مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْحَج وَفِي التَّفْسِير.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أرأيتِ؟) أَخْبِرِينِي عَن مَفْهُوم هَذِه الْآيَة، إِذْ مفهومها عدم وجوب السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة إِذْ فِيهِ عدم الْإِثْم على التّرْك، فَقَالَت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: مفهومها لَيْسَ ذَلِك، بل عدم الْإِثْم على الْفِعْل، وَلَو كَانَ على التّرْك لقيل: أَن لَا يطوف، بِزِيَادَة: لَا، وَالتَّحْقِيق هُنَا أَن عُرْوَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أوَّل الْآيَة بِأَن لَا شَيْء عَلَيْهِ فِي تَركه، لِأَن هَذَا اللَّفْظ أَكثر مَا يسْتَعْمل فِي الْمُبَاح دون الْوَاجِب، وَأَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أجابت بِأَن الْآيَة ساكتة عَن الْوُجُوب وَعَدَمه، لِأَنَّهَا لَيست بِنَصّ فِي سُقُوط الْوَاجِب، وَلَو كَانَت نصا لَكَانَ يَقُول: فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن لَا يطوف بهما، لِأَن هَذَا يتَضَمَّن سُقُوط الْإِثْم عَمَّن ترك الطّواف، وَلم يكن ذَلِك إلَاّ بِسَبَب الْأَنْصَار، وَقد يكون الْفِعْل وَاجِبا، ويعتقد المعتقد أَنه منع من إِيقَاعه على صفه، وَهَذَا كمن عَلَيْهِ صَلَاة ظهر، فَظن أَن لَا يسوغ لَهُ إيقاعها بعد الْمغرب، فَسَأَلَ فَقيل: لَا حرج عَلَيْك إِن صليت، فَيكون الْجَواب صَحِيحا، وَلَا يَقْتَضِي نفي وجوب الظّهْر عَلَيْهِ، وَقد وَقع فِي الْقِرَاءَة الشاذة، فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن لَا يطوف بهما، كَمَا قَالَت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، حَكَاهُ الطَّبَرِيّ وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف، وَابْن الْمُنْذر وَغَيرهم عَن أبي بن كَعْب وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَأجَاب الطَّبَرِيّ: أَنَّهَا مَحْمُولَة على الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة، وَكلمَة: لَا، زَائِدَة، وَكَذَا قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَقيل: لَا حجَّة فِي الشواذ إِذا خَالَفت الْمَشْهُورَة، وَقَالَ الطَّحَاوِيّ أَيْضا: لَا حجَّة لمن قَالَ إِن السَّعْي مُسْتَحبّ بقوله: {فَمن تطوع خيرا}(الْبَقَرَة: ٤٨١) . لِأَنَّهُ رَاجع إِلَى أصل الْحَج وَالْعمْرَة لَا إِلَى خُصُوص السَّعْي لإِجْمَاع الْمُسلمين على أَن التَّطَوُّع بالسعي لغير الْحَاج والمعتمر غير مَشْرُوع، وَالله أعلم. قَوْله:(يهلونه) أَي: يحجونه. قَوْله:(لمناة) ، بِفَتْح الْمِيم