للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِيهِ دَلِيل لأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد بن حَنْبَل، وَالْجُمْهُور إِنَّه يسْتَحبّ دُعَاء الِافْتِتَاح. وَقَالَ مَالك: لَا يسْتَحبّ دُعَاء الِافْتِتَاح بعد تَكْبِيرَة الإفتتاح. قَوْله: (وسكتة إِذا فرغ) ، أَي: عِنْد فرَاغ الإِمَام التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضعمام من فَاتِحَة الْكتاب وَسورَة، وَقَالَ الْخطابِيّ: وَهَذِه السكتة ليقْرَأ من خلف الإِمَام وَلَا ينازعه فِي الْقِرَاءَة، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي، وَعند أَصْحَابنَا: لَا يقْرَأ الْمُقْتَدِي خلف الإِمَام، فَتحمل هَذِه السكتة عندنَا على الْفَصْل بَين الْقِرَاءَة وَالرُّكُوع بالتأني وَترك الاستعجال بِالرُّكُوعِ بعد الْفَرَاغ من الْقِرَاءَة، وَلَكِن حد هَذِه السكتة قدر مَا يَقع بِهِ الْفَصْل بَين الْقِرَاءَة وَالرُّكُوع، حَتَّى إِذا طَال جدا، فَإِن كَانَ عمدا يكره، وَإِن كَانَ سَهوا يجب عَلَيْهِ سَجْدَة السَّهْو، لِأَن فِيهِ تَأْخِير الرُّكْن. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: وَكَذَا قَالَ حميد: وسكتة إِذا فرغ من الْقِرَاءَة، وَقد حمل الْبَعْض هَذِه السكتة على ترك رفع الصَّوْت بِالْقِرَاءَةِ دون السُّكُوت عَن الْقِرَاءَة، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا القعْنبِي، قَالَ مَالك: لَا بَأْس بِالدُّعَاءِ فِي الصَّلَاة فِي أَوله وَفِي أوسطه وَفِي آخِره فِي الْفَرِيضَة وَغَيرهَا. قلت: وَكَذَا رُوِيَ عَن الشَّافِعِي، وَقَالَ الْبَغَوِيّ: وَبِأَيِّ دُعَاء من الْأَدْعِيَة الْوَارِدَة فِي هَذَا الْبَاب استفتح حصلت سنة الِافْتِتَاح، وَعِنْدنَا: لَا يستفتح إلاّ بسبحانك اللَّهُمَّ. . إِلَى آخِره، وَأما الْأَدْعِيَة الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْبَاب فَإِن أَرَادَ يَدْعُو بهَا فِي آخر صلَاته بعد الْفَرَاغ من التَّشَهُّد فِي الْفَرْض، وَأما بَاب النَّفْل فواسع، وكل مَا جَاءَ فِي هَذِه الْأَدْعِيَة فَمَحْمُول على صَلَاة اللَّيْل. وَقَالَ ابْن بطال: لَو كَانَت هَذِه السكتة فِيمَا واظب عَلَيْهِ الشَّارِع لنقلها أهل الْمَدِينَة عيَانًا وَعَملا، فَيحْتَمل أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلهَا فِي وَقت ثمَّ تَركهَا، فَتَركهَا وَاسع. وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : الحَدِيث ورد بِلَفْظ: (كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة) وبلفظ: (كَانَ إِذا قَامَ يُصَلِّي تَطَوّعا) . وبلفظ: (كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة قَالَه) . وَكَانَ، هُنَا يشْعر بالمداومة عَلَيْهِ قلت: إِذا ثبتَتْ المداومة يثبت الْوُجُوب، وَلم يقل بِهِ أحد.

٧٤٥ - ح دَّثنا ابنُ أبي مَرْيَمَ قَالَ أخبَرَنَا نافِعُ بنُ عُمَرَ قَالَ حدَّثني ابْن أبي مُلَيْكَةَ عَنْ أسْمَاءَ بنتِ أبِي بَكْرٍ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَّى صَلَاةَ الكُسُوفِ فقَامَ فأطالَ القِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فأطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ قامَ فأطَالَ القِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثمَّ رفَعَ ثُمَّ سجَدَ فأطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَ ثمَّ سَجَدَ فأطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ قامَ فأطالَ القِيَامَ ثمَّ رَكَعَ فأطالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فأطالَ القِيامَ ثُمَّ ركعَ فأطَالَ الركوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجدَ فأطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ انصَرفَ فقالَ قَدْ دَنَتْ منِّي الجَنَّةُ حَتى لَوِ اجْتَرأتُ علَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا ودَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ أيْ ربِّ أوَأنَا مَعَهُمْ فَإذَا امْرَأةٌ حَسِبْتُ أنَّهُ قَالَ تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قُلْتُ مَا شَأنُ هَذِهِ قالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعا لَا أطْعَمَتْهَا وَلَا أرْسَلَتْهَا تَأكُلُ. قَالَ نافِعٌ حَسِبْتُ أنهُ قَالَ مِنْ خَشِيش الارْضِ أوْ خِشَاشِ (الحَدِيث ٧٤٥ طرفه فِي: ٢٣٦٤) .

لم يَقع بَين هَذَا الحَدِيث والْحَدِيث الَّذِي قبله شَيْء من لَفْظَة: بَاب، مُجَرّدَة وَلَا بترجمة فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَأبي الْوَقْت، وَكَذَا لم يذكر أَبُو نعيم، وَلَا ذكره ابْن بطال فِي (شَرحه) . وَوَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة لَفْظَة: بَاب، بِلَا تَرْجَمَة، وَكَذَا ذكره الْإِسْمَاعِيلِيّ لَفْظَة: بَاب، بِلَا تَرْجَمَة. ثمَّ على تَقْدِير عدم وُقُوع شَيْء من ذَلِك بَين الْحَدِيثين يطْلب من وَجه الْمُطَابقَة بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين التَّرْجَمَة، فَقَالَ بَعضهم: فعلى هَذَا مُنَاسبَة الحَدِيث غير ظَاهِرَة للتَّرْجَمَة قلت: ظَاهِرَة، وَهِي فِي قَوْله: (فَقَامَ فَأطَال الْقيام) . لِأَن إطالة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقيام بِحَسب الظَّاهِر كَانَت مُشْتَمِلَة على قِرَاءَة الدُّعَاء وَقِرَاءَة الْقُرْآن، وَقد علم أَن الدُّعَاء عقيب الِافْتِتَاح قبل الشُّرُوع فِي الْقِرَاءَة، فَصدق عَلَيْهِ: بَاب مَا يَقُول بعد التَّكْبِير، وَهِي مُطَابقَة ظَاهِرَة جدا. وَقد قَالَ الْكرْمَانِي: لما كَانَت قِرَاءَة دُعَاء الِافْتِتَاح مستلزمة لتطويل الْقيام، وَهَذَا فِيهِ تَطْوِيل الْقيام، ذكره هَهُنَا من جِهَة هَذِه الْمُنَاسبَة. قلت: هَذَا غير سديد، لِأَن التَّرْجَمَة: بَاب مَا يَقُول بعد التَّكْبِير، وَلَيْسَت فِي تَطْوِيل الْقيام، وَقَالَ بَعضهم: وَأحسن مِنْهُ مَا قَالَه ابْن رشيد: يحْتَمل أَن تكون الْمُنَاسبَة فِي قَوْله: (حَتَّى قلت إِي رب أوأنا مَعَهم؟) لِأَنَّهُ، وَإِن لم يكن فِيهِ دُعَاء فَفِيهِ مُنَاجَاة واستعطاف، فيجمعه مَعَ الَّذِي قبله جَوَاز دُعَاء الله ومناجاته بِكُل مَا فِيهِ خضوع، وَلَا يخْتَص بِمَا ورد فِي الْقُرْآن، خلافًا للحنفية. انْتهى. قلت: هَذَا كَلَام طائح، أما أَولا فَلِأَنَّهُ لَا يدل

<<  <  ج: ص:  >  >>