أَي: أَشَارَ فِي الْمرة الثَّالِثَة بيدَيْهِ ناشرا أَصَابِعه، وخنس الْإِبْهَام فِيهَا فَهَذِهِ تِسْعَة، فالجملة تِسْعَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَلَفظ: خنس، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالنُّون، وَفِي آخِره سين مُهْملَة، مَعْنَاهُ: قبض، وَالْمَشْهُور أَنه لَازم، يُقَال: خنس خنوسا، ويروى حبس بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة بِمَعْنى: خنس، وَهِي رِوَايَة الْكشميهني، وَحَاصِله أَن الِاعْتِبَار بالهلال فقد يكون تَاما ثَلَاثِينَ، وَقد يكون نَاقِصا تسعا وَعشْرين، وَقد لَا يرى الْهلَال فَيجب إِكْمَال الْعدَد ثَلَاثِينَ، قَالُوا: وَقد يَقع النَّص متواليا فِي شَهْرَيْن وَثَلَاثَة وَأَرْبَعَة، وَلَا يَقع أَكثر من أَرْبَعَة.
وَفِيه: جَوَاز اعْتِمَاد الْإِشَارَة المفهمة فِي مثل هَذَا.
١٨ - (حَدثنَا آدم قَالَ حَدثنَا شُعْبَة قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن زِيَاد قَالَ سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ يَقُول قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صُومُوا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته فَإِن غبي عَلَيْكُم فأكملوا عدَّة شعْبَان ثَلَاثِينَ) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس وَمُحَمّد بن زِيَاد بِكَسْر الزَّاي وخفة الْيَاء آخر الْحُرُوف مر فِي غسل الأعقاب والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الصَّوْم أَيْضا عَن عبد الله بن معَاذ عَن أَبِيه وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُؤَمل بن هِشَام وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد عَن أَبِيه الْكل عَن شُعْبَة بِهِ وَقد اعْترض الْإِسْمَاعِيلِيّ بقوله روى الشَّيْخ هَذَا الحَدِيث عَن آدم عَن شُعْبَة وَقَالَ فِيهِ " فَإِن غم عَلَيْكُم فأكملوا عدَّة شعْبَان ثَلَاثِينَ " وَقد روينَاهُ عَن غنْدر وَابْن مهْدي وَابْن علية وَعِيسَى بن يُونُس وشبابة وَعَاصِم بن عَليّ وَالنضْر بن شُمَيْل وَيزِيد بن هَارُون وَأبي دَاوُد كلهم عَن شُعْبَة لم يذكر أحد مِنْهُم " فأكملوا عدَّة شعْبَان ثَلَاثِينَ يَوْمًا " هَذَا يجوز أَن يكون آدم رَوَاهُ على التَّفْسِير من عِنْده للْخَبَر وَإِلَّا فَلَيْسَ لانفراد أبي عبد الله عَنهُ بِهَذَا من بَين من رَوَاهُ عَنهُ وَمن بَين سَائِر من ذكرنَا مِمَّن روى عَن شُعْبَة وَجه وَإِن كَانَ الْمَعْنى صَحِيحا وَرَوَاهُ المَقْبُري عَن وَرْقَاء عَن شُعْبَة على مَا ذَكرْنَاهُ أَيْضا انْتهى (قلت) حَاصله أَنه وَقع للْبُخَارِيّ إدراج التَّفْسِير فِي نفس الْخَبَر (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " أَو قَالَ أَبُو الْقَاسِم " شكّ من الرَّاوِي قَوْله " لرُؤْيَته " اللَّام فِيهِ للتوقيت كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} أَي وَقت دلوكها وَالْمرَاد من قَوْله " صُومُوا لرُؤْيَته " رُؤْيَة بعض الْمُسلمين وَلَا يشْتَرط كل النَّاس قَالَ النَّوَوِيّ بل يَكْفِي من جَمِيع النَّاس رُؤْيَة عَدْلَيْنِ وَكَذَا عدل على الْأَصَح هَذَا فِي الصَّوْم وَأما فِي الْفطر فَلَا يجوز بِشَهَادَة عدل وَاحِد على هِلَال شَوَّال عِنْد جَمِيع الْعلمَاء إِلَّا أَبَا ثَوْر جوزه بِعدْل وَاحِد (قلت) قَالَ أَصْحَابنَا وَإِذا كَانَ بالسماء عِلّة قبل الإِمَام شَهَادَة الْوَاحِد الْعدْل فِي رُؤْيَة هِلَال رَمَضَان رجلا كَانَ أَو امْرَأَة حرا كَانَ أَو عبدا لِأَنَّهُ أَمر ديني وَقَول الْعدْل فِي الديانَات مَقْبُول وَفِي التُّحْفَة والطَّحَاوِي يكْتَفى بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَة وَفِي الذَّخِيرَة وَإِن كَانَ فَاسِقًا (قلت) هَذَا بعيد جدا وَفِي الذَّخِيرَة عَن أبي جَعْفَر الْفَقِيه قبُول قَول الْوَاحِد فِي صَوْم رَمَضَان سَوَاء كَانَ بالسماء عِلّة أم لَا وَعَن الْحسن أَنه قَالَ يحْتَاج إِلَى شَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ سَوَاء كَانَ بالسماء عِلّة أم لَا وَفِي الْبَدَائِع يقبل قَول الْوَاحِد فِي رَمَضَان إِذا كَانَ بالسماء عِلّة بِلَا خلاف بَين أَصْحَابنَا وَفِي الرَّوْضَة ذكر فِي الهاروني أَنه تقبل شَهَادَة الْوَاحِد بِالصَّوْمِ وَالسَّمَاء مصحية عَن أبي حنيفَة خلافًا لَهما وَفِي الْمُحِيط وَيَنْبَغِي أَن يُفَسر جِهَة الرُّؤْيَة فَإِن احْتمل رُؤْيَته يقبل وَإِلَّا فَلَا وَالْمذهب عِنْد الشَّافِعِيَّة ثُبُوته بِعدْل وَاحِد وَلَا فرق بَين الْغَيْم وَعَدَمه عِنْدهم وَلَا يقبل قَول العَبْد وَالْمَرْأَة فِي الْأَصَح وَيقبل قَول المستور فِي الْأَصَح وَقَالَ عَطاء وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَالْأَوْزَاعِيّ وَمَالك وَإِسْحَاق وَدَاوُد يشْتَرط الْمثنى وَقَالَ الثَّوْريّ رجلَانِ أَو رجل وَامْرَأَتَانِ وَقَالَ أَحْمد يَصُوم بِوَاحِد عِنْد عدم الْغَيْم وَيقبل خبر حُرَّيْنِ أَو حر وحرتين للفطر إِذا كَانَت بالسماء عِلّة وَإِلَّا فَجمع عَظِيم يَقع الْعلم بخبرهم وَقيل أهل الْمحلة وَقيل خَمْسُونَ رجلا كالقسامة وَعَن خلف بن أَيُّوب خَمْسمِائَة ببلخ وهلال الْأَضْحَى كالفطر وَقيل مائَة ذكرهَا فِي خزانَة الْأَكْمَل وَإِذا حَال دون المطلع غيم أَو قترة لَيْلَة الثَّلَاثِينَ من شعْبَان لِأَحْمَد فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا يجب صَوْمه على أَنه من رَمَضَان. وَالثَّانِي لَا يجوز فرضا وَلَا نفلا مُطلقًا بل قَضَاء وَكَفَّارَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute