أهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرَدا فَقَالَ لَهُمْ أحِلُّوا منْ إحْرَامِكُمْ بِطَوَافِ البَيْتِ وبَيْنَ الصَّفا وَالمَرْوَةِ وقَصِّرُوا ثمَّ أقِيمُوا حَلالاً حَتَّى إذَا كانَ يَوْمَ الترْوِيةِ فأهِلُّوا بِالحَجِّ وَاجْعَلُوا الَّتِي قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً فَقالُوا كَيْفَ نَجْعَلُها مُتْعَةً وقَدْ سَمَّيْنا الحَجَّ فَقَالَ افْعَلُوا مَا أمرْتُكُمْ فَلَوْلَا أنِّي سُقْتُ الهَدْيَ لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِي أمَرْتُكُمْ ولاكِنْ لَا يَحِلُّ مِنِّي حَرَامٌ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدُيُ مَحِلَّهُ فَفَعَلُوا..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو نعيم، بِضَم النُّون: هُوَ الْفضل بن دُكَيْن، وَأَبُو شهَاب الْأَكْبَر الحناط، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد النُّون، واسْمه مُوسَى بن نَافِع الْهُذلِيّ الْكُوفِي، وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير عَن أبي نعيم بِهِ.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (مُتَمَتِّعا) حَال من الضَّمِير الَّذِي فِي قدمت. قَوْله: (بِعُمْرَة) أَيْضا حَال، أَي: ملتبسا بِعُمْرَة. قَوْله: (مَكِّيَّة) أَي: قَليلَة الثَّوَاب لقلَّة مشقتها، وَقَالَ ابْن بطال: مَعْنَاهُ أَنَّك تنشيء حجك من مَكَّة كَمَا ينشيء أهل مَكَّة مِنْهَا، فيفوتك فضل الْإِحْرَام من الْمِيقَات وَقَوله: (حجتك مَكِّيَّة) ، هَكَذَا هُوَ رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: (حجا مكيا) . قَوْله: (على عَطاء) ، هُوَ عَطاء بن أبي رَبَاح الْمَكِّيّ. قَوْله: (استفتيه) ، من الْأَحْوَال الْمقدرَة. قَوْله: (يَوْم سَاق الْبدن) ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَضم الدَّال وسكونها، جمع بَدَنَة، وَذَلِكَ فِي حجَّة الْوَدَاع. وَفِي رِوَايَة مُسلم بِلَفْظ: (عَام سَاق الْهَدْي) . قَوْله: (وَقد أهلوا بِالْحَجِّ مُفردا) بِفَتْح الرَّاء وبكسرها، قَالَ الْكرْمَانِي: بِاعْتِبَار كل وَاحِد. قلت: لَا ضَرُورَة فِي كَونه حَالا من الْحَج، وَمَا قَالَه بالتأويل. قَوْله: (فَقَالَ لَهُم) أَي: قَالَ لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أحلُّوا من إحرامكم بِالطّوافِ، أَي: اجعلوا حَجكُمْ عمْرَة وتحللوا مِنْهَا بِالطّوافِ وَالسَّعْي، أَو التَّقْدِير: اجعلوا إحرامكم عمْرَة ثمَّ أحلُّوا مِنْهُ بِالطّوافِ. قَوْله: (وَبَين الصَّفَا والمروة) أَي: وبالسعي بَين الصَّفَا والمروة، وَهَذَا معنى فسخ الْحَج إِلَى الْعمرَة، وَقَالَ ابْن التِّين: هَذَا الحَدِيث أبين مَا فِي هَذِه من فسخ الْحَج إِلَى الْعمرَة. قَوْله: (وَقصرُوا) أَمرهم بالتقصير لأَنهم يهلون بعد قَلِيل بِالْحَجِّ، وَأخر الْحلق لِأَن بَين دُخُولهمْ وَبَين يَوْم التَّرويَة أَرْبَعَة أَيَّام فَقَط. قَوْله: (حَلَالا) ، نصب على الْحَال بِمَعْنى: محلين. قَوْله: (وَاجْعَلُوا الَّتِي) أَي: الْحجَّة المفردة الَّتِي أهللتم بهَا (مُتْعَة) أَي: عمْرَة، وَأطلق على الْعمرَة: مُتْعَة، مجَازًا، والعلاقة بَينهمَا ظَاهِرَة. قَوْله: (وَلَكِن لَا يحل مني حرَام) ، بِكَسْر حاء يحل، وَالْمعْنَى: لَا يحل مني مَا حرم عَليّ، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم: (لَا يحل مني حَرَامًا) ، بِالنّصب على المفعولية، لَكِن بِضَم الْيَاء فِي: لَا يحل، وفاعله مَحْذُوف، وَتَقْدِيره: لَا يحل طول الْمكْث، وَنَحْو ذَلِك مني شَيْئا حَرَامًا (حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله) وَهُوَ منى، فينحر فِيهِ.
قالَ أبُو عَبْدُ الله أبُو شِهَابٍ لَيْسَ لَهُ مُسْنَدٌ إلَاّ هاذَا
أَبُو عبد الله: هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، أَي لم يرو أَبُو شهَاب حَدِيثا مَرْفُوعا إلَاّ هَذَا الحَدِيث، وَقيل: المُرَاد لَيْسَ لَهُ مُسْند عَن عَطاء إلَاّ هَذَا لَا مُطلقًا. قَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) كَأَنَّهُ يَقُول: من كَانَ هَكَذَا لَا يَجْعَل حَدِيثه أصلا من أصُول الْعلم، وَهَذَا طرف من حَدِيث جَابر بن عبد الله الَّذِي رَوَاهُ مطولا جدا، وَلأبي بكر إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر عَلَيْهِ كتاب سَمَّاهُ: (التَّخْيِير) استنبط مِنْهُ مائَة نوع ونيفا وَخمسين نوعا من وُجُوه الْعلم، وَالْبُخَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ذكر جلّ حَدِيث جَابر الَّذِي انْفَرد بِهِ مُسلم، رَحمَه الله تَعَالَى، فِي مَوَاضِع مُتَفَرِّقَة. وَمن فَوَائِد هَذِه الْقطعَة الَّتِي سَاقهَا البُخَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: التَّقْصِير للمعتمر ليتوفر السّفر للحلاق يَوْم النَّحْر.
٩٦٥١ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ الأعْوَرُ عنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ عَن سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ قَالَ اخْتَلَفَ عليٌّ وعثمانُ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وهُمَا بِعُسْفَانَ فِي المُتْعَةِ فَقَالَ عَليٌّ مَا تُرِيدُ إلَاّ أنْ تَنْتَهي عَن أمْرٍ فَعلَهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَلَمَّا رَى ذلِكَ عَلِيٌّ أهَلَّ بِهِما جَمِيعا.
(انْظُر الحَدِيث ٣٦٥١) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.
قَوْله: (وهم بعسفان) ، جملَة حَالية أَي: كائنان بعسفان، وَهُوَ بِضَم الْعين وَسُكُون السِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ وبالفاء وَبعد الْألف نون: وَهِي قَرْيَة جَامِعَة بهَا مِنْبَر على سِتَّة وَثَلَاثِينَ ميلًا من مَكَّة، وَيُقَال: على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute