وَقد استدلت جمَاعَة على فَضِيلَة الشَّيْخَيْنِ بمجاورتهما ملحده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولقرب طينهما من طينه، لما فِي حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ فِي الحبشي الْمَذْكُور فِي أَوَائِل الْبَاب، وَله شَوَاهِد أَكْثَرهَا صَحِيحَة. مِنْهَا: حَدِيث جُنْدُب بن سُفْيَان يرفعهُ: (إِذا أَرَادَ الله قبض عبد بِأَرْض جعل لَهُ بهَا حَاجَة) . وَحَدِيث ابْن مَسْعُود ومطرز بن مكامس وَعُرْوَة بن مُضرس بِنَحْوِهِ. وَفِي (الْحِلْية) لأبي نعيم الْحَافِظ: عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (مَا من مَوْلُود إلَاّ وَقد ذَر عَلَيْهِ من تُرَاب حفرته) . وَقَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب. وَفِي (نَوَادِر الْأُصُول) للحكيم أبي عبد الله التِّرْمِذِيّ من حَدِيث مرّة الطّيب عَن عبد الله بن مَسْعُود (أَن الْملك الْمُوكل بالرحم يَأْخُذ النُّطْفَة فيعجنها بِالتُّرَابِ الَّذِي يدْفن فِي بقعته، فَذَلِك قَوْله تَعَالَى:{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وفيهَا نعيدكم} (طه: ٥٥) . وَفِي (التَّمْهِيد) من حَدِيث عبد الْوَهَّاب بن عَطاء الْخفاف: حَدثنَا أبي عَن دَاوُد بن أبي هِنْد حَدثنِي عَطاء الْخُرَاسَانِي: (أَن الْملك ينْطَلق فَيَأْخُذ من تُرَاب الْمَكَان الَّذِي يدْفن فِيهِ، فيذره على النُّطْفَة فتخلق من التُّرَاب، وَمن النُّطْفَة، فَذَلِك قَوْله تَعَالَى:{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وفيهَا نعيدكم وَمِنْهَا نخرجكم تَارَة أُخْرَى} (طه: ٥٥) . وَعند التِّرْمِذِيّ أبي عبد الله، قَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين: لَو حَلَفت حَلَفت صَادِقا بارا غير شاكٍ وَلَا مستثن أَن الله تَعَالَى مَا خلق نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا أَبَا بكر وَلَا عمر إلَاّ من طِينَة وَاحِدَة، ثمَّ ردهم إِلَى تِلْكَ الطينة.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن حَائِط مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سقط وبدا قدم ففزعوا وظنوا أَنَّهَا قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم تكن إلَاّ قدم عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، دلّ هَذَا على قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي الْقَبْر، والترجمة فِي قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: فَرْوَة، بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الرَّاء: ابْن أبي المغراء، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وبالراء وبالمد وبالقصر: أَبُو الْقَاسِم. الثَّانِي: عَليّ بن مسْهر، بِضَم الْمِيم: مر فِي مُبَاشرَة الْحَائِض. الثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة. الرَّابِع: أَبوهُ عُرْوَة. الْخَامِس: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي خَمْسَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده روى عَنهُ، وَقَالَ: مَاتَ سنة خمس وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ وَشَيْخه كوفيان وَهِشَام وَأَبوهُ مدنيان. وَفِيه: حَدثنَا عَليّ بن حُسَيْن فِي رِوَايَة أبي ذَر، كَذَا هُوَ مَذْكُور باسم أَبِيه، وَفِي رِوَايَة غَيره لم يذكر اسْم أَبِيه.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لما سقط عَلَيْهِم الْحَائِط) أَي: حَائِط حجرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ: (لما سقط عَنْهُم) ، وَالسَّبَب فِي ذَلِك مَا رَوَاهُ أَبُو بكر الْآجُرِيّ من طَرِيق شُعَيْب بن إِسْحَاق عَن هِشَام بن عُرْوَة قَالَ أَخْبرنِي