ابْن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: كَانَت تلِي بَنَات أُخْتهَا يتامى فِي حجرها فَلَا تخرج من حليهن الزَّكَاة، وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن شريك عَن عَليّ بن سُلَيْمَان، قَالَ: سَأَلت أنس بن مَالك عَن الْحلِيّ، فَقَالَ: لَيْسَ فِيهِ زَكَاة. وروى الشَّافِعِي ثمَّ الْبَيْهَقِيّ من جِهَة: أخبرنَا سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار، قَالَ: سَمِعت ابْن خَالِد يسْأَل جَابر بن عبد الله عَن الْحلِيّ أفيه زَكَاة؟ فَقَالَ جَابر: لَا، وَإِن كَانَ يبلغ ألف دِينَار. وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن فَاطِمَة بنت الْمُنْذر عَن أَسمَاء بنت أبي بكر أَنَّهَا كَانَت تحلي بناتها الذَّهَب وَلَا تزكيه نَحوا من خمسين ألف.
وَاحْتج من رأى فِيهَا الزَّكَاة بِحَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده (أَن امْرَأَة أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهَا بنت لَهَا وَفِي يَد ابْنَتهَا مسكتان غليظتان من ذهب، فَقَالَ لَهَا: أتعطين زَكَاة هَذَا؟ قَالَت: لَا. قَالَ: أَيَسُرُّك أَن يسورك الله بهما يَوْم الْقِيَامَة سِوَارَيْنِ من نَار؟ قَالَت: فخلعتهما فألقيتهما إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَت: هما لله وَلِرَسُولِهِ) ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، وَقَالَ: وَلَا يَصح فِي هَذَا الْبَاب شَيْء. قلت: قَالَ ابْن الْقطَّان فِي كِتَابه: إِسْنَاده صَحِيح، وَقَالَ الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ: إِسْنَاده لَا مقَال فِيهِ، فَإِن أَبَا دَاوُد رَوَاهُ عَن أبي كَامِل الجحدري وَحميد بن مسْعدَة وهما من الثِّقَات احْتج بهما مُسلم، وخَالِد بن الْحَارِث إِمَام فَقِيه احْتج بِهِ البُخَارِيّ وَمُسلم، وَكَذَلِكَ حُسَيْن بن ذكْوَان الْمعلم احتجا بِهِ فِي (الصَّحِيح) وَوَثَّقَهُ ابْن الْمَدِينِيّ وَابْن معِين وَأَبُو حَاتِم، وَعَمْرو بن شُعَيْب مِمَّن قد علم وَهَذَا إِسْنَاد تقوم بِهِ الْحجَّة إِن شَاءَ الله تَعَالَى. فَإِن قلت: أخرج التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن لَهِيعَة (عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن جده، قَالَ: أَتَت امْرَأَتَانِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي أَيْدِيهِمَا سواران من ذهب، فَقَالَ لَهما: أتؤديان زَكَاة هَذَا؟ قَالَتَا: لَا. فَقَالَ: أتحبان أَن يسوركما الله بسوارين من نَار؟ قَالَتَا: لَا، قَالَ: فأديا زَكَاته) ، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: وَرَوَاهُ ابْن الْمثنى بن الصَّباح عَن عمر بن شُعَيْب نَحْو هَذَا، وَابْن لَهِيعَة وَابْن الصَّباح يُضعفَانِ فِي الحَدِيث، وَلَا يَصح فِي هَذَا الْبَاب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْء. قلت: قَالَ الْمُنْذِرِيّ: لَعَلَّ التِّرْمِذِيّ قصد الطَّرِيقَيْنِ اللَّذين ذكرهمَا، وإلَاّ فطريق أبي دَاوُد لَا مقَال فِيهِ، وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِحَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث (عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد أَنه، قَالَ: دَخَلنَا على عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأى فِي يَدي فتخات من ورق، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَة؟ فَقلت صنعتهن أتزين لَك يَا رَسُول الله! قَالَ: أتؤدين زكاتهن؟ قلت: لَا أَو مَا شَاءَ الله، قَالَ: هُوَ حَسبك من النَّار) . وَأخرجه الْحَاكِم فِي (مُسْتَدْركه) وَقَالَ: صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ. قلت: الحَدِيث على شَرط مُسلم وَلَا يلْزم، من قَول التِّرْمِذِيّ: لَا يَصح فِي هَذَا الْبَاب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْء، أَن لَا يَصح عِنْد غَيره فَافْهَم.
وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِحَدِيث أَسمَاء بنت يزِيد، أخرجه أَحْمد فِي (مُسْنده) : (حَدثنَا عَليّ بن عَاصِم عَن عبد الله بن عُثْمَان بن خَيْثَم عَن شهر بن حَوْشَب عَن أَسمَاء بنت يزِيد، قَالَت: دخلت أَنا وخالتي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعلينا أسورة من ذهب، فَقَالَ لنا: أتعطيان زَكَاتهَا؟ فَقُلْنَا: لَا، قَالَ: أما تخافان أَن يسوركما الله أسورة من نَار؟ أديا زَكَاتهَا. فَإِن قلت: قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: وَعلي بن عَاصِم رَمَاه يزِيد بن هَارُون بِالْكَذِبِ، وَعبد الله بن خَيْثَم قَالَ ابْن معِين: أَحَادِيثه لَيست بالقوية، وَشهر بن حَوْشَب قَالَ ابْن عدي: لَا يحْتَج بحَديثه. قلت: ذكر فِي (الْكَمَال) : وَسُئِلَ أَحْمد عَن عَليّ بن عَاصِم فَقَالَ: هُوَ وَالله عِنْدِي ثِقَة، وَأَنا أحدث عَنهُ، وَعبد الله بن خَيْثَم قَالَ ابْن معِين، هُوَ ثِقَة حجَّة، وَشهر بن حَوْشَب قَالَ أَحْمد: مَا أحسن حَدِيثه وَوَثَّقَهُ، وَعَن يحيى: هُوَ ثِقَة، وَقَالَ أَبُو زرْعَة: هُوَ لَا بَأْس بِهِ، فَظهر من هَذَا كُله سُقُوط كَلَام ابْن الجوزري وَصِحَّة الحَدِيث.
وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِحَدِيث فَاطِمَة بنت قيس، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي (سنَنه) : عَن نصر بن مُزَاحم عَن أبي بكر الْهُذلِيّ أخبرنَا شُعَيْب بن الْحجاب (عَن الشّعبِيّ قَالَ: سَمِعت فَاطِمَة بنت قيس، تَقول: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بطوق فِيهِ سَبْعُونَ مِثْقَالا من ذهب، فَقلت: يَا رَسُول الله خُذ مِنْهُ الْفَرِيضَة فَأخذ مِنْهُ مِثْقَالا وَثَلَاثَة أَربَاع مِثْقَال) . وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: أَبُو بكر الْهُذلِيّ مَتْرُوك لم يَأْتِ بِهِ غَيره، وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِحَدِيث أم سليمَة أخرجه أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى حَدثنَا عتاب عَن ثَابت بن عجلَان (عَن عَطاء عَن أم سَلمَة، قَالَت: كنت ألبس أَوْضَاحًا من ذهب، فَقلت: يَا رَسُول الله أكنز هُوَ؟ فَقَالَ: مَا بلغ أَن تُؤدِّي زَكَاته فَزكِّي فَلَيْسَ بكنز) ، وَأخرجه الْحَاكِم أَيْضا فِي (مُسْتَدْركه) وَقَالَ: صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَلم يخرجَاهُ. وَلَفظه: (إِذا أدّيت زَكَاته فَلَيْسَ بكنز) . فَإِن قلت: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ، وَقَالَ: تفرد بِهِ ثَابت بن عجلَان، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي (التَّحْقِيق) : مُحَمَّد بن مهَاجر، قَالَ ابْن حبَان: يضع الحَدِيث
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute