صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُسأب يَوْم النَّحْر بمنى) الحَدِيث، وَرَوَاهُ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة مَنْصُور عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: (سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن حلق) الحَدِيث، وروى البُخَارِيّ من رِوَايَة عَطاء أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس، (قَالَ رجل للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: زرت قبل أَن أرمي. .) الحَدِيث، فَهَذِهِ كلهَا سُؤَالَات وأجوبة، وَقد مضى فِي الْبَاب الَّذِي قبله مَا يُوضح مَا ذَكرْنَاهُ هُنَا.
٣٢٠ - (حَدثنَا عَليّ بن عبد الله قَالَ حَدثنِي يحيى بن سعيد قَالَ حَدثنَا فُضَيْل بن غَزوَان قَالَ حَدثنَا عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطب النَّاس يَوْم النَّحْر فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس أَي يَوْم هَذَا قَالُوا يَوْم حرَام قَالَ فَأَي بلد هَذَا قَالُوا بلد حرَام قَالَ فَأَي شهر هَذَا قَالُوا شهر حرَام قَالَ فَإِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي بلدكم هَذَا فِي شهركم هَذَا فَأَعَادَهَا مرَارًا ثمَّ رفع رَأسه فَقَالَ اللَّهُمَّ هَل بلغت اللَّهُمَّ هَل بلغت قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لوصيته إِلَى أمته فليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " خطب النَّاس يَوْم النَّحْر " وَقد ذكرنَا أَن قَوْله " خطب " لَيْسَ من الْخطْبَة الْمَعْهُودَة وَإِطْلَاق الْخطْبَة عَلَيْهِ بِاعْتِبَار أَنَّهَا فِي الأَصْل كَلَام وَقَول وَعلي بن عبد الله هُوَ الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ وَيحيى هُوَ الْقطَّان وفضيل بِضَم الْفَاء وَفتح الضَّاد الْمُعْجَمَة ابْن غَزوَان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الزَّاي وبالنون فِي آخِره وَفِيه أَن شيخ وَعِكْرِمَة مدنيان وَيحيى بَصرِي وفضيل كُوفِي والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفِتَن عَن أَحْمد بن أشكاب وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن عَليّ عَن يحيى بِهِ. (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " خطب النَّاس يَوْم النَّحْر " قد ذكرنَا أَن إِطْلَاق لفظ الْخطْبَة لَيْسَ على حَقِيقَة الْخطْبَة الْمَعْهُودَة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يدل على أَمر من أُمُور الْحَج كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب وَالْخطْبَة الْحَقِيقِيَّة فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس مَا رَوَاهُ جَابر بن زيد عَنهُ قَالَ سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب بِعَرَفَات كَمَا سَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَاب فَهَذِهِ الْخطْبَة الْحَقِيقِيَّة لِأَن فِيهَا تَعْلِيم النَّاس الْوُقُوف بِعَرَفَة والمزدلفة والإفاضة مِنْهَا وَرمي جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر وَالذّبْح وَالْحلق وَطواف الزِّيَارَة وَلَيْسَ فِي خطْبَة يَوْم النَّحْر شَيْء من ذَلِك وَإِنَّمَا هِيَ سُؤَالَات وأجوبة كَمَا ذكرنَا وَكَذَلِكَ فِي حَدِيث الهرماس بن زِيَاد وَأبي أُمَامَة عِنْد أبي دَاوُد وَحَدِيث جَابر بن عبد الله عِنْد أَحْمد " خَطَبنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم النَّحْر فَقَالَ أَي يَوْم أعظم حُرْمَة " الحَدِيث وَإِطْلَاق الْخطْبَة فِي كل ذَلِك لَيْسَ على حَقِيقَته قَوْله " فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس " خطاب لمن كَانَ مَعَه فِي ذَلِك الْوَقْت وَوَصِيَّة أَيْضا للشاهدين بِأَن يبلغُوا الغائبين كَمَا يَأْتِي ذَلِك عَن قريب قَوْله " أَي يَوْم هَذَا " خرج مخرج الِاسْتِفْهَام وَالْمرَاد بِهِ التَّقْدِير لِأَنَّهُ أبلغ وَكَذَلِكَ الاستفهامان الْآخرَانِ قَوْله " قَالُوا يَوْم حرَام " يَعْنِي يحرم فِيهِ الْقِتَال وتوصيف الْيَوْم بالحرام مجَاز مُرْسل من قبيل قَوْلهم رجل عدل لِأَن الْحَرَام لَيْسَ عين الْيَوْم وَإِنَّمَا هُوَ الَّذِي يَقع فِيهِ من الْقِتَال وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي قَوْله " بلد حرَام وَشهر حرَام " وَقَالَ الْكرْمَانِي (فَإِن قلت) الْمُسْتَفَاد من الحَدِيث الأول وَهُوَ حَدِيث ابْن عَبَّاس أَنهم أجابوه بِأَنَّهُ يَوْم حرَام وَمن الثَّانِي وَهُوَ حَدِيث أبي بكرَة أَنهم سكتوا عَنهُ وفوضوه إِلَيْهِ فَمَا التَّوْفِيق بَينهمَا (قلت) السُّؤَال الثَّانِي فِيهِ فخامة لَيست فِي الأول بِسَبَب زِيَادَة لفظ أَتَدْرُونَ فَلهَذَا سكتوا فِيهِ بِخِلَاف الأول وَأَجَابُوا بِأَنَّهُ يَوْم كَذَا بعد أَن قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَلَيْسَ هَذَا يَوْم النَّحْر وَكَذَا فِي أَخَوَيْهِ فالسكوت كَانَ أَولا وَالْجَوَاب بِالتَّعْيِينِ كَانَ آخرا انْتهى ووفق بَعضهم بَين الْحَدِيثين بقوله لعلهما وَاقِعَتَانِ ورده بَعضهم بقوله وَلَيْسَ بِشَيْء لِأَن الْخطْبَة يَوْم النَّحْر إِنَّمَا تشرع مرّة وَاحِدَة وَقد قَالَ فِي كل مِنْهُمَا أَن ذَلِك كَانَ يَوْم النَّحْر انْتهى (قلت) لَيْسَ لهَذَا الرَّد وَجه لِأَنَّهُ لَا مَانع من تعدد الْقَضِيَّة وَقَوله لِأَن الْخطْبَة يَوْم النَّحْر إِلَى آخِره
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute