للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رجعت فصلت الصُّبْح فِي منزلهَا فَقلت لَهَا يَا هنتاه مَا أرانا إِلَّا قد غلسنا قَالَت يَا بني إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أذن للظعن) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْلهَا " فارتحلوا فارتحلنا " لِأَن ارتحالهم كَانَ عقيب غيبوبة الْقَمَر وَقد ذكرنَا أَن مغيب الْقَمَر فِي تِلْكَ اللَّيْلَة كَانَ عِنْد أَوَائِل الثُّلُث الْأَخير من اللَّيْل. (ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة مُسَدّد بن مسرهد عَن يحيى الْقطَّان عَن عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج عَن عبد الله بن كيسَان مولى أَسمَاء أَبُو عمر وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث وَآخر سَيَأْتِي فِي أَبْوَاب الْعمرَة وَأَسْمَاء هَذِه هِيَ بنت أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَقد صرح ابْن جريج بتحديث عبد الله لَهُ وَكَذَا رَوَاهُ مُسلم عَن مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي وَابْن خُزَيْمَة عَن بنْدَار وَكَذَا أخرجه أَحْمد فِي مُسْنده كلهم عَن يحيى وَأخرجه مُسلم من طَرِيق عِيسَى بن يُونُس والإسماعيلي من طَرِيق دَاوُد الْعَطَّار وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة والطَّحَاوِي من طَرِيق سعيد بن سَالم وَأَبُو نعيم من طَرِيق مُحَمَّد بن بكر كلهم عَن ابْن جريج وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن مُحَمَّد بن خَلاد عَن يحيى الْقطَّان عَن ابْن جريج عَن عَطاء أَخْبرنِي مخبر عَن أَسمَاء وَأخرجه مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن عَطاء أَن مولى أَسمَاء أخبرهُ وَكَذَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق أبي خَالِد الْأَحْمَر عَن يحيى فَالظَّاهِر أَن ابْن جريج سَمعه من عَطاء ثمَّ لَقِي عبد الله فَأَخذه عَنهُ وَيحْتَمل أَن يكون مولى أَسمَاء شيخ عَطاء غير عبد الله (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " يَا بني " بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة مصغر ابْن قَوْله " فارتحلوا " أَمر بالارتحال وَفِي رِوَايَة مُسلم " قَالَت ارحل بِي " قَوْله " فمضينا " وَفِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة " فمضينا بهَا " قَوْله " ثمَّ رجعت " أَي إِلَى منزلهَا بمنى قَوْله " يَا هنتاه " أَي يَا هَذِه يُقَال للمذكر إِذا كنى عَنهُ هن وللمؤنث هنة وزيدت الْألف لمد الصَّوْت وَالْهَاء لإِظْهَار الْألف وَهُوَ بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون النُّون وَقد تفتح وإسكانها أشهر ثمَّ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وَقد تسكن الْهَاء الَّتِي فِي آخرهَا وتضم قَوْله " مَا أرانا " بِضَم الْهمزَة أَي مَا نظن إِلَّا قد غلسنا أَي تقدمنا على الْوَقْت الْمَشْرُوع وَهُوَ من التغليس وَهُوَ السّير بِغَلَس وَهِي ظلمَة آخر اللَّيْل وَفِي رِوَايَة لمُسلم " فَقلت لَهَا لقد غلسنا " بِدُونِ قَوْله " مَا أرانا " وَفِي رِوَايَة مَالك " لقد جِئْنَا منى بِغَلَس " وَفِي رِوَايَة دَاوُد الْعَطَّار " لقد ارتحلنا بلَيْل " وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد " فَقلت إِنَّا رمينَا الْجَمْرَة بِغَلَس " قَوْله " أذن للظعن " بِضَم الظَّاء وَالْعين وبسكون الْعين أَيْضا جمع ظَعِينَة وَهِي النِّسَاء وَفِي الْمُحكم هُوَ جمع ظاعن وَسميت النِّسَاء بهَا لِأَنَّهُنَّ يظعن بارتحال أَزوَاجهنَّ ويقمن بإقامتهم تَقول ظعن يظعن ظعنا وظعونا ذهب وأظعنه هُوَ والظعينة الْجمل يظعن عَلَيْهِ والظعينة الهودج تكون فِيهِ الْمَرْأَة وَقيل هُوَ الهودج كَانَت فِيهِ امْرَأَة أَو لم تكن وَعَن ابْن السّكيت كل امْرَأَة ظَعِينَة سَوَاء كَانَت فِي هودج أَو غَيره وَقَالَ ابْن سَيّده الْجمع ظعائن وظعن وأظعان وظعنات الأخيرتان جمع الْجمع وَفِي الْجَامِع وَلَا يُقَال ظعن إِلَّا لِلْإِبِلِ الَّتِي عَلَيْهَا الهوادج وَقيل الظعن الْجَمَاعَة من النِّسَاء وَالرِّجَال (ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) اسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث قوم على جَوَاز الرَّمْي قبل طُلُوع الشَّمْس بعد طُلُوع الْفجْر للَّذين يتقدمون قبل النَّاس وَهُوَ قَول عَطاء بن أبي رَبَاح الْمَكِّيّ وَطَاوُس بن كيسَان وَمُجاهد وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالشعْبِيّ وَسَعِيد بن جُبَير وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ عِيَاض مَذْهَب الشَّافِعِي رمي الْجَمْرَة من نصف اللَّيْل وَتعلق بِأَنَّهُ أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قدمت قبل الْفجْر وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمرهَا أَن تفيض وتوافيه الصُّبْح مَكَّة وَظَاهر هَذَا عِنْده تَعْجِيل الرَّمْي قبل الْفجْر وَمذهب مَالك أَن الرَّمْي يحل بطول الْفجْر وَمذهب الثَّوْريّ وَالنَّخَعِيّ أَنَّهَا لَا ترمي إِلَّا بعد طُلُوع الشَّمْس وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَأحمد واسحق قَالُوا فَإِن رَمَوْهَا قبل طُلُوع الشَّمْس أجزأتهم وَقد أساؤا وَقَالَ الكاشاني من أَصْحَابنَا أول وقته الْمُسْتَحبّ مَا بعد طُلُوع الشَّمْس وَآخر وقته آخر النَّهَار كَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَمْتَد إِلَى وَقت الزَّوَال فَإِذا زَالَت الشَّمْس يفوت الْوَقْت وَيكون فِيمَا بعده قَضَاء فَإِن لم يرم حَتَّى غربت الشَّمْس يَرْمِي قبل الْفجْر من الْيَوْم الثَّانِي وَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي قَوْله أَصْحَابنَا وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ فِي قَول إِذا غربت الشَّمْس فقد فَاتَ الْوَقْت وَعَلِيهِ الْفِدْيَة وَفِي قَول لَا يفوت إِلَّا فِي آخر أَيَّام

<<  <  ج: ص:  >  >>