مطابقته للتَّرْجَمَة تفهم مماذ ذكرنَا الْآن، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَإِسْحَاق هَذَا ابْن أخي أنس بن مَالك، وَأَبُو طَلْحَة اسْمه زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ فِي الْوَصَايَا عَن عبد الله بن يُوسُف، وَفِي الْوكَالَة عَن يحيى بن يحيى، وَفِي الْوَصَايَا وَفِي الإشربة عَن القعْنبِي، وَفِي التَّفْسِير عَن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن يحيى ابْن يحيى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن هَارُون بن عبد الله.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أَكثر الْأَنْصَار) ، بِالنّصب لِأَنَّهُ خبر: كَانَ. قَوْله:(مَالا) ، نصب على التَّمْيِيز أَي: من حَيْثُ المَال، وَكلمَة: من، فِي:(من نخل) للْبَيَان. قَوْله:(بيرحاء) ، اخْتلفُوا فِي ضَبطه على أوجه جمعهَا ابْن الْأَثِير فِي (النِّهَايَة) فَقَالَ: يرْوى بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة، وبكسرها، وبفتح الرَّاء وَضمّهَا، وبالمد وَالْقصر، وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة: بريحا، بِفَتْح أَوله وَكسر الرَّاء وتقديمها على الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَفِي (سنَن أبي دَاوُد) بأريحاء، مثله لَكِن بِزِيَادَة ألف. وَقَالَ الْبَاجِيّ: أفصحها بِفَتْح الْبَاء وَسُكُون الْيَاء وَفتح الرَّاء مَقْصُور، وَكَذَا جزم بِهِ الصغاني. وَقَالَ: إِنَّه فيعلاً من: البراح. قَالَ: وَمن ذكره بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَظن أَنَّهَا: بِئْر، من أبار الْمَدِينَة فقد صحف. وَقَالَ القَاضِي: روينَا بِفَتْح الْبَاء وَالرَّاء وَضمّهَا مَعَ كسر الْبَاء، وَمِنْهُم من قَالَ: من رفع الرَّاء وألزمها حكم الْإِعْرَاب فقد أَخطَأ. وَقَالَ: وبالرفع قرأناه على شُيُوخنَا بالأندلس، وَالرِّوَايَات فِيهِ الْقصر، وروينا أَيْضا بِالْمدِّ، وَهُوَ حَائِط سمي بِهَذَا الإسم وَلَيْسَ اسْم بِئْر، وَقَالَ التَّيْمِيّ: هُوَ بِالرَّفْع اسْم كَانَ (وَأحب) خَبره، وَيجوز بِالْعَكْسِ و: حا، مَقْصُور كَذَا الْمَحْفُوظ، وَيجوز أَن يمد فِي اللُّغَة، يُقَال: هَذِه حاء بِالْقصرِ وَالْمدّ، وَقد جَاءَ: حا، فِي اسْم قَبيلَة، وبير حاء، بُسْتَان. وَكَانَت بساتين الْمَدِينَة تدعى بالآبار الَّتِي فِيهَا أَي الْبُسْتَان الَّتِي فِيهِ بِئْر حا، أضيف الْبِئْر إِلَى: حا، ويروى: بير حا، بِفَتْح الْبَاء وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة وَفتح الرَّاء، هُوَ اسْم مَقْصُور وَلَا يَتَيَسَّر فِيهِ إِعْرَاب، أَي: فَهُوَ كلمة وَاحِدَة لَا مُضَاف وَلَا مُضَاف إِلَيْهِ. قَالَ: وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع رفع، وَأَن يكون فِي مَوضِع نصب، ويروى:(وَأَن أحب أَمْوَالِي بير حا) ، فعلى هَذَا مَحَله رفع وَهُوَ اسْم بُسْتَان، وَقَالَ ابْن التِّين: قيل: حا، اسْم امْرَأَة، وَقيل: اسْم مَوضِع وَهُوَ مَمْدُود وَيجوز قصره. وَفِي (مُعْجم أبي عبيد) : حا، على لفظ حرف الهجاء مَوضِع بِالشَّام، و: حا، آخر، مَوضِع بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ الَّذِي ينْسبهُ إِلَيْهِ بِئْر حا، وَرَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت، أرِيحَا، خرجه أَبُو دَاوُد وَلَا أعلم أرِيحَا إلَاّ بِالشَّام. وَقيل: سميت بيرحا، بزجر الْإِبِل عَنْهَا، وَذَلِكَ أَن الْإِبِل إِذا زجرت عَن المَاء، وَقد رويت: حاحا، وَقيل: بير حا، من البرح وَالْيَاء زَائِدَة. وَفِي (الْمُنْتَهى) : بيرح اسْم رجل، زَاد فِي (الواعي) : الْيَاء فِيهِ زَائِدَة. قَوْله:(وَكَانَت) أَي: بيرحا (مُسْتَقْبلَة الْمَسْجِد) أَو مُقَابلَته، وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَهَذَا الْموضع يعرف بقصر بني جديلة، بِفَتْح الْجِيم وَكسر الدَّال الْمُهْملَة، قبلي الْمَسْجِد، وَفِي (التَّلْوِيح) : هُوَ مَوضِع بِقرب الْمَسْجِد يعرف بقصر بني حديلة، وضبطها بِالْكِتَابَةِ: بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الدَّال. قلت: الصَّوَاب بِالْجِيم. قَوْله:(من مَاء فِيهَا) أَي: فِي بيرحا. قَوْله:(طيب) بِالْجَرِّ لِأَنَّهُ صفة للْمَاء. قَوْله:(فَلَمَّا أنزلت هَذِه الْآيَة) وَهِي قَوْله تَعَالَى: {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون}(آل عمرَان: ٢٩) . قَالَ ابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة أبي صَالح: لن تنالوا مَا عِنْد الله من ثَوَابه فِي الْجنَّة حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون من الصَّدَقَة، أَي: بعض مَا تحبون من الْأَمْوَال. وَقَالَ الضَّحَّاك: يَعْنِي لن تدْخلُوا الْجنَّة حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون، يَعْنِي: تخرجُونَ زَكَاة أَمْوَالكُم طيبَة بهَا أَنفسكُم، وَفِي رِوَايَة عَن ابْن عَبَّاس: هَذِه الْآيَة مَنْسُوخَة، نسختها آيَة الزَّكَاة. قَوْله:{وَمَا تنفقوا من شَيْء}(آل عمرَان: ٢٩) . يَعْنِي: الصَّدَقَة وصلَة الرَّحِم، {فَإِن الله بِهِ عليم}(آل عمرَان: ٢٩) . أَي: مَا يخفى عَلَيْهِ فيثيبكم عَلَيْهِ، وَرُوِيَ عَن عبد الله ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنه اشْترى جَارِيَة جميلَة وَهُوَ يُحِبهَا، فَمَكثت عِنْده أَيَّامًا فَأعْتقهَا فَزَوجهَا من رجل فولد لَهَا ولد، فَكَانَ يَأْخُذ وَلَدهَا ويضمه إِلَى نَفسه، فَيَقُول: إِنِّي أَشمّ مِنْك ريح أمك. فَقيل لَهُ: قد رزقك الله من حَلَال فَأَنت تحبها فَلم تركتهَا؟ فَقَالَ: ألم تسمع هَذِه الْآيَة: {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون}(آل عمرَان: ٢٩) . ذكره أَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي فِي (تَفْسِيره) وَذكر أَيْضا عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كَانَ يَشْتَرِي أعدالاً من سكر وَيتَصَدَّق بِهِ، فَقيل لَهُ: هلا تَصَدَّقت بِثمنِهِ؟ فَقَالَ: لِأَن السكر أحب إِلَيّ، فَأَرَدْت أَن أنْفق مِمَّا أحب. قَوْله:(قَامَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)