مِقْدَار الصَّاع وَالْمدّ. قَوْله: (احصى) ، بِفَتْح الْهمزَة من الإحصاء وَهُوَ الْعد، وَمَعْنَاهُ: احفظي عدد كيلها. وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان: (إحصيها حَتَّى نرْجِع إِلَيْك إِن شَاءَ الله تَعَالَى) . وأصل الإحصاء الْعد بالحصى لأَنهم كَانُوا لَا يحسنون الْكِتَابَة، فَكَانُوا يضبطون الْعدَد بالحصى. قَوْله: (أما إِنَّهَا) أما، بِفَتْح الْهمزَة بِالتَّخْفِيفِ، وَهِي حرف استفتاح بِمَنْزِلَة أَلَا، وَيكون بِمَعْنى: حَقًا. قَوْله: (ستهب اللَّيْلَة) ، زَاد سُلَيْمَان: (عَلَيْكُم) ، وستهب، بِضَم الْهَاء وَالسِّين فِيهِ عَلامَة الِاسْتِقْبَال، وَأَصله من: هَب يهب، ككب يكب، وَهَذَا الْبَاب إِذا كَانَ مُتَعَدِّيا يكون عين الْفِعْل فِيهِ مضموما إلَاّ: حبه يُحِبهُ، فَإِنَّهُ مكسور. وأحرف نادرة جَاءَ فِيهَا الْوَجْهَانِ إِذا كَانَ لَازِما مثل: ضل يضل. قَوْله: (فليعقله) أَي: يشده بالعقال، وَهُوَ الْحَبل، وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان: (فليشد عقاله) ، وَفِي رِوَايَة إِبْنِ إِسْحَاق فِي (الْمَغَازِي) : عَن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عَن عَبَّاس بن سهل: (وَلَا يخْرجن أحد مِنْكُم اللَّيْلَة إلَاّ وَمَعَهُ صَاحب لَهُ) . قَوْله: (بجبل طي) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (بجبلي طي) ، وَفِي رِوَايَة: (فَحملت الرّيح حَتَّى ألقته بجبلي طَيء) ، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق عَفَّان عَن وهيب: (فَلم يقم فِيهَا أحد غير رجلَيْنِ ألقتهما بجبلي طَيء) ، وَفِيه نظر تبينه رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وَلَفظه: (فَفعل النَّاس مَا أَمرهم إلَاّ رجلَيْنِ من بني سَاعِدَة خرج أَحدهمَا لِحَاجَتِهِ فَإِنَّهُ خنق على مذْهبه، وَأما الَّذِي ذهب فِي طلب بعيره فاحتملته الرّيح حَتَّى طرحته بجبلي طَيء، فَأخْبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: ألم أنهكم أَن يخرج رجل إلَاّ وَمَعَهُ صَاحب لَهُ؟ ثمَّ دعى الَّذِي أُصِيب على مذْهبه فشفي، وَأما الآخر فَإِنَّهُ وصل إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حِين قدم من تَبُوك) . وَأما جبلا طَيء فقد ذكر الْكَلْبِيّ فِي كِتَابه (أَسمَاء الْبلدَانِ) أَن سلمى بنت حام بن حمى بن برارة من بني عمليق كَانَت لَهَا حاضنة يُقَال لَهَا العوجاء، وَكَانَت الرَّسُول بَينهَا وَبَين أجأ بن عبد الْحَيّ من العماليق، فعشقها فهرب بهَا وبحاضنتها إِلَى مَوضِع جبل طييء، وبالجبلين قوم من عَاد، وَكَانَ لسلمى أخوة فجاؤوا فِي طلبَهَا فلحقوهم بِموضع الجبلين، فَأخذُوا سلمى فنزعوا عينهَا ووضعوها على الْجَبَل، وكتف أجأ، وَكَانَ أول من كتف وَوضع على الْجَبَل الآخر، فَسُمي بهَا الجبلان، أجأ وسلمى. وَقَالَ الْبكْرِيّ: أجأ، بِفَتْح أَوله وثانيه على وزن فعل يهمز وَلَا يهمز وَيذكر وَيُؤَنث، وَهُوَ مَقْصُور فِي كلا الْوَجْهَيْنِ من همزه وَترك همزه. وَقَالَ بَعضهم: وَيُقَال: إِن الجبلين سميا باسم رجل وَامْرَأَة من العماليق، قلت: الْكَلْبِيّ قد سماهما كَمَا ذكرنَا. قَوْله: (ملك أَيْلَة) ، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وباللام: إسم بَلْدَة على سَاحل الْبَحْر آخر الْحجاز وَأول الشَّام. قلت: أَيْلَة على وزن: فعلة، مَدِينَة على شاطىء الْبَحْر فِي منصف مَا بَين مصر وَمَكَّة، شرفها الله تَعَالَى، سميت بأيلة بنت مَدين بن إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد روى أَن أَيْلَة هِيَ الْقرْيَة الَّتِي كَانَت حَاضِرَة الْبَحْر. وَفِي (التَّلْوِيح) : وَملك أَيْلَة اسْمه يوحنا بن روبة، وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان عِنْد مُسلم: (وَجَاء رَسُول ابْن العلما صَاحب أَيْلَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكِتَاب، وَأهْدى لَهُ بغلة بَيْضَاء) . قلت: يوحنا، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْوَاو وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد النُّون مَقْصُور. وروبة، بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْوَاو وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره هَاء، وَالظَّاهِر أَن علما اسْم يوحنا، وإسم البغلة: دُلْدُل. قَوْله: (وَكتب لَهُ ببحرهم) ، أَي: ببلدهم، وَالْمرَاد بِأَهْل بحرهم لأَنهم كَانُوا سكانا بساحل الْبَحْر، ويروى: (ببحرتهم) ، أَي: ببلدتهم، وَقيل: البحرة الأَرْض، كَانَ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أقطع هَذَا الْملك من بِلَاده قطائع، وفوض إِلَيْهِ حكومتها، وَذكر ابْن إِسْحَاق الْكتاب، وَهُوَ بعد الْبَسْمَلَة: (هَذِه أَمَنَة من الله وَمن مُحَمَّد النَّبِي رَسُول الله ليوحنا بن روبة وَأهل أَيْلَة سفنهم وسيارتهم فِي الْبر وَالْبَحْر لَهُم ذمَّة الله، وَمُحَمّد النَّبِي) ، وسَاق بَقِيَّة الْكتاب. قَوْله: (كم جَاءَ حديقتك) أَي: قدر ثَمَر حديقتك؟ وَفِي رِوَايَة مُسلم: (فَسَأَلَ الْمَرْأَة عَن حديقتها: كم بلغ ثَمَرهَا؟) . قَوْله: (قَالَت عشرَة أوسق) ، بِنَزْع الْخَافِض، أَي جَاءَ بِمِقْدَار عشرَة أوسق، أَو نصب على الْحَال، وَيجوز أَن يعْطى لقَوْله: جَاءَ، حكم الْأَفْعَال النَّاقِصَة، فَيكون عشرَة خَبرا لَهُ، وَالتَّقْدِير: جَاءَت عشرَة أوسق. قَوْله: (خرص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، خرص، مصدر بِالنّصب على أَنه بدل من قَوْله: (عشرَة أوسق) ، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ قد خرصها عشرَة أوسق لما جَاءَ وَادي الْقرى، أَو عطف بَيَان لعشرة، وَيجوز الرّفْع فِي عشرَة وَفِي خرص، وَالتَّقْدِير: الْحَاصِل عشرَة أوسق خرص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَيجوز الرّفْع فِي: خرص، وَحده على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: هِيَ خرص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: الْعشْرَة خرص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (فَلَمَّا قَالَ ابْن بكار) كلمة: فَلَمَّا، مقول ابْن بكار، وَهُوَ سهل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute