النَّسَائِيّ من طَرِيق سُفْيَان: عَن أبي حَازِم، سَمِعت سهلاً. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين تنسي ومدني.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ فِي سَبْعَة مَوَاضِع هُنَا، وَفِي الصَّلَاة فِيمَا يجوز من التَّسْبِيح وَالْحَمْد للرِّجَال، وَرفع الْأَيْدِي فِيهَا لأمر ينزل بِهِ، وَالْإِشَارَة فِيهَا، والسهو، وَالصُّلْح وَالْأَحْكَام. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن قُتَيْبَة وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله بن بزيع وَعَن يحيى بن يحيى. وَأخرجه أَبُو دواد عَن القعْنبِي وَعَن عَمْرو بن عَوْف. وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الله وَعَن أَحْمد بن عَبدة.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف) هم: من ولد مَالك بن الْأَوْس، وَكَانُوا بقباء، والأوس أحد قبيلتي الْأَنْصَار، وهما: الْأَوْس والخزرج، وَبَنُو عَمْرو بن عَوْف بطن كثير من الْأَوْس فِيهِ عدَّة أَحيَاء مِنْهُم: بَنو أُميَّة بن زيد، وَبَنُو ضبيعة بن زيد، وَبَنُو ثَعْلَبَة ابْن عَمْرو بن عَوْف، وَالسَّبَب فِي ذَهَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الصُّلْح من طَرِيق مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن أبي حَازِم: (أَن أهل قبَاء اقْتَتَلُوا حَتَّى تراموا بِالْحِجَارَةِ، فَأخْبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك، فَقَالَ إذهبوا بِنَا نصلح بَينهم) . وَرُوِيَ فِي الْأَحْكَام من طَرِيق حَمَّاد بن زيد: أَن توجهه كَانَ بعد أَن صلى الظّهْر، وروى الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق عَمْرو بن عَليّ عَن أبي حَازِم: أَن الْخَبَر جَاءَ بذلك، وَقد أذن بِلَال لصَلَاة الظّهْر. قَوْله: (فحانت الصَّلَاة) ، أَي: صَلَاة الْعَصْر، وَصرح بِهِ فِي الْأَحْكَام. وَلَفظه: فَلَمَّا حضرت صَلَاة الْعَصْر أذن بِلَال ثمَّ أَقَامَ ثمَّ أَمر أَبَا بكر فَتقدم) . وَلم يبين فَاعل ذَلِك، وَقد بَين ذَلِك أَبُو دَاوُد فِي (سنَنه) بِسَنَد صَحِيح، وَلَفظه: (كَانَ قتال بَين بني عَمْرو بن عَوْف فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُم ليصلح بَينهم بعد الظّهْر، فَقَالَ لِبلَال، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِن حضرت صَلَاة الْعَصْر وَلم آتِك فَمر أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ، فَلَمَّا حضرت صَلَاة الْعَصْر أذن بِلَال ثمَّ أَقَامَ ثمَّ أَمر أَبَا بكر فَتقدم) . وَعلم من ذَلِك أَن المُرَاد من قَوْله: (فجَاء الْمُؤَذّن) هُوَ: بِلَال. قَوْله: (فَقَالَ) ، أَي: الْمُؤَذّن الَّذِي هُوَ بِلَال. قَوْله: (أَتُصَلِّي للنَّاس؟) الْهمزَة فِيهَا للاستفهام على سَبِيل التَّقْرِير، وَبِهَذَا ينْدَفع إِشْكَال من يَقُول: هَذَا يُخَالف مَا ذكر فِي رِوَايَة أبي دَاوُد من قَوْله: (ثمَّ أَمر أَبَا بكر فَتقدم) ، ويروى: (أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ؟) بِالْبَاء الْمُوَحدَة عوض عَن اللَّام. قَوْله: (فأقيم) ، قَالَ الْكرْمَانِي: بِالرَّفْع وَالنّصب، وَسكت على ذَلِك. قلت: وَجه الرّفْع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: فَأَنا أقيم، وَوجه النصب على أَنه جَوَاب الِاسْتِفْهَام، وَالتَّقْدِير: فَإِن أقيم. قَوْله: (قَالَ نعم) أَي: قَالَ أَبُو بكر: نعم أقِم الصَّلَاة، وَزَاد فِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم عَن أَبِيه لَفْظَة: (إِن شِئْت) . وَأخرج البُخَارِيّ هَذِه الزِّيَادَة فِي: بَاب رفع الْأَيْدِي، وَوجه هَذَا التَّفْوِيض إِلَيْهِ لاحْتِمَال أَن يكون عِنْده زِيَادَة علم من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك. قَوْله: (فصلى أَبُو بكر) ، لَيْسَ على حَقِيقَته، بل مَعْنَاهُ: دخل فِي الصَّلَاة، وَيدل عَلَيْهِ رِوَايَة عبد الْعَزِيز: (وَتقدم أَبُو بكر فَكبر) وَرِوَايَة المَسْعُودِيّ عَن أبي حَازِم: (فَاسْتَفْتَحَ أَبُو بكر الصَّلَاة) ، وَهِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ أَيْضا. قَوْله: (وَالنَّاس فِي الصَّلَاة) جملَة حَالية يَعْنِي: شرعوا فِيهَا مَعَ شُرُوع أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (فتخلص) ، قَالَ الْكرْمَانِي: أَي: صَار خَالِصا من الاشغال قلت: لَيْسَ المُرَاد هَذَا الْمَعْنى هَهُنَا، بل مَعْنَاهُ: فتخلص من شقّ الصُّفُوف حَتَّى وصل إِلَى الصَّفّ الأول، وَهُوَ معنى قَوْله: (حَتَّى وقف فِي الصَّفّ) أَي: فِي الصَّفّ الأول، وَالدَّلِيل على مَا قُلْنَا رِوَايَة عبد الْعَزِيز، عِنْد مُسلم: (فجَاء النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فخرق الصُّفُوف حَتَّى قَامَ عِنْد الصَّفّ الْمُقدم) . قَوْله: (فَصَفَّقَ النَّاس) ، بتَشْديد الْفَاء، من: التصفيق. قَالَ الْكرْمَانِي: التصفيق الضَّرْب الَّذِي يسمع لَهُ صَوت، والتصفيق بِالْيَدِ التصويت بهَا. انْتهى. التصفيق: هُوَ التصفيح بِالْحَاء، سَوَاء صفق بِيَدِهِ أَو صفح. وَقيل: هُوَ بِالْحَاء: الضَّرْب بِظَاهِر الْيَد إِحْدَاهمَا على صفحة الْأُخْرَى، وَهُوَ الْإِنْذَار والتنبيه. وبالقاف: ضرب إِحْدَى الصفحتين على الْأُخْرَى، وَهُوَ اللَّهْو واللعب. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: قَالَ عِيسَى بن أَيُّوب: التصفيح للنِّسَاء ضرب بإصبعين من يَمِينهَا على كفها الْيُسْرَى. وَقَالَ الدَّاودِيّ: فِي بعض الرِّوَايَات: (فصفح الْقَوْم، وَإِنَّمَا التصفيح للنِّسَاء) . فَيحمل أَنهم ضربوا أكفهم على أَفْخَاذهم قلت: رِوَايَة عبد الْعَزِيز: (فَأخذ النَّاس فِي التصفيح، قَالَ سهل: أَتَدْرُونَ مَا التصفيح؟ هُوَ التصفيق) . قَوْله: (وَكَانَ أَبُو بكر لَا يلْتَفت فِي صلَاته) وَذَلِكَ لعلمه بِالنَّهْي عَن ذَلِك، وَفِي (صَحِيح ابْن خُزَيْمَة) : سَأَلت عَائِشَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْتِفَات الرجل فِي الصَّلَاة، فَقَالَ: هُوَ اختلاس يختلسه الشَّيْطَان من صَلَاة الرجل. قَوْله: (فَلَمَّا أَكثر النَّاس التصفيق) ، وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن زيد: (فَلَمَّا رأى التصفيح لَا يمسك عَنهُ الْتفت) ، قَوْله: (أَن أمكث مَكَانك) . كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة، وَالْمعْنَى: فَأَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالمكث
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute