للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي الْأَفْرَاد من رِوَايَة مُحَمَّد بن حميد عَن الضَّحَّاك بن حمرَة عَن مَنْصُور بن أبان (عَن الْحسن عَن أمه عَن أم سَلمَة: أَنَّهَا صَامت يَوْمًا تَطَوّعا، فأفطرت، فَأمرهَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن تقضي يَوْمًا مَكَانَهُ) . فَإِن قلت: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: تفرد بِهِ الضَّحَّاك عَن مَنْصُور، وَالضَّحَّاك لَيْسَ بِشَيْء، قَالَه ابْن معِين وَمُحَمّد بن حميد: كَذَّاب، قَالَه أَبُو زرْعَة؟ قلت: الضَّحَّاك بن حمرَة، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَبعد الْمِيم رَاء: الأملوكي الوَاسِطِيّ، ذكره ابْن حبَان فِي (الثِّقَات) وَإِذا كَانَ الضَّحَّاك ثِقَة لَا يروي عَن كَذَّاب.

وَمِنْهَا: حَدِيث جَابر، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَنهُ، قَالَ: (صنع رجل من أَصْحَاب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، طَعَاما، فَدَعَا النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وأصحابا لَهُ، فَلَمَّا أُتِي بِالطَّعَامِ تنحى أحدهم، فَقَالَ لَهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا لَك؟ فَقَالَ: إِنِّي صَائِم، فَقَالَ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تكلّف لَك أَخُوك وصنع، ثمَّ تَقول: إِنِّي صَائِم؟ كُلْ، وصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ) . وروى الطَّحَاوِيّ من حَدِيث سعيد بن أبي الْحسن (عَن ابْن عَبَّاس: أَنه أخبر أَصْحَابه أَنه صَامَ ثمَّ خرج عَلَيْهِم وَرَأسه يقطر، فَقَالُوا: ألم تَكُ صَائِما؟ قَالَ: بلَى، وَلَكِن مرت بِي جَارِيَة لي فأعجبتني فأصبتها وَكَانَت حَسَنَة، فهممت بهَا وَأَنا قاضيها يَوْمًا آخر) . وَأخرج ابْن حزم فِي (الْمحلى) من طَرِيق وَكِيع (عَن سيف بن سُلَيْمَان الْمَكِّيّ قَالَ: خرج عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يَوْمًا على الصَّحَابَة، فَقَالَ: إِنِّي أَصبَحت صَائِما، فمرت بِي جَارِيَة فَوَقَعت عَلَيْهَا، فَمَا ترَوْنَ؟ قَالَ: فَلم يألوا مَا شكوا عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أصبت حَلَالا وتقضي يَوْمًا مَكَانَهُ، قَالَ لَهُ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَنْت أحْسنهم فتيا) . وروى ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : (حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم عَن عُثْمَان البتي عَن أنس ابْن سِيرِين، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه: صَامَ يَوْم عَرَفَة فعطش عطشا شَدِيدا فَأفْطر، فَسَأَلَ عدَّة من أَصْحَاب النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأمروه أَن يقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ) .

وَرُوِيَ وجوب الْقَضَاء عَن أبي بكر وَعمر وَعلي وَابْن عَبَّاس وَجَابِر بن عبد الله وَعَائِشَة وَأم سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَهُوَ قَول الْحسن الْبَصْرِيّ وَسَعِيد بن جُبَير فِي قَول، وَأبي حنيفَة وَمَالك وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد رَحِمهم الله. وَمذهب مُجَاهِد وطاووس وَعَطَاء وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق: أَن المتطوع بِالصَّوْمِ إِذا أفطر بِعُذْر أَو بِغَيْر عذر لَا قَضَاء عَلَيْهِ، إلَاّ أَنه يحب هُوَ أَن يَقْضِيه، وَرُوِيَ ذَلِك عَن سلمَان وَأبي الدَّرْدَاء، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِحَدِيث أم هانىء رَوَاهُ أَحْمد عَنْهَا: (أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، شرب شرابًا فناولها لتشرب، فَقَالَت إِنِّي صَائِمَة، وَلَكِنِّي كرهت أَن أرد سؤرك، فَقَالَ: إِن كَانَ من قَضَاء رَمَضَان فاقضي يَوْمًا مَكَانَهُ، وَإِن كَانَ تَطَوّعا فَإِن شِئْت فاقضي. وَإِن شِئْت فَلَا تقضي) . وَأخرجه الطَّحَاوِيّ من ثَلَاث طرق، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ: أَنبأَنَا شُعْبَة: كنت أسمع سماك بن حَرْب يَقُول: حَدثنِي أحد بني أم هانىء فَلَقِيت أفضلهم، وَكَانَ اسْمه جعدة، (فَحَدثني عَن جدته أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دخل عَلَيْهَا فدعى بشراب فَشرب ثمَّ ناولها فَشَرِبت فَقَالَت يارسول الله أما اني كنت صَائِمَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّائِم المتطوع أَمِير نَفسه، إِن شَاءَ صَامَ وَإِن شَاءَ أفطر) . قَالَ شُعْبَة: فَقلت لَهُ: أَنْت سَمِعت هَذَا من أم هانىء؟ قَالَ: لَا أَخْبرنِي أَبُو صَالح، وأهلنا عَن أم هانىء، وروى حَمَّاد بن سَلمَة هَذَا الحَدِيث عَن سماك، فَقَالَ: ابْن بنت أم هانىء، وَرِوَايَة شُعْبَة أحسن. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث أم هانىء فِي إِسْنَاده مقَال؟ قلت: هَذَا الحَدِيث فِيهِ اضْطِرَاب متْنا وسندا. أما الأول: فَظَاهر، وَقد ذكر فِيهِ أَنه كَانَ يَوْم الْفَتْح، وَهِي أسلمت عَام الْفَتْح، وَكَانَ الْفَتْح فِي رَمَضَان، فَكيف لَا يلْزمهَا قَضَاؤُهُ؟ وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي (مُخْتَصر سنَن الْبَيْهَقِيّ) : وَلَا أرَاهُ يَصح، فَإِن يَوْم الْفَتْح كَانَ صَومهَا فرضا لِأَنَّهُ رَمَضَان. وَقَالَ غَيره: وَمِمَّا يوهن هَذَا الْخَبَر أَنَّهَا يَوْم الْفَتْح فَلَا يجوز لَهَا أَن تكون متطوعة لِأَنَّهَا كَانَت فِي شهر رَمَضَان قطعا.

وَأما اضْطِرَاب سَنَده فَاخْتلف سماك فِيهِ، فَتَارَة رَوَاهُ عَن أبي صَالح، وَتارَة عَن جعدة، وَتارَة عَن هَارُون. أما أَبُو صَالح فَهُوَ باذان، وَيُقَال: باذام ضَعَّفُوهُ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: ضَعِيف لَا يحْتَج بِخَبَرِهِ، وَقَالَ فِي: بَاب أصل الْقسَامَة: أَبُو صَالح عَن ابْن عَبَّاس ضَعِيف، وَعَن الْكَلْبِيّ، قَالَ لي أَبُو صَالح: كل مَا حدثتك بِهِ كذب، وَفِي (السّنَن الْكُبْرَى) للنسائي: هُوَ ضَعِيف الحَدِيث، وَعَن حبيب بن أبي ثَابت: كُنَّا نُسَمِّيه: الدرودن،، وَهُوَ باللغة الفارسية: الْكذَّاب. وَقَالَ النَّسَائِيّ: وَقد رُوِيَ أَنه قَالَ فِي مَرضه: كل شَيْء حدثتكم بِهِ فَهُوَ كذب. وَأما جعدة فمجهول، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لم يسمعهُ جعدة عَن أم هانىء. وَأما هَارُون فمجهول الْحَال، قَالَه ابْن الْقطَّان. وَاخْتلف فِي نسبه، فَقيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>