للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شيخ البُخَارِيّ، وَلَفظ ابْن بكار مقول البُخَارِيّ. و: كلمة، بِالنّصب مقول ابْن بكار، مَعْنَاهَا: أَي معنى هَذِه الْكَلِمَة أشرف أَي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمَدِينَة مَعْنَاهُ: قرب مِنْهَا واطلع إِلَيْهَا، وَكَأن البُخَارِيّ شكّ فِي هَذِه اللَّفْظَة، فَقَالَ هَذَا. قَوْله: (قَالَ هَذِه طابة) جَوَاب لما، أَي: قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَشَارَ إِلَى الْمَدِينَة بقوله: (هَذِه طابة) ، وَهُوَ غير منصرف للعلمية والتأنيث، وَمَعْنَاهَا الطّيبَة، وسماها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا الِاسْم وَكَانَ اسْمهَا يثرب. قَوْله: (فَلَمَّا رأى أحدا) أَي: الْجَبَل الْمُسَمّى بِأحد. قَوْله: (يحبنا ونحبه) ، يَعْنِي: أهل الْجَبَل، وهم الْأَنْصَار لِأَنَّهُ لَهُم، فَيكون مجَازًا كَمَا فِي قَوْله: {واسأل الْقرْيَة} (يُوسُف: ٢٨) . وَلَا منع من حَقِيقَته فَلَا حَاجَة إِلَى إِضْمَار فِيهِ، وَقد ثَبت (أَنه ارتج تَحْتَهُ فَقَالَ لَهُ: إثبت، فَلَيْسَ عَلَيْك إلَاّ نَبِي وصديق وشهيدان) . وحن الْجذع الْيَابِس إِلَيْهِ حَتَّى نزل فضمه، وَقَالَ: لَو لم أضمه لحن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. وَكَلمه الذِّئْب، وَسجد لَهُ الْبَعِير، وَسلم عَلَيْهِ الْحجر، وَكَلمه اللَّحْم المسموم أَنه مَسْمُوم فَلَا يُنكر حب الْجَبَل لَهُ، وَحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاه لِأَن بِهِ قُبُور الشُّهَدَاء، وَلِأَنَّهُم لجأوا إِلَيْهِ يَوْم أحد وامتنعوا. قَوْله: (أَلا أخْبركُم بِخَير دور الْأَنْصَار؟) كلمة: أَلا، للتّنْبِيه، وَالْخطاب لمن كَانَ مَعَه من الصَّحَابَة، ودور جمع: دَار، نَحْو أَسد وَأسد، وَيُرِيد بِهِ الْقَبَائِل الَّذين يسكنون الدّور، يَعْنِي: الْمحَال. قَوْله: (بني النجار) ، بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الْجِيم وبالراء: وَهُوَ تيم الله بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن الْخَزْرَج. قيل: سمي النجار لِأَنَّهُ اختتن بقدوم، وَقيل: بل نجر وَجه رجل بالقدوم فَسُمي النجار. قَوْله: (بني عبد الْأَشْهَل) ، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: ابْن جشم بن الْحَارِث بن الْخَزْرَج بن عَمْرو، وَهُوَ: النبيت بن مَالك بن الْأَوْس، والأوس أحد جذمي الْأَنْصَار لأَنهم جذمان: الْأَوْس والخزرج، وهما أَخَوان وأمهما: قَبيلَة بنت الأرقم بن عَمْرو بن جَفْنَة. وَقيل: قَبيلَة بنت كَاهِل بن عدي بن سعد بن قضاعة. قَوْله: (بني سَاعِدَة) ، سَاعِدَة بن كَعْب بن الْخَزْرَج. قَوْله: (يَعْنِي خيرا) ، أَي: كَانَ لفظ خيرا محذوفا من كَلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلكنه أَرَادَهُ.

قَوْله: (وَقَالَ سُلَيْمَان بن بِلَال) ، أَبُو أَيُّوب، وَيُقَال: أَبُو مُحَمَّد الْقرشِي التَّيْمِيّ مولى عبد الله بن أبي عَتيق، واسْمه: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق، وَيُقَال: مولى الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهَذَا تَعْلِيق وَصله أَبُو عَليّ بن خُزَيْمَة فِي (فَوَائده) قَالَ: حَدثنَا أَبُو إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ حَدثنَا أَيُّوب بن سُلَيْمَان، أَي: ابْن بِلَال، حَدثنِي أَبُو بكر بن أبي أويس عَن سُلَيْمَان بن بِلَال، فَذكره، وأوله: (أَقبلنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا دنا من الْمَدِينَة أَخذ طَرِيق غراب لِأَنَّهَا أقرب طَرِيق إِلَى الْمَدِينَة، وَترك الْأُخْرَى) فساق الحَدِيث وَلم يذكر أَوله. قَوْله: (حَدثنِي عَمْرو) ، هُوَ عَمْرو بن يحيى الْمَذْكُور فِي إِسْنَاد الحَدِيث. قَوْله: (وَقَالَ سُلَيْمَان) ، هُوَ ابْن بِلَال الْمَذْكُور. قَوْله: (سعيد بن سعيد) ، هُوَ الْأنْصَارِيّ أَخُو يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ. قَوْله: (عَن عمَارَة) ، بِضَم الْعين ابْن غزيَّة، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَكسر الزَّاي وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: الْمَازِني الْأنْصَارِيّ. قَوْله: (عَن عَبَّاس) هُوَ عَبَّاس بن سهل وَأَبوهُ سهل ابْن سعد، وَهُوَ آخر من مَاتَ من الصَّحَابَة بِالْمَدِينَةِ.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: الْخرص الَّذِي ذكرنَا تَفْسِيره، وَاخْتلف الْعلمَاء فِيهِ. فَذهب الزُّهْرِيّ وَعَطَاء وَالْحسن وَعمر بن دِينَار وَعبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق ومروان وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأَبُو ثَوْر وَأَبُو عبيد إِلَى جَوَاز الْخرص فِي النخيل وَالْأَعْنَاب حِين يَبْدُو إصلاحها. وَقَالَ ابْن رشد: جُمْهُور الْعلمَاء على إجَازَة الْخرص فِيهَا، ويخلى بَينهَا وَبَين أَهلهَا يَأْكُلُونَهُ رطبا. وَقَالَ دَاوُد: لَا خرص إلَاّ فِي النخيل فَقَط، وَقَالَ الشَّافِعِي: إذابدا صَلَاح ثمار النّخل وَالْكَرم فقد تعلق وجوب الزَّكَاة بهما وَوَجَب خرصهما للْعلم بِمِقْدَار زكاتهما، فيخرصهما رطبا. وَينظر الخارض كم يصير تَمرا، ثمَّ يخبر رب المَال فِيهَا، فَإِن شَاءَ كَانَت مَضْمُونَة فِي يَده وَله التَّصَرُّف فِيهَا، فَإِذا تصرف فِيهَا ضمنهَا، وَيُسْتَفَاد بالخرص الْعلم بِقدر الزَّكَاة فِيهَا واستباحة رب المَال التَّصَرُّف فِي الثَّمَرَة، بِشَرْط الضَّمَان. قَالَ الْمَاوَرْدِيّ: وَبِه قَالَ أَبُو بكر، وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. وَقَالَ الشَّافِعِي: وَهُوَ سنة فِي الرطب وَالْعِنَب، وَلَا خرص فِي الزَّرْع، وَهُوَ قَول أَحْمد. وَذكر ابْن بزيزة، قَالَ الْجُمْهُور: يَقع الْخرص فِي النّخل وَالْكَرم.

وَاخْتلف مَذْهَب مَالك: هَل يخرص الزَّيْتُون أم لَا؟ فِيهِ قَولَانِ: الْجَوَاز قِيَاسا على الْكَرم، وَالْمَنْع لوَجْهَيْنِ: الأول: لِأَن أوراقه تستره. وَالثَّانِي: أَن أَهله لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى أَن يأكلوه رطبا، فَلَا معنى لخرصه وَقد اخْتلفُوا هَل هُوَ وَاجِب أَو مُسْتَحبّ، فَحكى الضميري عَن الشَّافِعِيَّة وَجها بِوُجُوبِهِ، وَقَالَ الْجُمْهُور: هُوَ مُسْتَحبّ إلَاّ أَن تعلق بِهِ حق لمحجور مثلا، أَو كَانَ شركاؤه غير مؤتمنين، فَيجب لحفظ مَال الْغَيْر. وَاخْتلفُوا أَيْضا: هَل يخْتَص بِالنَّخْلِ أَو يلْحق بِهِ الْعِنَب أَو يعم كل مَا ينْتَفع بِهِ رطبا وجافا؟ وبالأول قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>