مِنْهُ الْعُمُوم إِذْ حكم الْوسط غير مَذْكُور، وَالْجَوَاب مَا قُلْنَا، أَو نقُول: إِن الْوسط آخر بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأول، وَأول بِالنِّسْبَةِ إِلَى الآخر، على أَنا قد ذكرنَا الْآن أَن فِي رِوَايَة صَفِيَّة: (وَلم ينج أوسطهم) ، وَهَذَا يُغني عَن تكلّف الْجَواب. قَوْله: (ثمَّ يبعثون على نياتهم) ، أَي: يخسف بِالْكُلِّ لشؤم الأشرار، ثمَّ أَنه تَعَالَى يبْعَث لكل مِنْهُم فِي الْحَشْر بِحَسب قَصده إِن خيرا فَخير، وَإِن شرا فشر.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: يُسْتَفَاد مِنْهُ قطعا قصد هَذَا الْجَيْش تخريب الْكَعْبَة، ثمَّ خسفهم بِالْبَيْدَاءِ وَعدم وصولهم إِلَى الْكَعْبَة لإخبار لمخبر الصَّادِق بذلك، وَقَالَ ابْن التِّين: يحْتَمل أَن يكون هَذَا الْجَيْش الَّذِي يخسف بهم هم الَّذين يهدمون الْكَعْبَة فينتقم مِنْهُم فيخسف بهم. رد عَلَيْهِ بِوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: أَن فِي بعض طرق الحَدِيث عِنْد مُسلم: (أَن نَاسا من أمتِي) ، وَالَّذين يهدمونها من كفار الْحَبَشَة، وَالْآخر: أَن مُقْتَضى كَلَامه: يخسف بهم، بعد الْهدم وَلَيْسَ كَذَلِك، بل خسفهم قبل الْوُصُول إِلَى مَكَّة فضلا عَن هدمها. وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: أَن من كثَّر سَواد قوم فِي مَعْصِيّة وفتنة أَن الْعقُوبَة تلْزمهُ مَعَهم إِذا لم يَكُونُوا مغلوبين على ذَلِك. وَمن ذَلِك: أَن مَالِكًا استنبط من هَذَا أَن من وجد مَعَ قوم يشربون الْخمر وَهُوَ لَا يشرب أَنه يُعَاقب، وَاعْترض عَلَيْهِ بَعضهم بِأَن الْعقُوبَة الَّتِي فِي الحَدِيث هِيَ الهجمة السماوية، فَلَا يُقَاس عَلَيْهَا الْعُقُوبَات الشَّرْعِيَّة، وَفِيه: نظر، لِأَن الْعُقُوبَات الشَّرْعِيَّة أَيْضا بالأمور السماوية، وَمن ذَلِك: أَن الْأَعْمَال تعْتَبر بنية الْعَامِل والشارع أَيْضا، قَالَ: (وَلكُل امرىء مَا نوى) ، وَمن ذَلِك وجوب التحذير من مصاحبة أهل الظُّلم ومجالستهم وتكثير سوادهم إلَاّ لمن اضطُرَّ. فَإِن قلت: مَا تَقول فِي مصاحبة التَّاجِر لأهل الْفِتْنَة؟ هَل هِيَ إِعَانَة لَهُم على ظلمهم أَو هِيَ من ضرورات البشرية؟ قلت: ظَاهر الحَدِيث يدل على الثَّانِي. وَالله أعلم. فَإِن قلت: مَا ذَنْب من أكره على الْخُرُوج أَو من جمعه وإياهم الطَّرِيق؟ قلت: إِن عَائِشَة لما سَأَلت وَأم سَلمَة أَيْضا سَأَلت، (قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله! فَكيف بِمن كَانَ كَارِهًا؟) رَوَاهُ مُسلم، أجَاب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله: (يبعثون على نياتهم بهَا، فماتوا حِين حضرت آجالهم، ويبعثون على نياتهم.
٩١١٢ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ قَالَ حدَّثنا جَرِيرٌ عنِ الأعْمَشِ عَن أبِي صالِحٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلاةُ أحَدِكُمْ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلاتِهِ فِي سوقِهِ وبَيْتِهِ بِضْعا وعِشْرِينَ درَجةً وذَلِكَ بأنَّهُ إذَا تَوَضَّأ فأحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ أتَى المَسْجِدَ لَا يُريدُ إلَاّ الصلاةَ لَا يَنْهَزُهُ إلَاّ الصَّلاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلَاّ رُفِعَ بِهَا درَجةً أَو حَطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئةٌ والمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلى أحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَاّهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ اللَّهُمَّ صَلِّي علَيهِ أللَّهُمَّ ارْحَمْهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ وَقَالَ أحدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فِي سوقه) ، وَالْغَرَض من إِيرَاد هَذَا الحَدِيث هُنَا ذكر السُّوق وَجَوَاز الصَّلَاة فِيهِ مَعَ أَنه أخرج هَذَا الحَدِيث فِي أَبْوَاب الْجَمَاعَة فِي: بَاب فضل الْجَمَاعَة، عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْوَاحِد عَن الْأَعْمَش، قَالَ: سَمِعت أَبَا صَالح، يَقُول: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... الحَدِيث. وَهنا أخرجه: عَن قُتَيْبَة عَن سعيد عَن جرير بن عبد الحميد عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن أبي صَالح ذكْوَان الزيات السمان عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: (لَا ينهزه) ، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون النُّون وَكسر الْهَاء بعْدهَا زَاي: أَي ينهضه وزنا وَمعنى، وَهَذِه الْجُمْلَة كالبيان للجملة السَّابِقَة عَلَيْهَا. قَوْله: (أللهم صل عَلَيْهِ) ، أَي: يَقُول: اللَّهُمَّ صل عَلَيْهِ، وَهُوَ أَيْضا بَيَان لقَوْله: (تصلي) وَكَذَلِكَ قَوْله: (أللهم ارحمه) لقَوْله: (أللهم صل عَلَيْهِ) ، وَكَذَا قَوْله: (مَا لم يؤذِ فِيهِ) مَا لم يحدث فِيهِ، وَمَعْنَاهُ: مَا لم يؤذ أحدكُم الْمَلَائِكَة نَتن الْحَدث.
٠٢١٢ - حدَّثنا آدَمُ بنُ أبِي إياسٍ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السَّوقِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَبَا القَاسِمُ فالْتَفَتَ إلَيهِ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute