أَي: عدم الْإِفْطَار أصح. قَالَ: الْكرْمَانِي أَو الإيناد الأول؟ قلت: هُوَ قَوْله: وَقَالَ لي يحيى بن صَالح: حَدثنَا مُعَاوِيَة بن سَلام ... إِلَى آخِره.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ وعِكْرِمَةُ الْفِطْرُ مِمَّا دخَلَ ولَيْسَ مِمَّا خَرَجَ
هَذَانِ التعليقان رَوَاهُمَا ابْن أبي شيبَة. فَالْأول: قَالَ: حَدثنَا وَكِيع عَن الْأَعْمَش عَن أبي ظبْيَان عَن ابْن عَبَّاس فِي الْحجامَة للصَّائِم، فَقَالَ: الْفطر مِمَّا يدْخل وَلَيْسَ مِمَّا يخرج. وَالثَّانِي: رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن هشيم عَن حُصَيْن عَن عِكْرِمَة مثله.
وكانَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا يَحْتَجِمُ وهْوَ صَائِمٌ ثُمَّ تَرَكَهُ فَكانَ يَحْتَجِمُ بِاللَّيْلِ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله مَالك فِي (الْمُوَطَّأ) عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه احْتجم وَهُوَ صَائِم، ثمَّ ترك ذَلِك فَكَانَ إِذا صَامَ لم يحتجم حَتَّى يفْطر، وَقَالَ ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا ابْن علية عَن أَيُّوب عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ ... فَذكره، وَحدثنَا وَكِيع عَن هِشَام بن الْغَاز، وَحدثنَا ابْن إِدْرِيس عَن يزِيد عَن عبد الله عَن نَافِع بِزِيَادَة، فَلَا أَدْرِي لأي شَيْء تَركه كرهه أَو للضعف؟ وروى عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه: وَكَانَ ابْن عمر كثير الِاحْتِيَاط، فَكَأَنَّهُ ترك الْحجامَة نَهَارا لذَلِك.
واحْتَجَمَ أبُو مُوسَى لَيْلاً
أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، اسْمه: عبد الله بن قيس، هَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن أبي عدي عَن حميد عَن بكير بن عبد الله الْمُزنِيّ عَن أبي الْعَالِيَة، قَالَ: دخلت على أبي مُوسَى وَهُوَ أَمِير الْبَصْرَة ممسيا فَوَجَدته يَأْكُل تَمرا وكامخا وَقد احْتجم، فَقلت لَهُ: أَلا تحتجم بنهار؟ قَالَ: أتأمرني أَن أهريق دمي وَأَنا صَائِم؟
ويُذْكَرُ عنْ سَعْدٍ وزَيْدِ بنِ أرْقَمَ وأُمِّ سَلَمَةَ احْتَجَمُوا صِياما
سعد هُوَ ابْن أبي وَقاص أحد الْعشْرَة، وَزيد بن أَرقم بن زيد الْأنْصَارِيّ الخزرجي، وَأم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ، وَاسْمهَا هِنْد بنت أبي أُميَّة. قَوْله: (صياما) أَي: صَائِمين، نصب على الْحَال، وَإِنَّمَا ذكر هَذَا بِصِيغَة التمريض لسَبَب يظْهر بالتخريح. أما أثر سعد فوصله مَالك فِي (الْمُوَطَّأ) عَن ابْن شهَاب: أَن سعد بن أبي وَقاص وَعبد الله بن عمر كَانَا يحتجمان وهما صائمان، وَهَذَا مُنْقَطع عَن سعد، لَكِن ذكره أَبُو عمر من وَجه آخر عَن عَامر بن سعد عَن أَبِيه. وَأما أثر زيد بن أَرقم فوصله عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن يُونُس بن عبد الله الْجرْمِي عَن دِينَار، حجمت زيد بن أَرقم، ودينار هُوَ الْحجام مولى جرم، بِفَتْح الْجِيم: لَا يعرف إلَاّ فِي هَذَا الْأَثر. وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الْأَزْدِيّ: لَا يَصح حَدِيثه. وَأما أثر أم سَلمَة فوصله ابْن أبي شيبَة من طَرِيق الثَّوْريّ أَيْضا عَن فرات عَن مولى أم سَلمَة: أَنه رأى أم سَلمَة تحتجم وَهِي صَائِمَة، وفرات هُوَ ابْن أبي عبد الرَّحْمَن ثِقَة، وَلَكِن مولى أم سَلمَة مَجْهُول الْحَال.
وَقَالَ بُكيرٌ عنْ أُمَّ عَلقَمَةَ كُنَّا نَحْتَجِمُ عِنْدَ عائِشَةَ فَلا تَنْهَى
بكير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن عبد الله بن الأشح، وَاسم أم عَلْقَمَة مرْجَانَة سَمَّاهَا البُخَارِيّ، وَذكرهَا ابْن حبَان فِي (الثِّقَات) ، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله البُخَارِيّ فِي تَارِيخه من طَرِيق مخرمَة بن بكير عَن أم عَلْقَمَة قَالَ: كُنَّا نحتجم عِنْد عَائِشَة وَنحن صِيَام، وَبَنُو أخي عَائِشَة فَلَا تنهاهم. قَوْله: (فَلَا تنْهى) ، بِفَتْح التَّاء المثناء من فَوق، وَسُكُون النُّون أَي: فَلَا تنْهى عَائِشَة عَن الاحتجام. ويروى: (فَلَا تُنْهَى) ، بِضَم النُّون الأولى الَّتِي للمتكلم مَعَ الْغَيْر، وَسُكُون الثَّانِيَة على صِيغَة الْمَجْهُول.
ويُرْوَى عنِ الحَسَنِ عنْ غَيْرِ واحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَرْفُوعا فَقَالَ أفْطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ
أَي: ويروى عَن الْحسن الْبَصْرِيّ عَن غير وَاحِد من الصَّحَابَة مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (فَقَالَ) بِالْفَاءِ، ويروى: قَالَ، بِدُونِ الْفَاء، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنه روى عَن الْحسن عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وهم أَبُو هُرَيْرَة وثوبان وَمَعْقِل بن يسَار وَعلي بن أبي طَالب وَأُسَامَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ