للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي أَنه أَخذ جُزْء مِنْهُ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ، وَأما الْمُنَاسبَة بَينه وَبَين الحَدِيث الْمُعَلق فَهِيَ أَن الْمَذْكُور فِيهِ الْمحبَّة، فَهِيَ إِمَّا مجَاز عَن الِاسْتِحْسَان، يَعْنِي: أحسن الْأَدْيَان هُوَ الْملَّة الحنيفية، والْحَدِيث الْمسند دلّ على الْحسن، لِأَن فِيهِ أوَامِر، والمأمور بِهِ سَوَاء كَانَ وَاجِبا أَو مَنْدُوبًا حسن، وَإِمَّا حَقِيقَة عَن إِرَادَة إِيصَال الثَّوَاب إِلَيْهِ، وَذَلِكَ فِي الْمَأْمُور بِهِ وَاجِبا أَو مَنْدُوبًا، إِذْ لَا ثَوَاب فِي غَيره.

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة الأول: عبد السَّلَام بن مطهر، بِصِيغَة الْمَفْعُول من التَّطْهِير بِالطَّاءِ الْمُهْملَة بن حسام بن مصك بن ظَالِم بن شَيْطَان، الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ، وكنيته: أَبُو ظفر، بِفَتْح الظَّاء الْمُعْجَمَة وَالْفَاء، روى عَن جمع من الْأَعْلَام مِنْهُم شُعْبَة، وروى عَنهُ الْأَعْلَام مِنْهُم البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم، وَسُئِلَ عَنهُ فَقَالَ: هُوَ صَدُوق، توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: عمر بن عَليّ بن عَطاء بن مقدم، بِفَتْح الدَّال الْمُشَدّدَة، أَبُو حَفْص الْمقدمِي الْبَصْرِيّ، وَالِد عَاصِم وَمُحَمّد، وَهُوَ أَخُو أبي بكر، سمع جمعا من التَّابِعين مِنْهُم هِشَام بن عُرْوَة، وَعنهُ خلق من الْأَعْلَام مِنْهُم ابْنه عَاصِم وَعَمْرو بن عَليّ، وَكَانَ مدلسا، قَالَ ابْن سعد: كَانَ ثِقَة وَكَانَ يُدَلس تدليسا شَدِيدا، يَقُول: سَمِعت وَحدثنَا، ثمَّ يسكت، ثمَّ يَقُول: هِشَام بن عُرْوَة الْأَعْمَش. وَقَالَ عَفَّان: كَانَ رجلا صَالحا، وَلم يَكُونُوا ينقمون عَلَيْهِ غير التَّدْلِيس، وَلم أكن أقبل مِنْهُ حَتَّى يَقُول: حَدثنَا، وَقَالَ البُخَارِيّ: قَالَ ابْنه عَاصِم: مَاتَ سنة تسعين وَمِائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة. الثَّالِث: معن، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة، ابْن مُحَمَّد بن معن بن نَضْلَة الْغِفَارِيّ الْحِجَازِي، سمع حميدا، وَعنهُ جمع مِنْهُم ابْن جريج، ذكره ابْن حبَان فِي ثقاته، روى لَهُ الْجَمَاعَة وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه. الرَّابِع: سعيد بن أبي سعيد وَاسم أبي سعيد: كيسَان، المَقْبُري الْمدنِي، أَبُو سعد، بِسُكُون الْعين، روى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، قَالَ أَبُو زرْعَة: ثِقَة، وَقَالَ أَحْمد: لَا بَأْس بِهِ، وَقَالَ ابْن سعد: كَانَ ثِقَة كثير الحَدِيث وَلكنه كبر وَبَقِي حَتَّى اخْتَلَط قبل مَوته، وَقدم الشَّام مرابطا، وَحدث ببيروت. وَقَالَ غَيره: اخْتَلَط قبل مَوته بِأَرْبَع سِنِين، توفّي سنة خمس وَعشْرين وَمِائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة. الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنهُ.

بَيَان الْأَنْسَاب: الْأَزْدِيّ: نِسْبَة إِلَى الأزد بن الْغَوْث بن نبت بن ملكان بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، يُقَال لَهُ: الأزد بالزاي، و: الْأسد، بِالسِّين. والمقدمي: بِضَم الْمِيم وَفتح الدَّال: نِسْبَة إِلَى مقدم أحد الأجداد، والغفاري، بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة نِسْبَة إِلَى غفار بن مليل بن ضَمرَة بن بكر بن عبد مَنَاة بن كنَانَة. والمقبري، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْقَاف وَضم الْبَاء الْمُوَحدَة، وَقيل بِفَتْحِهَا، نِسْبَة إِلَى: مَقْبرَة بِالْمَدِينَةِ كَانَ مجاورا لَهَا، وَقيل: كَانَ منزله عِنْد الْمَقَابِر، وَهُوَ بِمَعْنى الأول، وَقيل: جعله عمر على حفر الْقُبُور، فَلذَلِك قيل لَهُ: المَقْبُري، حَكَاهُ الْحَرْبِيّ وَغَيره، وَيحْتَمل أَنه اجْتمع فِيهِ ذَلِك كُله: فَكَانَ على حفرهَا، ونازلاً عِنْدهَا، والمقبري صفة لأبي سعيد وَالِد سعيد الْمَذْكُور، وَكَانَ مكَاتبا لامْرَأَة من بني لَيْث بن بكر.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والعنعنة؛ وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين مدنِي وبصري. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة مُدَلّس شَدِيد بعن، وَلكنه مَحْمُول على ثُبُوت سَمَاعه من جِهَة أُخْرَى، وكل مَا كَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن المدلسين بعن، فَمَحْمُول على سماعهم من جِهَة أُخْرَى.

بَيَان نوع الحَدِيث: هُوَ أَمن أَفْرَاد البُخَارِيّ عَن مُسلم. فَإِن قلت: قد قيل: فِيهِ عِلَّتَانِ إِحْدَاهمَا: أَنه رِوَايَة مُدَلّس بالعنعنة. وَالْأُخْرَى: أَنه رِوَايَة معن عَن سعيد، وَسَعِيد كَانَ قد اخْتَلَط قلت: الْجَواب عَن الأول مَا ذكرته الْآن، مَعَ أَنه صرح بِالسَّمَاعِ من طَرِيق أُخْرَى، فقد رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه من طَرِيق أَحْمد بن الْمِقْدَام، أحد شُيُوخ البُخَارِيّ، عَن عَمْرو بن عَليّ الْمَذْكُور، قَالَ: سَمِعت معن بن مُحَمَّد فَذكره، وَهُوَ من أَفْرَاد معن بن مُحَمَّد وَهُوَ مدنِي ثِقَة قَلِيل الحَدِيث، لَكِن تَابعه على شقَّه الثَّانِي ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد، أخرجه البُخَارِيّ فِي كتاب الرقَاق بِمَعْنَاهُ، وَلَفظه: (سددوا وقاربوا) . وَزَاد فِي آخِره: (الْقَصْد الْقَصْد تبلغوا) وَلم يذكر شقَّه الأول، وَله شَوَاهِد مِنْهَا حَدِيث عُرْوَة الْفُقيْمِي، بِضَم الْفَاء وَفتح الْقَاف، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِن دين الله يسر) رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن، وَمِنْهَا: حَدِيث بُرَيْدَة، أخرجه أَحْمد أَيْضا بِإِسْنَاد حسن. قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (عَلَيْكُم هَديا قَاصِدا فَإِنَّهُ من يشاد هَذَا الدّين يغلبه) . وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي: أَن سَماع معن عَن سعيد كَانَ قبل اخْتِلَاطه، وَلَو لم يَصح ذَلِك عِنْد البُخَارِيّ لما أودعهُ فِي كِتَابه الَّذِي سَمَّاهُ (صَحِيحا) . فَافْهَم.

<<  <  ج: ص:  >  >>