ابْن إِسْحَاق: بَلغنِي أَن الْبَيْت لم يكْسَ فِي عهد أبي بكر وَعمر، يَعْنِي: لم يجدد لَهُ كسْوَة. وَقَالَ عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج: أخْبرت أَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ يَكْسُوهَا الْقبَاطِي. وَأَخْبرنِي غير وَاحِد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كساها الْقبَاطِي والحبرات، وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَأول من كساها الديباج عبد الْملك بن مَرْوَان، وَأَن أول من أدْرك ذَلِك من الْفُقَهَاء قَالُوا: أصَاب، مَا نعلم لَهَا من كسْوَة أوفق مِنْهُ وروى أَبُو عرُوبَة فِي (الْأَوَائِل) لَهُ: عَن الْحسن، قَالَ: أول من لبس الْكَعْبَة الْقبَاطِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وروى الدَّارَقُطْنِيّ فِي (المؤتلف) : أَن أول من كسا الْكَعْبَة الديباج تنيلة بنت جنان وَالِدَة الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب، كَانَت أضلت الْعَبَّاس صَغِيرا فنذرت إِن وجدته أَن تكسو الْكَعْبَة الديباج، وَذكر الزبير بن بكار أَنَّهَا أضلت ضِرَارًا ابْنهَا، فَرده عَلَيْهَا رجل من جذام، فكست الْكَعْبَة ثيابًا بَيْضَاء، وَهُوَ مَحْمُول على تعدد الْقِصَّة، وكسيت فِي أَيَّام الفاطميين الديباج الْأَبْيَض، وَكَسَاهَا السُّلْطَان مَحْمُود بن سبكتكين ديباجا أصفر، وَكَسَاهَا نَاصِر العباسي ديباجا أَخْضَر، ثمَّ كساها ديباجا أسود، فاستمر إِلَى الْآن، وَلم تزل الْمُلُوك يتداولون كسوتها إِلَى أَن وقف عَلَيْهَا الصَّالح إِسْمَاعِيل بن النَّاصِر فِي سنة نَيف وَخمسين وَسَبْعمائة، قَرْيَة بنواحي الْقَاهِرَة، وَلم تزل تُكْسَى من هَذَا الْوَقْف.
٣٩٥١ - حدَّثنا أحْمَدُ قَالَ حدَّثنا أبي قَالَ حدَّثنا إبْراهِيمُ عنِ الحَجَّاجِ بنِ حَجَّاجٍ عنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ الله بنِ أبي عُتْبَةَ عنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيُحَجَّنَّ الْبَيْتُ ولَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأجُوجَ ومَأجُوجَ.
قد مر وَجه الْمُطَابقَة فِي أول الب اب.
ذكر رِجَاله: وهم: سَبْعَة: الأول: أَحْمد بن أبي عَمْرو، واسْمه حَفْص بن عبد الله بن رَاشد أَبُو عَليّ السّلمِيّ، مَاتَ سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: أَبوهُ حَفْص أَبُو عَمْرو، قَاضِي نيسابور، الثَّالِث: إِبْرَاهِيم بن طهْمَان أَبُو سعيد. الرَّابِع: الْحجَّاج بن الْحجَّاج الْأَسْلَمِيّ الْبَاهِلِيّ الْأَحول. الْخَامِس: قَتَادَة بن دعامة. السَّادِس: عبد الله بن أبي عتبَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة. مولى أنس بن مَالك. السَّابِع: أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، سعد بن مَالك.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي خَمْسَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده، وَأَنه ذكر فِي بعض النّسخ مُجَردا، وَفِي بَعْضهَا أَحْمد بن حَفْص، وَأَنه وأباه نيسابوريان وَأَن إِبْرَاهِيم هروي سكن نيسابور ثمَّ سكن مَكَّة، مَاتَ سنة سِتِّينَ وَمِائَة، وَأَن الْحجَّاج وَقَتَادَة وَعبد الله بصريون.
وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (ليحجن) ، بِضَم الْيَاء وَفتح الْحَاء وَالْجِيم على صِيغَة الْمَجْهُول، مؤكدا بالنُّون الثَّقِيلَة، وَكَذَلِكَ قَوْله: (ليعتمرن) . قَوْله: (يَأْجُوج وَمَأْجُوج) إسمان أعجميان بِدَلِيل منع الصّرْف، وقرىء فِي الْقُرْآن مهموزين، وَقيل: يَأْجُوج من التّرْك، وَمَأْجُوج من الجيل والديلم، وَقيل: هم على صنفين: طوال مفرطوا الطول، وقصار مفرطوا الْقصر.
تابَعَهُ أبانُ وعِمْرَانُ عَنْ قَتَادَةَ
أَي: تَابع عبد الله بن أبي عتبَة أبان بن يزِيد الْعَطَّار عَن قَتَادَة، وَكَذَلِكَ تَابعه عمرَان الْقطَّان عَن قَتَادَة، ومتابعتهما على لفظ الْمَتْن. أما مُتَابعَة أبان فوصلها الإِمَام أَحْمد: عَن عَفَّان وسُويد بن عَمْرو الْكَلْبِيّ، وَعبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، ثَلَاثَتهمْ عَن أبان، فَذكر مثله، وَأما مُتَابعَة عمرَان فوصلها أَحْمد أَيْضا: عَن سُلَيْمَان بن دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَنهُ، وَكَذَا أخرجه ابْن خُزَيْمَة وَأَبُو يعلى من طَرِيق الطَّيَالِسِيّ، وَقد تَابع هَؤُلَاءِ سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة، أخرجه عبد بن حميد عَن روح بن عبَادَة عَنهُ، وَلَفظه: (أَن النَّاس ليحجون ويعتمرون ويغرسون النّخل بعد خُرُوج يَأْجُوج وَمَأْجُوج) .
وَقَالَ عَبْدُ الرحمانِ عَن شُعْبَةَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُحَجَّ الْبَيْتُ
أَي: قَالَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة بِهَذَا السَّنَد: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يحجّ الْبَيْت، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الْحَاكِم من طَرِيق أَحْمد بن حَنْبَل عَنهُ.
وَالأوَّلُ أكْثَرُ