مطابقته للتَّرْجَمَة تفهم من الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي صدر الْبَاب فَليرْجع إِلَيْهِ.
ذكر رِجَاله: وهم: سَبْعَة: الأول: سعيد ابْن أبي مَرْيَم وَهُوَ سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن أبي مَرْيَم الجُمَحِي. الثَّانِي: مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كثير الْأنْصَارِيّ. الثَّالِث: زيد بن أسلم أَبُو أُسَامَة الْعَدوي. الرَّابِع: عِيَاض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح الْقرشِي العامري الْخَامِس: أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ واسْمه سعد بن مَالك، وَهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه قد مر فِي كتاب الْحيض، فِي: بَاب ترك الْحَائِض الصَّوْم مَعَ الْمَتْن من قَوْله: (خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) إِلَى قَوْله: (من إحداكن) ، وَفِيه زِيَادَة وَهِي قَوْله:(قُلْنَ: وَمَا نُقْصَان ديننَا وعقلنا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: أَلَيْسَ شَهَادَة الْمَرْأَة مثل نصف شَهَادَة الرجل، قُلْنَ: بلَى. قَالَ: فَذَاك من نُقْصَان عقلهَا، أَلَيْسَ إِذا حَاضَت لم تصل وَلم تصم؟ قُلْنَ: بلَى. قَالَ: فَذَاك من نُقْصَان دينهَا. .) وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى. وَبَقِيَّة الحَدِيث تَأتي عَن قريب فِي: بَاب الزَّكَاة على الزَّوْج والأيتام فِي الْحجر.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (جَاءَت زَيْنَب امْرَأَة ابْن مَسْعُود) ، وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: زَيْنَب هَذِه هِيَ رائطة قَالَ: وَلَا نعلم عبد الله تزوج غَيرهَا فِي زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ الكلاباذي: رائطة هِيَ الْمَعْرُوفَة بِزَيْنَب، وَقَالَ ابْن طَاهِر وَغَيره: امْرَأَة ابْن مَسْعُود زَيْنَب. وَيُقَال اسْمهَا: رائطة. وَأما ابْن سعد وَأَبُو أَحْمد العسكري وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو عمر بن عبد الْبر وَأَبُو نعيم الْحَافِظ وَأَبُو عبد الله بن مَنْدَه وَأَبُو حَاتِم بن حبَان فجعلوهما ثِنْتَيْنِ. وَالله أعلم. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) وَمِمَّا يرجح القَوْل الأول مَا روينَاهُ عَن القَاضِي يُوسُف فِي كتاب الزَّكَاة: حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن غياث حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة أخبرنَا هِشَام عَن عُرْوَة عَن عبد الله بن عبد الله الثَّقَفِيّ عَن أُخْته رائطة ابْنة عبد الله، وَكَانَت امْرَأَة ابْن مَسْعُود، وَكَانَت امْرَأَة صناعًا الحَدِيث. قلت: روى أَحْمد فِي (مُسْنده) من رِوَايَة عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة (عَن رائطة إمرأة عبد الله بن مَسْعُود وَكَانَت امْرَأَة صناع الْيَد، قَالَ: فَكَانَت تنْفق عَلَيْهِ وعَلى وَلَده من صنعتها. .) الحَدِيث، وَفِيه:(فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنفقي عَلَيْهِم فَإِن لَك فِي ذَلِك أجر مَا أنفقت عَلَيْهِم) ، وَإِسْنَاده صَحِيح. قَوْله:(فَقيل: يَا رَسُول الله هَذِه زَيْنَب {) الْقَائِل هُوَ بِلَال كَمَا سَيَأْتِي عَن قريب. قَوْله:(فَقَالَ: أَي الزيانب؟) أَي: أَيَّة زَيْنَب من الزيانب، وتعريف الْمثنى وَالْمَجْمُوع من الْأَعْلَام وَإِنَّمَا هُوَ بِالْألف وَاللَّام. قَوْله:(إيذنوا لَهَا. فَأذن لَهَا، قَالَت: يَا نَبِي الله) إِلَى آخِره، لم يبين أَبُو سعيد مِمَّن سمع ذَلِك، فَإِن كَانَ حَاضرا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَال الْمُرَاجَعَة الْمَذْكُورَة فَهُوَ من مُسْنده وإلَاّ فَيحْتَمل أَن يكون حمله عَن زَيْنَب صَاحِبَة الْقِصَّة، فَيكون فِيهِ رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصحابية.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: احْتج بِهَذَا الحَدِيث الشَّافِعِي وَأحمد فِي رِوَايَة، وَأَبُو ثَوْر وَأَبُو عبيد وَأَشْهَب من الْمَالِكِيَّة، وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَأهل الظَّاهِر، وَقَالُوا: يجوز للْمَرْأَة أَن تُعْطِي زَكَاتهَا إِلَى زَوجهَا الْفَقِير. وَقَالَ الْقَرَافِيّ: كرهه الشَّافِعِي وَأَشْهَب وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِمَا رَوَاهُ الْجوزجَاني، (عَن عَطاء، قَالَت: أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن عَليّ نذرا أَن أَتصدق بِعشْرين درهما، وَأَن لي زوجا فَقِيرا أفيجزىء عني أَن أعْطِيه؟ قَالَ: نعم كفلان من الْأجر) . وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَالثَّوْري وَأَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي رِوَايَة وَأَبُو بكر من الْحَنَابِلَة: لَا يجوز للْمَرْأَة أَن تُعْطِي زَوجهَا من زَكَاة مَالهَا، ويروى ذَلِك عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأَجَابُوا عَن حَدِيث زَيْنَب بِأَن الصَّدَقَة الْمَذْكُورَة فِيهِ إِنَّمَا هِيَ من غير الزَّكَاة، وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: وَقد بَين ذَلِك مَا حَدثنَا يُونُس، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، قَالَ: أخبرنَا اللَّيْث عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عبيد الله بن عبد الله، (عَن رائطة بنت عبد الله إمرأة عبد الله بن مَسْعُود، وَكَانَت امْرَأَة صنعا، وَلَيْسَ لعبد الله بن مَسْعُود مَال، وَكَانَت تنْفق عَلَيْهِ وعَلى وَلَده مَعهَا، فَقَالَت: وَالله لقد شغلتني أَنْت وولدك عَن الصَّدَقَة فَمَا أَسْتَطِيع أَن أَتصدق مَعكُمْ بِشَيْء} فَقَالَ: مَا أحب أَنه لم يكن لَك فِي ذَلِك أجر أَن تفعلي، فَسَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هِيَ، وَهُوَ، فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِنِّي امْرَأَة ذَات صَنْعَة، أبيع مِنْهَا وَلَيْسَ لوَلَدي وَلَا لزوجي شَيْء، فشغلوني فَلَا أَتصدق، فَهَل لي فيهم أجر؟ فَقَالَ: لَك فِي ذَلِك أجر مَا أنفقتِ عَلَيْهِم، فأنفقي عَلَيْهِم. .) فَفِي هَذَا الحَدِيث أَن تِلْكَ الصَّدَقَة مِمَّا لم يكن فِيهِ زَكَاة، وَالدَّلِيل على أَن الصَّدَقَة كَانَت تَطَوّعا كَمَا ذكرنَا. قَوْلهَا:(كنت امْرَأَة صنعا أصنع بيَدي فأبيع من ذَلِك فانفق على عبد الله؟) . فَإِن قلت: لِمَ لَا يجوز أَن يكون المُرَاد من الصَّدَقَة التَّطَوُّع فِي حق وَلَدهَا؟ وَصدقَة الْفَرْض فِي حق زَوجهَا عبد الله؟ قلت: لَا مساغ لذَلِك لِامْتِنَاع الْحَقِيقَة وَالْمجَاز حِينَئِذٍ،