب) . قلت: رُوِيَ هَذَا مَوْقُوفا على أبي هُرَيْرَة، كَمَا رُوِيَ مَرْفُوعا، وَمَعَ هَذَا هُوَ معَارض بِحَدِيث عَليّ وَعَائِشَة وَمن ذكرنَا مَعَهُمَا من الصَّحَابَة، وَأَيْضًا إِن قَوْله: (لَا توتروا بِثَلَاث) ، يحْتَمل كَرَاهَة الْوتر من غير تطوع قبله من الشفع، وَيكون الْمَعْنى: لَا توتروا بِثَلَاث رَكْعَات وَحدهَا من غير أَن يتقدمها شَيْء من التَّطَوُّع الفع، بل أوتروا هَذِه الثَّلَاث مَعَ شفع قبلهَا لتَكون خمْسا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله: (واوتروا بِخمْس) أَو: أوتروا هَذِه الثَّلَاث مَعَ شفعين قبلهَا لتَكون سبعا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله: (أَو بِسبع) أَي: أوتروا بِسبع رَكْعَات: أَربع تطوع وَثَلَاث وتر، وَلَا تفردوا هَذِه الثَّلَاث كَصَلَاة الْمغرب لَيْسَ قبلهَا شَيْء، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله: (وَلَا تشبهوا بِصَلَاة الْمغرب) وَمَعْنَاهُ: لَا تشبهوا بِصَلَاة الْمغرب فِي كَونهَا مُنْفَرِدَة عَن تطوع قبلهَا، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ: لَا تشبهوا بِصَلَاة الْمغرب فِي كَونهَا ثَلَاث رَكْعَات. وَالنَّهْي لَيْسَ بوارد على تَشْبِيه الذَّات بِالذَّاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ وَارِد على تَشْبِيه الصّفة بِالصّفةِ، وَمَعَ هَذَا فِيمَا ذكره نفي أَن تكون الرَّكْعَة الْوَاحِدَة وترا، لِأَنَّهُ أَمر بالإيتار بِخمْس أَو بِسبع لَيْسَ إلَاّ. فَافْهَم. فَإِن قلت: قَالَ مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي: لم نجد عَن النَّبِي خَبرا ثَابتا مُفَسرًا أَنه أوتر بِثَلَاث لم يسلم إلَاّ فِي آخِرهنَّ، كَمَا وجدنَا فِي الْخمس والبسع وَالتسع، غير أَنا وجدنَا عَنهُ أَخْبَارًا أَنه أوتر بِثَلَاث لَا ذكر للتسليم فِيهَا؟ قلت: يرد عَلَيْهِ مَا ذَكرْنَاهُ من (الْمُسْتَدْرك) من حَدِيث عَائِشَة: أَنه إِن يُوتر بِثَلَاث لَا يقْعد إلَاّ فِي آخِرهنَّ، وَفِي حَدِيث أبي بن كَعْب: لَا يسلم إلَاّ فِي آخِرهنَّ، وَقد قيل: لَعَلَّ مُحَمَّد بن نصر لَا يرى هَذَا ثَابتا. قلت: هَذَا تعصب لَا يجدي وَلَا يلْزم من عدم رُؤْيَته ثَابتا أَن لَا يكون ثَابتا عِنْد غَيره.

وَفِيه: إِن قَوْله: اجعلوا آخر صَلَاتكُمْ ... إِلَى آخِره، دَلِيل على أَن ذَلِك يَقْتَضِي الْوُجُوب لظَاهِر الْأَمر بِهِ، وَلكنه مُسْتَحبّ فِي حق من لَا يغلبه النّوم، فَإِن كَانَ يغلبه وَلَا يَثِق بالانتباه أوتر قبله.

٤٧٤٣٣١ - ح دّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أبي طَلْحَة

<<  <  ج: ص:  >  >>