للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي (شرح الْهِدَايَة) : يرفع ثمَّ يكبر. وَقَالَ صَاحب (الْمَبْسُوط) : وَعَلِيهِ أَكثر مَشَايِخنَا. وَقَالَ خُوَاهَر زادة: يرفع مُقَارنًا للتكبير، وَبِه قَالَ أَحْمد، وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب مَالك. وَفِي (شرح الْمُهَذّب) : الصَّحِيح أَن يكون ابْتِدَاء الرّفْع مَعَ التَّكْبِير وانتهاؤه مَعَ انتهائه، وَهُوَ الْمَنْصُوص. وَقيل: يرفع بِلَا تَكْبِير ثمَّ يبتدىء التَّكْبِير مَعَ إرْسَال الْيَدَيْنِ، وَقيل: يرفع بِلَا تَكْبِير ثمَّ يرسلهما بعد فرَاغ التَّكْبِير، وَهَذَا مصحح عِنْد الْبَغَوِيّ. وَقيل: يبتدىء بهما مَعًا وَيَنْتَهِي التَّكْبِير مَعَ انْتِهَاء الْإِرْسَال. وَقيل: يبتدىء الرّفْع مَعَ ابْتِدَاء التَّكْبِير، وَلَا اسْتِحْبَاب فِي الِانْتِهَاء، وَهَذَا مصحح عِنْد الرَّافِعِيّ. وَقَالَ ابْن بطال: ورفعهما تعبد، وَقيل: إِشَارَة إِلَى التَّوْحِيد. وَقيل: حكمته أَن يرَاهُ الْأَصَم فَيعلم دُخُوله فِي الصَّلَاة، وَالتَّكْبِير لإسماع الْأَعْمَى فَيعلم دُخُوله فِي الصَّلَاة. وَقيل: انقياد. وَقيل: إِشَارَة إِلَى طرح أُمُور الدُّنْيَا والإقبال بِالْكُلِّيَّةِ إِلَى الصَّلَاة. وَقيل: استعظام مَا دخل فِيهِ. وَقيل: إِشَارَة إِلَى تَمام الْقيام. وَقيل: إِلَى رفع الْحجاب بَين العَبْد والمعبود. وَقيل: ليستقبل بِجَمِيعِ بدنه. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: هَذَا أنسبها. وَقَالَ الرّبيع: قلت للشَّافِعِيّ: مَا معنى رفع الْيَدَيْنِ؟ قَالَ: تَعْظِيم الله وَاتِّبَاع سنة نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَنقل عَن عبد الْبر عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: رفع الْيَدَيْنِ من زِينَة الصَّلَاة، بِكُل رفع عشر حَسَنَات، بِكُل أصْبع حَسَنَة.

الْوَجْه الثَّالِث: إِلَى أَيْن يرفع؟ فَظَاهر الحَدِيث، يرفع حَذْو مَنْكِبَيْه، وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: هَذَا أصح قولي مَالك، وَفِي رِوَايَة عَنهُ: إِلَى صَدره، لما روى مُسلم عَن مَالك بن الْحُوَيْرِث: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كبر رفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما أُذُنَيْهِ) . وَفِي لفظ: (حَتَّى يُحَاذِي بهما فروع أُذُنَيْهِ) . وَعَن أنس مثله عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، وَسَنَده صَحِيح. وَعَن الْبَراء من عِنْد الطَّحَاوِيّ: (يرفع يَدَيْهِ حَتَّى يكون إبهاماه قَرِيبا من شحمتي أُذُنَيْهِ) ، وَذهب ابْن حبيب إِلَى رفعهما إِلَى حَذْو أُذُنَيْهِ. وَفِي رِوَايَة: فَوق رَأسه،. وَقَالَ ابْن عبد الْبر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرّفْع مدا مَعَ الرَّأْس، وَرُوِيَ أَنه كَانَ يرفعهما حذاء أُذُنَيْهِ، وَرُوِيَ: إِلَى صَدره، وَرُوِيَ: حَذْو مَنْكِبَيْه، وَكلهَا آثَار مَحْفُوظَة مَشْهُورَة دَالَّة على التَّوسعَة. وَعَن ابْن طَاوُوس، عَن طَاوُوس: أَنه كَانَ يرفع يَدَيْهِ حَتَّى يُجَاوز بهما رَأسه، وَقَالَ: رَأَيْت ابْن عَبَّاس يصنعه، وَلَا أعلم إلاّ أَنه قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يصنعه. وَصَححهُ ابْن الْقطَّان فِي كِتَابه (الْوَهم وَالْإِيهَام) : وَيكبر مرّة وَاحِدَة. وَعند الرافضة: ثَلَاثًا. وَأخرج ابْن مَاجَه: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفع يَدَيْهِ عِنْد كل تَكْبِيرَة) . وَزعم النَّوَوِيّ: أَن هَذَا الحَدِيث بَاطِل لَا أصل لَهُ.

الْوَجْه الرَّابِع فِيهِ: رفع الْيَدَيْنِ عِنْد تَكْبِير الرُّكُوع وَعند رفع رَأسه من الرُّكُوع، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وَأبي ثَوْر وَابْن جرير الطَّبَرِيّ، وَرِوَايَة عَن مَالك، وَإِلَيْهِ ذهب الْحسن الْبَصْرِيّ وَابْن سِيرِين وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وطاووس وَمُجاهد وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَسَالم وَقَتَادَة وَمَكْحُول وَسَعِيد بن جُبَير وعبد الله بن الْمُبَارك وسُفْيَان بن عُيَيْنَة. وَقَالَ البُخَارِيّ فِي كِتَابه (رفع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة) بعد أَن أخرجه من طَرِيق عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن تِسْعَة عشر رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم كَانُوا يرفعون أَيْديهم عِنْد الرُّكُوع، وَعدد أَكْثَرهم، وَزَاد الْبَيْهَقِيّ جماعات، وَذكر ابْن الْأَثِير فِي (شَرحه) : أَن ذَلِك رُوِيَ عَن أَكثر من عشْرين نَفرا، وَزَاد فيهم الْخُدْرِيّ، وَقَالَ الْحَاكِم: من جُمْلَتهمْ الْعشْرَة الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ. وَقَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب: قَالَ أَبُو عَليّ: روى الرّفْع عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَيف وَثَلَاثُونَ من الصَّحَابَة، وَفِي (التَّوْضِيح) : ثمَّ الْمَشْهُور أَنه لَا يجب شَيْء من الرّفْع، وَحكى الْإِجْمَاع عَلَيْهِ، وَحكى عَن دَاوُد إِيجَابه فِي تَكْبِيرَة الْإِحْرَام، وَبِه قَالَ ابْن سيار من أَصْحَابنَا، وَحكي عَن بعض الْمَالِكِيَّة، وَحكي عَن أبي حنيفَة مَا يَقْتَضِي الْإِثْم بِتَرْكِهِ. وَقَالَ ابْن خُزَيْمَة: من ترك الرّفْع فِي الصَّلَاة فقد ترك ركنا من أَرْكَانهَا. وَفِي (قَوَاعِد) ابْن رشد: عَن بَعضهم وُجُوبه أَيْضا عِنْد السُّجُود، وَعند أبي حنيفَة وَأَصْحَابه: لَا يرفع يَدَيْهِ إِلَّا فِي التَّكْبِيرَة الأولى، وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَالنَّخَعِيّ وَابْن أبي ليلى وعلقمة بن قيس وَالْأسود بن يزِيد وعامر الشّعبِيّ وَأَبُو إِسْحَاق السبيعِي وخيثمة والمغيرة ووكيع وَعَاصِم بن كُلَيْب وَزفر، وَهُوَ رِوَايَة ابْن الْقَاسِم عَن مَالك، وَهُوَ الْمَشْهُور من مذْهبه والمعمول عِنْد أَصْحَابه، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: وَبِه يَقُول غير وَاحِد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالتَّابِعِينَ، وَهُوَ قَول سُفْيَان وَأهل الْكُوفَة. وَفِي (الْبَدَائِع) : رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: الْعشْرَة الَّذين شهد لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ مَا كَانُوا يرفعون أَيْديهم إلاّ فِي افْتِتَاح الصَّلَاة وَذكر غَيره عَن عبد الله بن مَسْعُود أَيْضا وَجَابِر بن سَمُرَة والبراء بن عَازِب وَعبد الله بن عمر وَأَبا

<<  <  ج: ص:  >  >>