وَابْن خُزَيْمَة الشافعيان: هُوَ ركن، وَقَالَ عَلْقَمَة وَالنَّخَعِيّ وَالشعْبِيّ: من ترك الْمبيت بِمُزْدَلِفَة فَاتَهُ الْحَج. وَفِي (شرح التَّهْذِيب) : وَهُوَ قَول الْحسن، وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام. وَقَالَ الشَّافِعِي: يحصل الْمبيت بساعة فِي النّصْف الثَّانِي من اللَّيْل دون الأول. وَعَن مَالك: النُّزُول بِالْمُزْدَلِفَةِ وَاجِب، وَالْمَبِيت بهَا سنة، وَكَذَا الْوُقُوف مَعَ الإِمَام سنة. وَقَالَ أهل الظَّاهِر: من لم يدْرك مَعَ الإِمَام صَلَاة الصُّبْح بِالْمُزْدَلِفَةِ بَطل حجه بِخِلَاف النِّسَاء وَالصبيان والضعفاء. وَعند أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة: لَو ترك الْوُقُوف بهَا بعد الصُّبْح من غير عذر فَعَلَيهِ دم، وَإِن كَانَ بِعُذْر الزحام فتعجل السّير إِلَى منى، فَلَا شَيْء عَلَيْهِ، والمأمور بِهِ فِي الْآيَة الْكَرِيمَة الذّكر دون الْوُقُوف، ووقف الْوُقُوف بالمشعر بعد طُلُوع الْفجْر من يَوْم النَّحْر إِلَى أَن يسفر جدا، وَعَن مَالك: لَا يقف أحد إِلَى الْأَسْفَار، بل يدْفَعُونَ قبل ذَلِك.
٧٧٦١ - حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ قَالَ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ أيُّوبَ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ بَعَثَنَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن ابْن عَبَّاس كَانَ فِي جملَة الضُّعَفَاء الَّذين قدمهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاللَّيْلِ من جمع، وَقد تكَرر ذكر رِجَاله، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَلما روى التِّرْمِذِيّ حَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا، قَالَ: وَرُوِيَ عَنهُ من غير وَجه. بَيَان ذَلِك أَنه رَوَاهُ عَنهُ جمَاعَة، وهم: عبيد الله بن أبي يزِيد، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح، وَالْحسن العرني، ومقسم، وكريب. أما رِوَايَة عبيد الله ابْن أبي يزِيد عَنهُ فاتفق عَلَيْهَا الشَّيْخَانِ من رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَحَمَّاد بن زيد، فرواها كِلَاهُمَا عَن عبيد الله بن أبي يزِيد، والآن يَأْتِي بَيَانه. وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة. وَأما رِوَايَة عَطاء فأخرجها مُسلم فِي (صَحِيحه) عَن عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن بكر عَن ابْن جريج عَن عَطاء أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: (بَعَثَنِي نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسحر من جمع فِي ثقل نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الحَدِيث. وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه. وَأما رِوَايَة الْحسن العرني فأخرجها أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من رِوَايَة سَلمَة بن كهيل عَن الْحسن العرني (عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قدمنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْمزْدَلِفَة أغيلمة بني عبد الْمطلب على جمرات، فَجعل يلطخ أفخاذنا، وَيَقُول: أبني لَا ترموا الْجَمْرَة حَتَّى تطلع الشَّمْس) . وَقَالَ أَبُو دَاوُد: اللطخ الضَّرْب اللين، وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) . وَأما رِوَايَة مقسم فأخرجها التِّرْمِذِيّ وَانْفَرَدَ بهَا. قَالَ: حَدثنَا أَبُو كريب حَدثنَا وَكِيع عَن المَسْعُودِيّ عَن الحكم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم ضعفة أَهله، وَقَالَ: لَا ترموا الْجَمْرَة حَتَّى تطلع الشَّمْس. وَأما رِوَايَة كريب فأخرجها الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة مُوسَى بن عقبَة عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْمر نِسَاءَهُ) الحَدِيث. وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب.
٨٧٦١ - حدَّثنا عَلِيٌّ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ أَخْبرنِي عُبَيْدُ الله بنُ أبي يَزِيدَ سَمِعَ ابنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَقُولُ أنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَةَ المُزْدَلِفَةَ فِي ضَعَفَةِ أهْلِهِ.
(انْظُر الحَدِيث ٧٧٦١ وطرفه) .
هَذَا طَرِيق آخر لحَدِيث ابْن عَبَّاس الْمَذْكُور، وَهَذَا وَجه من الْوُجُوه الْخَمْسَة الَّتِي ذَكرنَاهَا آنِفا، وَذكر البُخَارِيّ هَهُنَا وَجها آخر وَهُوَ: عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس الْمَذْكُور فِيمَا قبله، وَهَذَا الطَّرِيق أخرجه عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عبيد الله بن أبي يزِيد من الزِّيَادَة، مولى أهل مَكَّة مر فِي: بَاب وضع المَاء عِنْد الْخَلَاء وَالْفرق بَين الطَّرِيقَيْنِ أَن الطَّرِيق الأول يَقْتَضِي بِحَسب الظَّاهِر أَنه كَانَ مُخْتَصًّا بِالْبَعْثِ من جمع بِاللَّيْلِ، وَالطَّرِيق الثَّانِي يَقْتَضِي عدم الِاخْتِصَاص قطعا.