بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة. قد ذكرُوا بِهَذَا التَّرْتِيب فِي بَاب: حب الرَّسُول، عَلَيْهِ السَّلَام، وَأَبُو الْيَمَان: هُوَ الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب هُوَ ابْن حَمْزَة، وَأَبُو الزِّنَاد، بالنُّون، عبد الله بن ذكْوَان الْقرشِي، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْمدنِي الْقرشِي قيل: أصح أَسَانِيد أبي هُرَيْرَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَنهُ.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصّيام مطولا. وَأخرجه مُسلم وَلَفظه:(من يقم لَيْلَة الْقدر فيوافقها، أرَاهُ إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) . وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ والموطأ، وَلَفْظهمْ:(كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرغب فِي قيام رَمَضَان من غير أَن يَأْمُرهُم بعزيمة، فَيَقُول: من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا وإحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) . فَتوفي رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَالْأَمر على ذَلِك. ثمَّ كَانَ الْأَمر على ذَلِك فِي خلَافَة أبي بكر وصدرا من خلَافَة عمر: رَضِي الله عَنْهُمَا، وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم أَيْضا نَحوه، وَأخرج النَّسَائِيّ:(عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، رَضِي الله عَنهُ، أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر رَمَضَان بفضله على الشُّهُور) . وَقَالَ:(من قَامَ فِي رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه) . وَقَالَ: هَذَا خطأ، وَالصَّوَاب: أَنه عَن أبي هُرَيْرَة.
بَيَان اللُّغَات: قَوْله: (من يقم) ، بِفَتْح الْيَاء، من قَامَ يقوم، وَهُوَ مُتَعَدٍّ هَهُنَا، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِي رِوَايَة أُخْرَى للْبُخَارِيّ وَمُسلم: عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: (سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لرمضان: من قامه إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) . وَفِي رِوَايَة للنسائي:(فَمن صَامَهُ وقامه إِيمَانًا واحتسابا خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه) . قَوْله:(إِيمَانًا) ، أَي تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حق وَطَاعَة. قَوْله:(واحتسابا) ، أَي: إِرَادَة وَجه الله تَعَالَى لَا لرياء وَنَحْوه، فقد يفعل الْإِنْسَان الشَّيْء الَّذِي يعْتَقد أَنه صَادِق، لَكِن لَا يَفْعَله مخلصا، بل لرياء أَو خوف أَو نَحْو ذَلِك، يُقَال احتسابا أَي: حَسبه الله تَعَالَى. يُقَال: احتسبت بِكَذَا أجرا عِنْد الله تَعَالَى، وَالِاسْم الْحِسْبَة، وَهِي الْأجر. وَفِي (الْعباب) : احتسبت بِكَذَا أجرا عِنْد الله، أَي: اعتددته أنوي بِهِ وَجه الله تَعَالَى، وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام:(من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا) الحَدِيث واحتسبت عَلَيْهِ كَذَا: أَي أنكرته عَلَيْهِ، قَالَه ابْن دُرَيْد، وَمِنْه: محتسب الْبَلَد. قَوْله:(غفر لَهُ) من الغفر، وَهُوَ السّتْر، وَمِنْه المغفر وَهُوَ الخودة، وَفِي (الْعباب) الغفر التغطية، والغفر والغفران وَالْمَغْفِرَة وَاحِد، ومغفرة الله لعَبْدِهِ إلباسه إِيَّاه الْعَفو وستره ذنُوبه.
بَيَان الْإِعْرَاب والمعاني: قَوْله: (من يقم) ، كلمة: من، شَرْطِيَّة، و: يقم، جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَقعت فعل الشَّرْط، قَوْله:(لَيْلَة الْقدر) كَلَام إضافي مفعول بِهِ، ليقمْ، وَلَيْسَ بمفعول فِيهِ. قَوْله:(إِيمَانًا واحتسابا) منصوبان على أَنَّهُمَا حالان متداخلتان أَو مترادفتان على تَأْوِيل: مُؤمنا ومحتسبا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَحِينَئِذٍ لَا تدل على تَرْجَمَة الْبَاب، إِذْ الْمَفْهُوم مِنْهُ لَيْسَ إلَاّ الْقيام فِي حَال الْإِيمَان، وَفِي زَمَانه مشْعر بِأَنَّهُ من جملَته. قلت: لَيْسَ المُرَاد من لَفظه: إِيمَانًا، هُوَ الْإِيمَان الشَّرْعِيّ، وَإِنَّمَا المُرَاد هُوَ الْإِيمَان