للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْبُنيان والتفاخر بِهِ وَقد شاهدنا ذَلِك فِي هَذَا الزَّمَان وَقَالَ الطَّيِّبِيّ الْمَقْصُود أَن علاماتها انقلاب الْأَحْوَال والقرينة الثَّانِيَة ظَاهِرَة فِي صيرورة الأعزة أَذِلَّة أَلا ترى إِلَى الملكة بنت النُّعْمَان حَيْثُ سبيت واحضرت بَين يَدي سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ كَيفَ أنشدت

(بَينا نسوس النَّاس وَالْأَمر أمرنَا ... إِذا نَحن فيهم سوقة تنتصف)

(فأف لدُنْيَا لَا يَدُوم نعيمها ... تقلب تارات بِنَا وَتصرف)

قَوْله " فِي خمس " إِلَى آخِره قَالَ الْقُرْطُبِيّ لَا مطمع لأحد فِي علم شَيْء من هَذِه الْأُمُور الْخمس لهَذَا الحَدِيث وَقد فسر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَول الله تَعَالَى {وَعِنْده مفاتح الْغَيْب لَا يعلمهَا إِلَّا هُوَ} بِهَذِهِ الْخمس وَهُوَ الصَّحِيح قَالَ فَمن ادّعى علم شَيْء مِنْهَا غير مُسْند إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ كَاذِبًا فِي دَعْوَاهُ قَالَ وَأما ظن الْغَيْب فقد يجوز من المنجم وَغَيره إِذا كَانَ غير أَمر عادي وَلَيْسَ ذَلِك بِعلم وَقد نقل ابْن عبد الْبر الْإِجْمَاع على تَحْرِيم أَخذ الْأُجْرَة والجعل وإعطائها فِي ذَلِك (استنباط الْأَحْكَام) وَهُوَ على وُجُوه. الأول أَن الْإِيمَان هُوَ أَن يُؤمن العَبْد بِاللَّه وَمَلَائِكَته وبلقائه وَرُسُله ويؤمن بِالْبَعْثِ والنشور. الثَّانِي أَن الْإِسْلَام أَن تعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وتصوم رَمَضَان. الثَّالِث إِن الْإِحْسَان أَن تعبد الله كَأَنَّهُ يراك وتراه. الرَّابِع احْتج بِهِ من يَدعِي تغاير الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَمَعَ هَذَا تقدم غير مرّة أَن الْإِسْلَام وَالْإِيمَان وَالدّين عِنْد البُخَارِيّ عِبَارَات عَن معنى وَاحِد وَقَالَ محيي السّنة جعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِسْلَام اسْما لما ظهر من الْأَعْمَال وَالْإِيمَان اسْما لما بطن من الِاعْتِقَاد وَلَيْسَ ذَلِك لِأَن الْأَعْمَال لَيست من الْإِيمَان والتصديق بِالْقَلْبِ لَيْسَ من الْإِسْلَام بل ذَلِك تَفْصِيل لجملة هِيَ كلهَا شَيْء وَاحِد وجماعها الدّين وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " أَتَاكُم جِبْرِيل يعلمكم دينكُمْ " والتصديق وَالْعَمَل يتناولهما الِاسْم وَالْإِيمَان وَالْإِسْلَام جَمِيعًا وَقَالَ ابْن الصّلاح مَا فِي الحَدِيث بَيَان لأصل الْإِيمَان وَهُوَ التَّصْدِيق الْبَاطِن وأصل الْإِسْلَام وَهُوَ الاستسلام والانقياد الظَّاهِر ثمَّ اسْم الْإِيمَان يتَنَاوَل مَا فسر بِهِ الْإِسْلَام وَسَائِر الطَّاعَات لكَونهَا ثَمَرَات للتصديق الْبَاطِن الَّذِي هُوَ أصل الْإِيمَان وَلِهَذَا فسر الْإِيمَان فِي حَدِيث الْوَفْد بِمَا هُوَ الْإِسْلَام هَهُنَا وَاسم الْإِسْلَام يتَنَاوَل أَيْضا مَا هُوَ أصل الْإِيمَان وَهُوَ التَّصْدِيق الْبَاطِن ويتناول الطَّاعَات فَإِن ذَلِك كُله استسلام فتحقق مَا ذكرنَا إنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِيهِ ويفترقان وَقَالَ من قَالَ إنَّهُمَا حقيقتان متباينتان إِن حَدِيث جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام جَاءَ على الْوَضع الْأَصْلِيّ بالتفرقة بَين الْإِيمَان وَالْإِسْلَام فالإيمان فِي اللُّغَة التَّصْدِيق مُطلقًا وَفِي الشَّرْع التَّصْدِيق بقواعد الشَّرْع وَالْإِسْلَام فِي اللُّغَة الاستسلام والانقياد وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {قل لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا} وَفِي الشَّرْع الانقياد فِي الْأَفْعَال الظَّاهِرَة الشَّرْعِيَّة لَكِن الشَّرْع توسع فاطلق الْإِيمَان على الْإِسْلَام فِي حَدِيث وَفد عبد الْقَيْس وَقَوله " الْإِيمَان بضع وَسَبْعُونَ بَابا أدناها إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق " وَأطلق الْإِسْلَام يُرِيد بِهِ الْأَمريْنِ قَالَ الله تَعَالَى {إِن الدّين عِنْد الله الْإِسْلَام} وَقَالَ بعض الْعلمَاء تنافس الْعلمَاء فِي هَذِه الْأَسْمَاء تنافسا لَا طائل تَحْتَهُ فَإِنَّهُم متفقون على أَنه يُسْتَفَاد مِنْهَا بِالشَّرْعِ زِيَادَة على أصل الْوَضع فَهَل ذَلِك الْمَعْنى يصير تِلْكَ الْأَسْمَاء مَوْضُوعَة كالوضع الابتدائي كَمَا فِي لفظ الدَّابَّة أَو هِيَ مبقاة على الْوَضع اللّغَوِيّ وَالشَّرْع إِنَّمَا تصرف فِي شُرُوطهَا وأحكامها قلت وَهَذَا الثَّانِي هُوَ قَول القَاضِي أبي بكر الباقلاني قَالَ وَالْقَوْل بِالْأولِ يحصل غَرَض الشِّيعَة على الصَّحَابَة فَإِذا قيل إِن الله تَعَالَى وعد الْمُؤمنِينَ بِالْجنَّةِ وهم قد آمنُوا يَقُولُونَ الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق فِي قُلُوبهم لَكِن الشَّرْع نقل هَذِه الْأَلْفَاظ إِلَى الطَّاعَات وهم صدقُوا وَمَا أطاعوا فِي أَمر الْخلَافَة فَإِذا قُلْنَا لم تنقل انسد الْبَاب الردي وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ يمكننا أَن نقُول بِأَن الْأَسْمَاء الشَّرْعِيَّة منقولة إِلَّا هَذِه الْمَسْأَلَة. الْخَامِس فِيهِ وجوب الْإِيمَان بِهَذِهِ الْمَذْكُورَات فِي الحَدِيث. السَّادِس فِيهِ عظم مرتبَة هَذِه الْأَركان الَّتِي فسر الْإِسْلَام بهَا السَّابِع فِيهِ جَوَاز قَول رَمَضَان بِلَا شهر الثَّامِن فِيهِ غظم مَحل الْإِخْلَاص والمراقبة التَّاسِع يه لَا أَدْرِي من الْعلم وَالِاعْتِرَاف بِعَدَمِ الْعلم وَإِن ذَلِك لَا ينقصهُ وَلَا يزِيل مَا عرف من جلالته بل ذَلِك دَلِيل على ورعه وتقواه ووفور علمه وَعدم يبجحه بِمَا لَيْسَ عِنْده الْعَاشِر فِيهِ دَلِيل على تمثل الْمَلَائِكَة بِأَيّ صُورَة شاؤا من صور بني

<<  <  ج: ص:  >  >>