إِسْحَاق بن مَنْصُور بِهِ وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن ابْن نمير عَن فُضَيْل بِهِ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن حميد بن مسْعدَة عَن بشر بن الْمفضل عَن شُعْبَة عَنهُ بِهِ (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " كُنَّا نسلم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي الصَّلَاة " وَفِي رِوَايَة أبي وَائِل " كُنَّا نسلم فِي الصَّلَاة ونأمر بحاجاتنا " وَفِي رِوَايَة أبي الْأَحْوَص " خرجت فِي حَاجَة وَنحن يسلم بَعْضنَا على بعض فِي الصَّلَاة " قَوْله " وَهُوَ فِي الصَّلَاة " جملَة حَالية قَوْله " فَيرد علينا " أَي يرد السَّلَام علينا وَهُوَ فِي الصَّلَاة قَوْله " فَلَمَّا رَجعْنَا من عِنْد النَّجَاشِيّ بِفَتْح النُّون وَقيل بِكَسْرِهَا وكل من ملك الْحَبَشَة يُسمى النَّجَاشِيّ كَمَا يُسمى كل من ملك الرّوم قيصرا وكل من ملك الْفرس يُسمى كسْرَى وكل من ملك التّرْك يُسمى خافانا وكل من ملك الْهِنْد يُسمى بطلميوسا وكل من ملك الْيمن يُسمى تبعا وَقَالَ ابْن إِسْحَاق لما احْتمل الْمُسلمُونَ من أَذَى الْكفَّار وَاشْتَدَّ ذَلِك عَلَيْهِم قصد بَعضهم الْهِجْرَة فِرَارًا بدينهم من الْفِتْنَة قَالَ وَلما رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا يُصِيب أَصْحَابه من الْبلَاء وَمَا هُوَ فِيهِ من الْعَافِيَة بمكانه من الله تَعَالَى وَمن عَمه أبي طَالب وَأَنه لَا يقدر على أَن يمنعهُم مِمَّا هم فِيهِ من الْبلَاء قَالَ لَهُم لَو خَرجْتُمْ إِلَى أَرض الْحَبَشَة فَإِن بهَا ملكا لَا يظلم عِنْده أحد وَهِي أَرض صدق حَتَّى يَجْعَل الله لكم فرجا مِمَّا أَنْتُم فِيهِ فَخرج عِنْد ذَلِك الْمُسلمُونَ من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أَرض الْحَبَشَة مَخَافَة الْفِتْنَة وفرارا إِلَى الله تَعَالَى بدينهم فَكَانَت أول هِجْرَة فِي الْإِسْلَام وَقَالَ الْوَاقِدِيّ كَانَت هجرتهم إِلَى الْحَبَشَة فِي رَجَب سنة خمس من النُّبُوَّة وَأَن أول من هَاجر مِنْهُم أحد عشر رجلا وَأَرْبع نسْوَة وَأَنَّهُمْ انْتَهوا إِلَى الْبَحْر مَا بَين ماش وراكب فاستأجروا سفينة بِنصْف دِينَار إِلَى الْحَبَشَة وهم عُثْمَان بن عَفَّان وَامْرَأَته رقية بنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو حُذَيْفَة بن عتبَة وَامْرَأَته سهلة بنت سُهَيْل وَالزُّبَيْر بن الْعَوام وَمصْعَب بن عُمَيْر وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَأَبُو سَلمَة بن عبد الْأسد وَامْرَأَته أم سَلمَة بنت أبي أُميَّة وَعُثْمَان بن مَظْعُون وعامر بن ربيعَة الْعَنزي وَامْرَأَته ليلى بنت أبي حثْمَة وَأَبُو سُبْرَة بن أبي دِرْهَم وحاطب بن عَمْرو وَسُهيْل بن بَيْضَاء وَعبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَقَالَ ابْن جرير وَقَالَ الْآخرُونَ كَانُوا اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ رجلا سوى نِسَائِهِم وَأَبْنَائِهِمْ وعمار بن يَاسر يشك فِيهِ فَإِن كَانَ فيهم فقد كَانُوا ثَلَاثَة وَثَمَانِينَ رجلا وَلما رجعُوا من عِنْد النَّجَاشِيّ كَانَ رجوعهم من عِنْده إِلَى مَكَّة وَذَلِكَ أَن الْمُسلمين الَّذين ذَكَرْنَاهُمْ أَنهم هَاجرُوا إِلَى الْحَبَشَة بَلغهُمْ أَن الْمُشْركين أَسْلمُوا فَرَجَعُوا إِلَى مَكَّة فوجدوا الْأَمر بِخِلَاف ذَلِك وَاشْتَدَّ الْأَذَى عَلَيْهِم فَخَرجُوا إِلَيْهَا أَيْضا فَكَانُوا فِي الْمرة الثَّانِيَة أَضْعَاف الأولى وَكَانَ ابْن مَسْعُود مَعَ الْفَرِيقَيْنِ وَاخْتلف فِي مُرَاده بقوله فَلَمَّا رَجعْنَا هَل أَرَادَ الرُّجُوع الأول أَو الثَّانِي فمالت جمَاعَة مِنْهُم أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ إِلَى الأول وَقَالُوا تَحْرِيم الْكَلَام كَانَ بِمَكَّة وحملوا حَدِيث زيد بن أَرقم على أَنه وَقَومه لم يبلغهم النّسخ وَقَالُوا لَا مَانع من أَن يتَقَدَّم الحكم ثمَّ تنزل الْآيَة بوفقه ومالت طَائِفَة إِلَى التَّرْجِيح فَقَالُوا بترجيح حَدِيث ابْن مَسْعُود فَإِنَّهُ حكى لفظ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِخِلَاف زيد فَلم يحكه وَقَالَت طَائِفَة إِنَّمَا أَرَادَ ابْن مَسْعُود رُجُوعه الثَّانِي وَقد ورد أَنه قدم الْمَدِينَة وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتجهز إِلَى بدر وروى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من طَرِيق أبي إِسْحَاق عَن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود قَالَ بعثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى النَّجَاشِيّ ثَمَانِينَ رجلا فَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ وَفِي آخِره " فتعجل عبد الله بن مَسْعُود فَشهد بَدْرًا " وَقَالَ ابْن إِسْحَق إِن الْمُؤمنِينَ وهم بِالْحَبَشَةِ لما بَلغهُمْ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَاجر إِلَى الْمَدِينَة رَجَعَ مِنْهُم إِلَى مَكَّة ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ رجلا فَمَاتَ مِنْهُم رجلَانِ بِمَكَّة وَحبس بهَا مِنْهُم سَبْعَة وَتوجه إِلَى الْمَدِينَة أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ رجلا فَشَهِدُوا بَدْرًا فَبَان من ذَلِك أَن ابْن مَسْعُود كَانَ من هَؤُلَاءِ وَأَن اجْتِمَاعهم بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَوْله " شغلا " بِضَم الشين والغين وبسكون الْغَيْن والتنوين فِيهِ للتنويع أَي نوعا من الشّغل لَا يَلِيق مَعَه الِاشْتِغَال بِغَيْرِهِ قَالَه الْكرْمَانِي وَيجوز أَن يكون للتعظيم أَي شغلا عَظِيما وَهُوَ اشْتِغَال بِاللَّه تَعَالَى دون غَيره فِي مثل هَذِه الْحَالة (ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) فِيهِ دلَالَة على أَن الْكَلَام كَانَ مُبَاحا فِي الصَّلَاة ثمَّ حرم وَكَذَلِكَ فِي حَدِيث زيد بن أَرقم الْآتِي ذكره وَاخْتلفُوا مَتى حرم فَقَالَ قوم بِمَكَّة وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث ابْن مَسْعُود ورجوعه من عِنْد النَّجَاشِيّ إِلَى مَكَّة وَقَالَ آخَرُونَ بِالْمَدِينَةِ بِدَلِيل حَدِيث زيد بن أَرقم فَإِنَّهُ من الْأَنْصَار أسلم بِالْمَدِينَةِ وَسورَة الْبَقَرَة مَدَنِيَّة وَقَالُوا ابْن مَسْعُود لما عَاد إِلَى مَكَّة من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute