للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعمرا رَأسه عِنْد رجْلي النبيصلى الله عَلَيْهِ وَسلم) . وَقَالَ صَاحب (الْهِدَايَة) : ويسنم الْقَبْر من التسنيم، وتسنيمه، رَفعه من الأَرْض، مِقْدَار شبر أَو أَكثر قَلِيلا. وَفِي (ديوَان الْأَدَب) : يُقَال: قبر مسنم، أَي: غير مسطح، وَبِه قَالَ مُوسَى بن طَلْحَة وَيزِيد بن أبي حبيب، وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَمَالك وَأحمد. وَفِي (الْمُغنِي) : وَاخْتَارَ التسنيم أَبُو عَليّ الطَّبَرِيّ وَأَبُو عَليّ بن أبي هُرَيْرَة والجويني وَالْغَزالِيّ وَالرُّويَانِيّ والسرخسي، وَذكر القَاضِي حُسَيْن اتِّفَاقهم عَلَيْهِ، وخالفوا الشَّافِعِي فِي ذَلِك، وَالْجَوَاب عَمَّا رَوَاهُ الشَّافِعِي: أَنه ضَعِيف ومرسل وَهُوَ لَا يحْتَج بالمرسل، وَعَما رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: أَن المُرَاد من المشرفة الْمَذْكُورَة فِيهِ هِيَ المبنية الَّتِي يطْلب بهَا المباهاة، وَعَما رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَن رِوَايَة البُخَارِيّ تعارضها. فَإِن قلت: قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَالْبَغوِيّ: وَرِوَايَة الْقَاسِم بن مُحَمَّد أصح، وَأولى أَن تكون مَحْفُوظَة، قلت: قَالَ صَاحب (اللّبَاب) : هَذِه كبوة مِنْهُمَا بِمَا رفلا فِيهِ من ثِيَاب التعصب والعناد، وإلَاّ فَأَحْمَد يرجح رِوَايَة أبي دَاوُد على رِوَايَة البُخَارِيّ فِي (صَحِيحه) . وَقَالَ صَاحب (الْمُغنِي) : رِوَايَة البُخَارِيّ أصح وَأولى. وَقَالَ شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ: التربيع من شعار الرافضة، وَقَالَ ابْن قدامَة: التسطيح هُوَ شعار أهل الْبدع، فَكَانَ مَكْرُوها. وَقَالَ الْمُزنِيّ فِي (كتاب الْجَنَائِز) : إِذا ثَبت أحد الْخَبَرَيْنِ المسطح أَو المسنم فَأشبه الْأَمريْنِ بِالْمَيتِ مَا لَا يشبه المصانع ليجلس عَلَيْهِ، والمسطح يشبه مَا يصنع للجلوس، وَلَيْسَ المسنم هُوَ مَوضِع الْجُلُوس، وَقد نهى عَن الْجُلُوس على الْقُبُور. وَقَالَ الْمُزنِيّ؛ وَفِي التسنيم منع الْجُلُوس فَهُوَ أمنع من أَن يجلس عَلَيْهَا، وأشبه بِأَمْر الْآخِرَة، وَلَكِن لَا يُزَاد فِيهِ أَكثر من ترابه، وَيعلم ليعرف فيدعى لَهُ، وَقَالَ بَعضهم: وَقَول سُفْيَان التمار لَا حجَّة فِيهِ، كَمَا قَالَه الْبَيْهَقِيّ لاحْتِمَال أَن قَبره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن فِي الأول مسنما، ثمَّ ذكر مَا ذَكرْنَاهُ عَن أبي دَاوُد. قلت: قد أبعد عَن مَنْهَج الصَّوَاب من يحْتَج بالإحتمال، مَعَ أَن هَذَا الْقَائِل لَا يقدم شَيْئا على رِوَايَة البُخَارِيّ، وَعند قيام التعصب يحيد عَن ذَلِك، ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل: ثمَّ الإختلاف فِي ذَلِك أَيهمَا أفضل لَا فِي أصل الْجَوَاز، ثمَّ قَالَ: ويرجح التسطيح مَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث فضَالة بن عبيد أَنه مر بِقَبْر فسوي، ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَأْمر بتسويتها قلت: إِنَّمَا أَمر بالتسوية لأجل الْبناء الَّذِي يبْنى عَلَيْهَا، وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ للمباهاة كَمَا ذكرنَا، وَذكر الْحَافِظ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النجار فِي كِتَابه (الدرة الثمينة فِي أَخْبَار الْمَدِينَة) : أَن قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقبر صَاحِبيهِ فِي صفة بَيت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. قَالَ: وَفِي الْبَيْت مَوضِع قبر فِي السهوة المشرفة، قَالَ سعيد بن الْمسيب: فِيهِ يدْفن عِيسَى ابْن مَرْيَم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. وَعَن عبد الله بن سَلام، قَالَ: يدْفن عِيسَى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيكون قَبره رَابِعا. وَعَن عُثْمَان بن نسطاس، قَالَ: رَأَيْت قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما هَدمه عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مرتفعا نَحْو أَرْبَعَة أَصَابِع، وَرَأَيْت قبر أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَرَاء قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وقبر عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَسْفَل مِنْهُ، وَعَن عمْرَة عَن عَائِشَة، قَالَت: رَأس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا يَلِي الْمغرب، وَرَأس أبي بكر عِنْد رجلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعمر خلف ظهر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعَن نَافِع بن أبي نعيم قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمامهما إِلَى الْقبْلَة مقدما ثمَّ قبر أبي بكر حذاء مَنْكِبي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وقبر عمر حذاء مَنْكِبي أبي بكر، وَعَن مُحَمَّد بن الْمُبَارك. قَالَ: قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَكَذَا، وقبر أبي بكر خَلفه، وقبر عمر عِنْد رجْلي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ ابْن عقيل: قبر أبي بكر عِنْد رجلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وقبر عمر عِنْد رجْلي أبي بكر. وَقَالَ ابْن التِّين: يُقَال: إِن أَبَا بكر خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد جَازَ ملحده ملحد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَرَأس عمر عِنْد رجْلي أبي بكر قد حازت رِجْلَاهُ رجْلي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد ذكرت فِي صفة قُبُورهم أَقْوَال فالأكثر هَكَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>