للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَجَعَ إِلَى منزله صلى رَكْعَتَيْنِ) . قلت: وَفِي الْبَاب أَيْضا عَن عَليّ بن أبي طَالب وَأبي مَسْعُود وَكَعب بن عجْرَة وَعبد الله بن أبي أوفى، فَحَدِيث عَليّ عِنْد الْبَراء فِي حَدِيث طَوِيل، وَفِيه: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يصل قبلهَا وَلَا بعْدهَا، فَمن شَاءَ فعل وَمن شَاءَ ترك) . وَحَدِيث أبي مَسْعُود عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير (عَن أبي مَسْعُود، قَالَ: لَيْسَ من السّنة الصَّلَاة قبل خُرُوج الإِمَام يَوْم الْعِيد) . وَحَدِيث كَعْب بن عجْرَة عِنْد الطَّبَرَانِيّ أَيْضا فِي حَدِيث وَفِيه: (إِن هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ سبْحَة هَذَا الْيَوْم حَتَّى تكون الصَّلَاة تدعوك) ، وَحَدِيث ابْن أبي أوفى عِنْده أَيْضا من رِوَايَة قَائِد أبي الورقاء، قَالَ: قدت عبد الله بن أبي أوفى فِي يَوْم الْعِيد إِلَى الْجَبانَة فَقَالَ: أدنني من الْمِنْبَر، فأدنيته فَجَلَسَ فَلم يصل قبلهَا وَلَا بعْدهَا، وَأخْبر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يصل قبلهَا وَلَا بعْدهَا، وقائد مَتْرُوك.

الْوَجْه الثَّالِث: إِتْيَانه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النِّسَاء بعد خطبَته وأمرهن بِالصَّدَقَةِ. وَفِيه: اسْتِحْبَاب عظتهن وتذكيرهن الْآخِرَة وحثهن على الصَّدَقَة، وَهَذَا إِذا لم يَتَرَتَّب عَلَيْهِ مفْسدَة وَخَوف على الْوَاعِظ والموعوظ أَو غَيرهمَا، وَهَذِه الْأَوْجه الثَّلَاثَة صرح بهَا ظَاهر الحَدِيث. وَفِيه: أَيْضا أَن صَدَقَة التَّطَوُّع لَا تحْتَاج إِلَى إِيجَاب وَقبُول بل يَكْفِي فِيهَا المعاطاة، لِأَنَّهُنَّ ألقين الصَّدَقَة فِي ثوب بِلَال من غير كَلَام مِنْهُنَّ وَلَا من بِلَال وَلَا من غَيره، وَهُوَ الصَّحِيح من مَذْهَب الشَّافِعِي، وَأكْثر الْعِرَاقِيّين قَالُوا: تفْتَقر إِلَى الْإِيجَاب وَالْقَبُول بِاللَّفْظِ كَالْهِبَةِ. وَفِيه: جَوَاز خُرُوج النِّسَاء للعيدين، وَاخْتلف السّلف فِي ذَلِك، فَرَأى جمَاعَة ذَلِك حَقًا عَلَيْهِنَّ مِنْهُم: أَبُو بكر وَعلي وَابْن عمر، وَغَيرهم وَقَالَ أَبُو قلَابَة: (قَالَت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: كَانَت الكواعب تخرج لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْفطر والأضحى) . وَكَانَ عَلْقَمَة وَالْأسود يخرجَانِ نِسَاءَهُمْ فِي الْعِيد ويمنعانهن الْجُمُعَة، وروى ابْن نَافِع عَن مَالك أَنه: لَا بَأْس أَن يخرج النِّسَاء إِلَى الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَة وَلَيْسَ بِوَاجِب،. وَمِنْهُم من مَنعهنَّ ذَلِك، مِنْهُم: عُرْوَة وَالقَاسِم وَالنَّخَعِيّ وَيحيى الْأنْصَارِيّ وَأَبُو يُوسُف وَأَجَازَهُ أَبُو حنيفَة مرّة وَمنعه مرّة، وَقَول: من رأى خروجهن أصح بِشَهَادَة السّنة الثَّابِتَة لَهُ. قلت: الْغَالِب فِي هَذَا الزَّمَان الْفِتْنَة وَالْفساد فَيَنْبَغِي أَن يمنعهن عَن ذَلِك مُطلقًا. وَفِيه: إِن النِّسَاء إِذا حضرن صَلَاة الرِّجَال ومجامعهم يكن بمعزل عَنْهُم خوفًا من الْفِتْنَة وَالْفساد. وَفِيه: جَوَاز صَدَقَة الْمَرْأَة من مَالهَا، وَعَن مَالك: لَا يجوز الزِّيَادَة على ثلث مَالهَا إلاّ برضى زَوجهَا.

٩٦٥ - حدَّثنا آدَمْ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثنا زُبَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ عنِ البَرَاءِ بنَ عازِبٍ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ أوَّلَ مَا نَبْدَأ بهِ فِي يَوْمِنَا هاذا أنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذالِكَ فقَدْ أصَابَ سُنَّتَنَا ومَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فإنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأِهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النّسْكِ فِي شَيءٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ يُقالُ لَهُ أبُو بُرْدَةَ بنَ نِيَارٍ يَا رسولَ الله ذَبَحْتُ وعِنْدِي جَذَعَةٌ خُيْرٌ منْ مُسِنَّةٍ فقالَ اجْعَلْهُ مكانَهُ ولَنْ تُوفِيَ أوْ تَجْزِيَ عنْ أحَدٍ بَعْدَكَ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقد ذكر الحَدِيث فِي: بَاب سنة الْعِيدَيْنِ لأهل الْإِسْلَام، غير أَنه رُوِيَ هُنَاكَ: عَن حجاج عَن شُعْبَة وَهَهُنَا عَن آدم بن أبي إِيَاس عَن شُعْبَة إِلَى آخِره نَحوه. وَزَاد هَهُنَا: (وَمن نحر قبل الصَّلَاة) إِلَى آخِره، وَقد ذكرنَا هُنَاكَ مَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَشْيَاء.

قَوْله: (ذبحت) أَي: قبل الصَّلَاة. قَوْله: (مُسِنَّة) ، هِيَ الَّتِي تدلت أسنانها، قَالَه الدَّاودِيّ، وَقَالَ غَيره: هِيَ الثَّنية. قَوْله: (إجعله مَكَانَهُ) ، إِنَّمَا ذكر الضميرين مَعَ أَنَّهُمَا يرجعان إِلَى الْمُؤَنَّث اعْتِبَارا لمسماهما، إِذْ الْجَذعَة عبارَة عَن معز ذِي سنة، والمسنة عَن معز ذِي سنتَيْن. قَوْله: (وَلنْ توفّي أَو تجزي) ، شكّ من الْبَراء. قَالَ الْخطابِيّ: يُقَال: وفى وأوفى بِمَعْنى وَاحِد، وَيُقَال جزى يَجْزِي هَهُنَا مهموزا، لِأَن المهموز لَا يسْتَعْمل مَعَه: عَن، عِنْد الْعَرَب، وَإِنَّمَا يَقُولُونَ: هَذَا يَجْزِي من هَذَا، أَي: يكون مَكَانَهُ، وَبَنُو تَمِيم يَقُولُونَ: أَجْزَأَ يجزىء بِالْهَمْزَةِ، وَقَالَ الْخطابِيّ: هَذَا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَخْصِيص لعين من الْأَعْيَان بِحكم مُنْفَرد وَلَيْسَ من بَاب النّسخ فَإِن الْمَنْسُوخ إِنَّمَا يَقع للْأمة عَامَّة غير خَاص لبَعْضهِم.

<<  <  ج: ص:  >  >>