مَسْعُود: يكبر مَا كبر إِمَامه، وروى مُسلم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى. قَالَ: كَانَ زيد بن أَرقم يكبر على جنائزنا خمْسا، فَسَأَلته، فَقَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكبرها، وَرَوَاهُ أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه والطَّحَاوِي، وَقَالَ: ذهب قوم إِلَى أَن التَّكْبِير على الْجَنَائِز خمس، وَأخذُوا بِهَذَا الحَدِيث. قلت: أَرَادَ بالقوم هَؤُلَاءِ: عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، وَعِيسَى مولى حُذَيْفَة وَأَصْحَاب معَاذ بن جبل وَأَبا يُوسُف من أَصْحَاب أبي حنيفَة، وَإِلَيْهِ ذهبت الظَّاهِرِيَّة والشيعة. وَفِي (الْمَبْسُوط) وَهِي رِوَايَة عَن أبي يُوسُف، وَقَالَ الْحَازِمِي: وَمِمَّنْ رأى التَّكْبِير على الْجِنَازَة خمْسا ابْن مَسْعُود وَزيد بن أَرقم وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان. وَقَالَ فرقة: يكبر سبعا، رُوِيَ ذَلِك عَن ذَر بن حُبَيْش. وَقَالَ فرقة: يكبر ثَلَاثًا روى ذَلِك عَن أنس وَجَابِر بن زيد، وَحَكَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس، وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: وَخَالفهُم فِي ذَلِك آخَرُونَ. قلت: أَرَادَ بهم مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَابْن سِيرِين وَالنَّخَعِيّ وسُويد بن غَفلَة وَالثَّوْري وَأَبا حنيفَة ومالكا وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأَبا مجلز لَاحق بن حميد، ويحكى ذَلِك عَن عمر بن الْخطاب وَابْنه عبد الله وَزيد بن ثَابت وَجَابِر وَابْن أبي أوفى وَالْحسن بن عَليّ والبراء بن عَازِب، وَأبي هُرَيْرَة وَعقبَة بن عَامر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَلم يذكر التَّسْلِيم هُنَا فِي حَدِيث النَّجَاشِيّ. وَذكر فِي حَدِيث سعيد ابْن الْمسيب رِوَايَة ابْن حبيب عَن مطرف عَن مَالك، وَاسْتَغْرَبَهُ ابْن عبد الْبر، قَالَ: إِلَّا أَنه لَا خلاف عَلمته بَين الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمن بعدهمْ من الْفُقَهَاء فِي السَّلَام، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا: هَل هِيَ وَاحِدَة أَو اثْنَتَانِ؟ فالجمهور على تَسْلِيمَة وَاحِدَة، وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي، وَقَالَت طَائِفَة: تسليمتان، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، وَهُوَ قَول الشّعبِيّ، وَرِوَايَة عَن إِبْرَاهِيم، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنهُ وَاحِدَة: عمر وَابْنه عبد الله وَعلي وَابْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة وَجَابِر وَأنس وَابْن أبي أوفى وواثلة وَسَعِيد بن جُبَير وَعَطَاء وَجَابِر بن زيد وَابْن سِيرِين وَالْحسن وَمَكْحُول وَإِبْرَاهِيم فِي رِوَايَة. وَقَالَ الْحَاكِم: صحت الرِّوَايَة فِي الْوَاحِدَة عَن عَليّ وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَجَابِر وَأبي هُرَيْرَة وَابْن أبي أوفى أَنهم كَانُوا يسلمُونَ تَسْلِيمَة وَاحِدَة، وَقَالَ ابْن التِّين: وَسَأَلَ أَشهب مَالِكًا: أتكره السَّلَام فِي صَلَاة الْجَنَائِز؟ قَالَ: لَا، وَقد كَانَ ابْن عمر يسلم. قَالَ: فاستناد مَالك إِلَى فعل ابْن عمر دَلِيل على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يسلم فِي صلَاته على النَّجَاشِيّ وَلَا على غَيره.
٦٤٢١ - حدَّثنا أبُو مَعْمَرٍ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَارِثِ قَالَ حدَّثنا أيُّوبُ عنْ حُمَيْدِ بنِ هِلَالٍ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخَذَ الرَّايةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ ثُمَّ أخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ ثُمَّ أخَذَهَا عَبْدُ الله بنُ رَوَاحَةَ فأُصِيبَ وَإنَّ عَيْنَيْ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَتَذْرِفَانِ ثُمَّ أخَذَهَا خالِدُ بنُ الوَلِيدِ منْ غَيْرِ إمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَخذ الرَّايَة زيد. .) إِلَى آخِره نعى مِنْهُ إِلَيْهِم، لِأَنَّهُ أخبر بموتهم. غَايَة مَا فِي الْبَاب أَنه صرح بالنعي فِي الحَدِيث السَّابِق وَهَهُنَا ذكره بِالْمَعْنَى، وَصرح بالنعي فِي عَلَامَات النُّبُوَّة حَيْثُ قَالَ:(إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعى زيدا وجعفرا. .) الحَدِيث.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَمعمر، بِفَتْح الميمين: عبد الله بن عَمْرو المقعد، وَعبد الْوَارِث ابْن سعيد وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ.
وَأخرج البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث أَيْضا فِي الْجِهَاد عَن يُوسُف بن يَعْقُوب وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم فرقهما، وَفِي عَلَامَات النُّبُوَّة: عَن سُلَيْمَان بن حَرْب وَفِي فضل خَالِد وَفِي الْمَغَازِي عَن أَحْمد بن وَاقد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْجَنَائِز عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أَخذ الرَّايَة زيد) ، وقصته فِي غَزْوَة مُؤْتَة، وَهِي مَوضِع فِي أَرض البلقاء من أَطْرَاف الشَّام، وَذَلِكَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرسل سَرِيَّة فِي جُمَادَى الأولى من سنة ثَمَان، وَاسْتعْمل عَلَيْهِم زيد بن حَارِثَة، وَقَالَ: إِن أُصِيب زيد فجعفر ابْن أبي طَالب على النَّاس، فَإِن أُصِيب جَعْفَر فعبد الله بن رَوَاحَة على النَّاس، فَخَرجُوا وهم ثَلَاثَة آلَاف فتلاقوا مَعَ الْكفَّار فَاقْتَتلُوا فَقتل زيد بن حَارِثَة ثمَّ أَخذ الرَّايَة جَعْفَر بن أبي طَالب فقاتل بهَا حَتَّى قتل، ثمَّ أَخذهَا عبد الله بن رَوَاحَة فقاتل بهَا حَتَّى قتل، ثمَّ أَخذهَا خَالِد بن الْوَلِيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَفتح الله على يَدَيْهِ. وَعَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعى زيدا