بِكَسْر الْهمزَة وَكسر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره رَاء، وَهُوَ نبت مَعْلُوم وَله أصل مندفن وقضبان دقاق ذفر الرّيح، وَهُوَ مثل الأسل، أسل الكولان، إِلَّا أَنه أعرض وأصغر كعوبا وَله ثَمَرَة كَأَنَّهَا مكاميع الْقصب إلَاّ أَنَّهَا أرق وأصغر. وَقَالَ أَبُو زِيَاد: الْإِذْخر: يشبه فِي نَبَاته الغرز، والغرز نَبَاته نَبَات الأسل الَّذِي يعْمل مِنْهُ الْحصْر، والإذخر أدق مِنْهُ وَله كعوب كَثِيرَة وَهُوَ يطحن فَيدْخل فِي الطّيب. وَقَالَ أَبُو النَّصْر: هُوَ من الذُّكُور، وَإِنَّمَا الذُّكُور من البقل، وَلَيْسَ الْإِذْخر من البقل، وَله أرومة فينبت فِيهَا فَهُوَ بالحلبة أشبه. وَقَالَ أَبُو عمر: هُوَ من الحلبة، وقلما ينْبت الْإِذْخر مُنْفَردا، وَهُوَ ينْبت فِي السهول والحزون وَإِذا جف الْإِذْخر ابيضَّ. وَفِي شرح أَلْفَاظ المنصوري) : الْإِذْخر خشب يجلب من الْحجاز، وبالمغرب صنف مِنْهُ. قيل: هَذَا أصح مَا قيل فِي الْإِذْخر، وَيدل عَلَيْهِ قَول ابْن عَبَّاس: لبيوتهم وقبورهم، فَإِن الْبيُوت مَا تسقف إِلَّا بالخشب وَلَا يَجْعَل على اللحود إلَاّ الْخشب. قلت: قدذكرنا أَنه تنسد بِهِ الْفرج الَّتِي تتخلل بَين اللبنات بِدَلِيل قَوْله: والحشيش، فَإِن الْحَشِيش لَا يسقف بِهِ، لِأَنَّهُ غير متماسك لَا رطبا وَلَا يَابسا.
٩٤٣١ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله بنِ حَوْشَبٍ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ قَالَ حدَّثنا خالِدٌ عنْ عِكْرَمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ حَرَّمَ الله عَزَّ وَجَلَّ مَكَّةَ فلَمْ تَحِلُّ لأِحَدٍ قَبْلِي وَلَا لأِحَدٍ بَعْدِي أحِلَّتْ لي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ لَا يخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا ييُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إلَاّ لِمُعَرِّفٍ فَقَالَ العَبَّاسُ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ إلَاّ الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا فَقَالَ إلَاّ الإذْخِرَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إلَاّ الْإِذْخر) إِلَى آخِره.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة كلهم ذكرُوا، وَعبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، وخَالِد هُوَ الْحذاء.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْحَج عَن أبي مُوسَى عَن عبد الْوَهَّاب، وَفِي الْبيُوع عَن إِسْحَاق عَن خَالِد، وَفِي اللّقطَة قَالَ: قَالَ خَالِد: عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس ... إِلَى آخِره.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (حرم الله مَكَّة) أَي: جعلهَا حَرَامًا، وَقد فسره بقوله: (فَلم تحل لأحد قبلي وَلَا لأحد بعدِي) ، وَلَفظه فِي الْحَج: عَن طَاوُوس عَن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَوْم فتح مَكَّة: (إِن هَذَا الْبَلَد حرمه الله. .) الحَدِيث، وَفِي غَزْوَة الْفَتْح: (أَن الله حرم مَكَّة يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض، فَهِيَ حرَام بِحرَام الله تَعَالَى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة) ، وَلَفظ مُسلم: (إِن هَذَا الْبَلَد حرمه الله تَعَالَى يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فَهِيَ حرَام بِحرْمَة الله تَعَالَى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة) . وَأخرجه الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن مَكَّة حرَام حرمهَا الله تَعَالَى يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر) . وَأخرجه الطَّحَاوِيّ أَيْضا عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن الله عز وَجل، حرم مَكَّة يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر، ووضعها بَين هذَيْن الأخشبين. .) الحَدِيث. وَقَالَ الْبَزَّار: وَهَذَا الحَدِيث قد رُوي عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، من غير وَجه، وَعَن غير ابْن عَبَّاس بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة ومعانيها قريبَة. قَوْله: (الأخشبين) أَي: الجبلين المطيفين بِمَكَّة، وهما أَبُو قبيس والأحمر، وَهُوَ جبل مشرف وَجهه على قعيقعان، والأخشب: كل جبل خشن غليظ. وَفِي الحَدِيث: (لَا تَزُول مَكَّة حَتَّى يَزُول أخشباها) . قَوْله: (سَاعَة من نَهَار) ، لم يرد بهَا السَّاعَة من الإثني عشر سَاعَة، وَالْمرَاد بهَا: الْقَلِيل من الْوَقْت وَالزَّمَان، وَإنَّهُ كَانَ بعض النَّهَار وَلم يكن يَوْمًا تَاما، وَدَلِيله: (وَقد عَادَتْ حرمتهَا الْيَوْم كحرمتها بالْأَمْس) . وَقيل: أَرَادَ بِهِ سَاعَة الْفَتْح أبيحت لَهُ إِرَاقَة الدَّم فِيهَا، دون الصَّيْد، وَقطع الشّجر وَنَحْوهمَا. قَوْله: (لَا يخْتَلى خَلاهَا) أَي: لَا يقطع كلاؤها، والخلا، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة مَقْصُورا: الرطب من الْكلأ، كَمَا أَن الْحَشِيش اسْم الْيَابِس مِنْهُ، والواحدة خلاة، ولامه: يَاء، لقَولهم: خليت البقل: قطعته. وَفِي (الْمُخَصّص) : تَقول: خليت الخلا خليا: جززته. وَفِي (الْمُحكم) : وَقيل: الخلا، كل بقلة قطعتها، وَقد يجمع الخلا على أخلاء، حَكَاهُ أَبُو حنيفَة وأخلت الأَرْض: كثر خَلاهَا، واختلاه: جزه. وَقَالَ اللحياني: نَزعه. وَقَالَ القَاضِي: وَمعنى: لَا يخْتَلى خَلاهَا؛ لَا يحصد كلاها، مَقْصُور ومده بعض الروَاة، وَهُوَ خطأ. والاختلاء: الْقطع، فعل مُشْتَقّ من الخلا. والمخلا مَقْصُورَة: حَدِيدَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute