للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْكِسْوَة، ويقومون إِلَيْهَا كَمَا يقوم الْمُسلمُونَ، وَبَين الله تَعَالَى فِي الْآيَة الْمَذْكُور أَنه جعل الْكَعْبَة بَيْتا حَرَامًا، وَمن حرمتهَا تعظيمها فَعَظَّمَهَا الْمُسلمُونَ، وَمن جملَة تعظيمهم إِيَّاهَا أَنهم كَانُوا يكسونها فِي كل سنة يَوْم عَاشُورَاء الَّذِي هُوَ من الْأَيَّام المعظمة، فَمن هَذِه الْحَيْثِيَّة حصلت الْمُطَابقَة بَين الْآيَة الَّتِي هِيَ تَرْجَمَة وَبَين الحَدِيث.

ذكر رِجَاله: وهم: تِسْعَة: الأول: يحيى بن بكير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: أَبُو زَكَرِيَّا المَخْزُومِي. الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد. الثَّالِث: عقيل، بِضَم الْعين: ابْن خَالِد، الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الْخَامِس: عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام. السَّادِس: مُحَمَّد بن مقَاتل، بِضَم الْمِيم على وزن اسْم الْفَاعِل من الْمُقَاتلَة: أَبُو الْحسن المجاور بِمَكَّة. السَّابِع: عبد الله بن الْمُبَارك. الثَّامِن: مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة، واسْمه ميسرَة، ضد الميمنة. التَّاسِع: أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي سَبْعَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه يحيى وَاللَّيْث مصريان، وَأَن عقيلاً أيلي، وَأَن ابْن شهَاب وَعُرْوَة مدنيان، وَأَن شَيْخه مُحَمَّد بن مقَاتل من أَفْرَاده، وَأَنه وَابْن الْمُبَارك مروزيان، وَمُحَمّد بن أبي حَفْصَة بَصرِي. وَفِيه: أَنه رَوَاهُ من طَرِيقين، وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: جمع البُخَارِيّ بَين رِوَايَة عقيل وَابْن أبي حَفْصَة فِي الْمَتْن، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة عقيل ذكر السّتْر، ثمَّ سَاقه بِدُونِهِ من طَرِيق عقيل، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَعَادَة البُخَارِيّ التَّجَوُّز فِي مثل هَذَا. وَقيل: أَرَادَ من حَدِيث عقيل التَّصْرِيح بِسَمَاع ابْن شهَاب من عُرْوَة. قلت: لَيْسَ لما ذكره فَإِنَّهُ لم يَأْتِ بِهِ، نعم هُوَ عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأبي نعيم، وَقد روى الفاكهي من طَرِيق ابْن أبي حَفْصَة، وَصرح بِسَمَاع الزُّهْرِيّ لَهُ من عُرْوَة.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (كَانُوا) ، أَي: الْمُسلمُونَ كَانُوا يَصُومُونَ يَوْم عَاشُورَاء وَهُوَ الْيَوْم الْعَاشِر من محرم، وَكَانَ فرضا، فَلَمَّا نزل فرض رَمَضَان نسخ صَوْم يَوْم عَاشُورَاء، وَهُوَ مَمْدُود غير منصرف، وَقَالَ أَبُو عَليّ القالي فِي (كتاب الْمَمْدُود والمقصور) : عَاشُورَاء على وزن فاعولاء، وَلَا نعلم من هَذَا الْمِثَال غَيره. قَوْله: (وَكَانَ) أَي كَانَ يَوْم عَاشُورَاء يَوْمًا تستر فِيهِ الْكَعْبَة، وَكَانَت تُكْسَى فِي كل سنة مرّة يَوْم عَاشُورَاء، ثمَّ إِن مُعَاوِيَة كَانَ يَكْسُوهَا مرَّتَيْنِ، ثمَّ الْمَأْمُون كَانَ يَكْسُوهَا ثَلَاثًا الديباج الْأَحْمَر يَوْم التَّرويَة، وَالْقَبَاطِي هِلَال رَجَب، والديباج الْأَبْيَض يَوْم سبع وَعشْرين من رَمَضَان، وَذكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق فِي (السّير) أَن تبان أسعد أَبُو كرب وَهُوَ تبع الآخر ابْن كلكيكرب بن زيد، وَهُوَ تبع الأول ابْن عَمْرو، وسَاق نسبه إِلَى يعرب بن قحطان، ثمَّ قَالَ: كَانَ هُوَ وَقَومه أَصْحَاب أوثان يعبدونها، توجه إِلَى مَكَّة حَتَّى إِذا كَانَ بَين عسفان وأمج أَتَاهُ نفر من هُذَيْل بن مدركة، فَقَالُوا: أَلا ندلك على بَيت مَال داثر؟ قَالَ: بلَى. قَالُوا: مَكَّة، وَإِنَّمَا أَرَادَ الهذليون هَلَاكه، لما عرفُوا هَلَاك من أَرَادَهُ من الْمُلُوك، فَقَالَ لَهُ حبران كَانَا مَعَه: إِنَّمَا إراد هَؤُلَاءِ هلاكك. قَالَ: فبماذا تأمراني , قَالَا: نصْنَع عِنْده مَا يصنع أَهله، نحلق عِنْده ونطوف وننحر، فَفعل فَأَقَامَ بِمَكَّة سِتَّة أَيَّام ينْحَر للنَّاس ويطعمهم، فأري فِي الْمَنَام أَن يكسو الْبَيْت فَكَسَاهُ الخصف، ثمَّ أرِي أَن يكسوه أحسن من ذَلِك فَكَسَاهُ المعافر، ثمَّ أرِي أَن يكسوه أحسن من ذَلِك فَكَسَاهُ الملاء، والوصائل، فَكَانَ تبع فِيمَا يَزْعمُونَ أول من كسا الْبَيْت، وَذكر ابْن قُتَيْبَة أَن هَذِه الْقِصَّة كَانَت قبل الْإِسْلَام بتسعمائة سنة. وَفِي (مُعْجم الطَّبَرَانِيّ) من حَدِيث ابْن لَهِيعَة: حَدثنَا أَبُو زرْعَة عَمْرو سعمت سهل بن سعد رَفعه: (لَا تسبوا تبعا فَإِنَّهُ قد أسلم) . وَفِي (مغايض الْجَوْهَر فِي أَنْسَاب حمير) : كَانَ يدين بالزبور، وَذكر ابْن أبي شيبَة فِي (تَارِيخه) : أول من كساها عدنان بن أدد، وَزعم الزبير أَن أول من كساها الديباج عبد الله بن الزبير، وَذكر الْمَاوَرْدِيّ: أَن أول من كساها الديباج خَالِد بن جَعْفَر بن كلاب أَحْمد لطيمة يحل الْبر، وَوجد فِيهَا إنماطا فعلقها على الْكَعْبَة، وَذكر الْحَافِظ: أَن أول من علقها عبد الله بن الزبير وَفِي كتاب ابْن إِسْحَاق: أول من حلاها عبد الْمطلب بن عبد منَاف لما حفرهَا بالفزالين اللَّذين وجدهما من ذهب فِيهَا. وَعَن لَيْث بن أبي سليم، قَالَ: كَانَت كسْوَة الْكَعْبَة على عهد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الانطاع والمسوح. وَقَالَ ابْن دحْيَة: كساها الْمهْدي الْقبَاطِي والخز والديباج، وطلى جدرانها بالمسك والعنبر من أَسْفَلهَا إِلَى أَعْلَاهَا. وَقَالَ ابْن بطال: قَالَ ابْن جريج: زعم بعض عُلَمَائِنَا أَن أول من كساها إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وَحكى البلاذري: أَن أول من كساها الأنطاع عدنان بن أدد، وروى الْوَاقِدِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن أبي ربيعَة، قَالَ: كسي الْبَيْت فِي الْجَاهِلِيَّة الأنطاع، ثمَّ كَسَاه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الثِّيَاب اليمانية، ثمَّ كَسَاه عمر وَعُثْمَان الْقبَاطِي، ثمَّ كَسَاه الْحجَّاج الديباج. وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>