للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ إنَّمَا دَعَوْتُ هذَا فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَمُّوا باسْمي وَلَا تكَنَّوْا بِكُنْيَتِي.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فِي السُّوق) . وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن حَفْص بن عمر، وروى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة فِي هَذَا الْبَاب مِنْهُم عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. أخرج حَدِيثه أَبُو دَاوُد حَدثنَا عُثْمَان وَأَبُو بكر ابْنا أبي شيبَة قَالَا: حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن فطر بن خَليفَة عَن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة، قَالَ: (قَالَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قلت: يَا رَسُول الله! إِن ولد لي بعْدك ولد أؤسميه بِاسْمِك وأكنيه بكنيتك؟ قَالَ: نعم) . قَالَ عَليّ للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن ابْن بشار عَن يحيى بن سعيد عَن فطر بن خَليفَة ... إِلَى آخِره نَحوه، وَقَالَ: حَدِيث صَحِيح. وَأخرجه الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَبُو أُميَّة قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن قادم، قَالَ: حَدثنَا فطر عَن الْمُنْذر الثَّوْريّ عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله إِن ولد لي ابْن أُسَمِّيهِ بِاسْمِك وأكنيه بكنيتك؟ قَالَ: نعم. وَكَانَت رخصَة من رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لعَلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ) . ثمَّ قَالَ الطَّحَاوِيّ: فَذهب قوم إِلَى أَنه لَا بَأْس بِأَن تكنى الرِّجَال بِأبي الْقَاسِم، وَأَن يتسمى مَعَ ذَلِك بِمُحَمد، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِهَذَا الحَدِيث.

قلت: أَرَادَ بالقوم هَؤُلَاءِ: مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة ومالكا وَأحمد فِي رِوَايَة، فَإِنَّهُم قَالُوا: لَا بَأْس للرجل أَن يجمع بَين التكني بِأبي الْقَاسِم والتسمي بِمُحَمد، وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور. وَأجِيب عَن حَدِيث الْبَاب بأجوبة: الأول: أَنه مَنْسُوخ وَالثَّانِي: أَنه نهي تَنْزِيه. وَالثَّالِث: أَن النَّهْي عَن التكني بِأبي الْقَاسِم يخْتَص بِمن اسْمه مُحَمَّدًا وَأحمد، وَلَا بَأْس بهَا لمن لم يكن اسْمه ذَلِك.

وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: وَكَانَ فِي زمن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمَاعَة قد كَانُوا متسمين بِمُحَمد مكتنين بِأبي الْقَاسِم، مِنْهُم: مُحَمَّد بن طَلْحَة، وَمُحَمّد بن الْأَشْعَث، وَمُحَمّد بن أبي حُذَيْفَة قلت: مُحَمَّد بن طَلْحَة هُوَ مُحَمَّد بن طَلْحَة بن عبد الله، وَذكره ابْن الْأَثِير فِي الصَّحَابَة، وَقَالَ: حمله أَبوهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمسح رَأسه وَسَماهُ مُحَمَّدًا، وَكَانَ يكنى أَبَا الْقَاسِم، وَكَانَ مُحَمَّد هَذَا يلقب بالسجاد لِكَثْرَة صلَاته وَشدَّة اجْتِهَاده فِي الْعِبَادَة، قتل يَوْم الْجمل مَعَ أَبِيه سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ هَوَاهُ مَعَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إلَاّ أَنه أطَاع أَبَاهُ، فَلَمَّا رَآهُ عَليّ قَالَ: هَذَا السَّجَّاد قَتله بر أَبِيه. وَمُحَمّد بن الْأَشْعَث بن قيس الْكِنْدِيّ قيل: إِنَّه ولد على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ أَبُو نعيم: لَا تصح لَهُ صُحْبَة، وروى عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. وَمُحَمّد بن أبي حُذَيْفَة بن عتبَة ابْن ربيعَة بن عبد شمس بن عبد منَاف الْقرشِي العبشمي، كنيته أَبُو الْقَاسِم، ولد بِأَرْض الْحَبَشَة على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن خَال مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، وَلما قتل أَبوهُ أَبُو حُذَيْفَة أَخذه عُثْمَان بن عَفَّان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وكفله إِلَى أَن كبر، ثمَّ سَار إِلَى مصر فَصَارَ من أَشد النَّاس على عُثْمَان، وَقَالَ أَبُو نعيم: هُوَ أحد من دخل على عُثْمَان حِين حوصر فَقتل، وَلما استولى مُعَاوِيَة على مصر أَخذه وحبسه فهرب من السجْن، فظفر بِهِ رشد بن مولى مُعَاوِيَة فَقتله. قلت: وَمن جملَة من تسمى بِمُحَمد وتكنى بِأبي الْقَاسِم من أَبنَاء وُجُوه الصَّحَابَة: مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي طَالب، وَمُحَمّد بن سعيد بن أبي وَقاص، وَمُحَمّد بن حَاطِب، وَمُحَمّد بن الْمُنْتَشِر ذكرهم الْبَيْهَقِيّ فِي (سنَنه) فِي: بَاب من رخص فِي الْجمع بَين التسمي بِمُحَمد والتكني بِأبي الْقَاسِم. وَقَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالشَّافِعِيّ: لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يتكنى بِأبي الْقَاسِم كَانَ اسْمه مُحَمَّدًا أَو لم يكن. وَفِي (التَّوْضِيح) : وَمذهب الشَّافِعِي وَأهل الظَّاهِر أَنه لَا يحل التكني بِأبي الْقَاسِم لأحد أصلا، سَوَاء كَانَ اسْمه مُحَمَّدًا أم لم يكن لظَاهِر الحَدِيث أَي: حَدِيث الْبَاب وَهُوَ حَدِيث أنس الْمَذْكُور. وَقَالَ أَحْمد وَطَائِفَة من الظَّاهِرِيَّة: لَا يَنْبَغِي لأحد اسْمه مُحَمَّد أَن يتكنى بِأبي الْقَاسِم، وَلَا بَأْس لمن لم يكن اسْمه مُحَمَّدًا أَن يكنى بِأبي الْقَاسِم، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي) ، وَرَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه بأسانيد مُخْتَلفَة، وألفاظ مُتَغَايِرَة، وروى الطَّحَاوِيّ أَيْضا من حَدِيث جَابر نَحوه، وَأخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا، وروى مُحَمَّد بن عجلَان عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة يرفعهُ: (لَا تجمعُوا بَين اسْمِي وكنيتي، أَنا أَبُو الْقَاسِم الله يُعْطي وَأَنا أقسم) . وروى مُسلم عَن عبد الرَّحْمَن عَن أبي زرْعَة عَنهُ: (من تسمى باسمي فَلَا يتكنَّ بكنيتي، وَمن تكنَّ بكنيتي فَلَا يتسمَّ باسمي) . وروى ابْن أبي ليلى من حَدِيث أم حَفْصَة بنت عبيد عَن عَمها الْبَراء بن عَازِب: (من تسمى باسمي فَلَا يتكنَّ بكنيتي) . وَفِي لفظ: (لَا تجمعُوا بَين كنيتي وإسمي) .

قَوْله: (سموا) . أَمر من: سمى يُسَمِّي تَسْمِيَة. قَوْله: (وَلَا تكنوا) ، قَالَ ابْن التِّين: ضبط فِي أَكثر الْكتب بِفَتْح التَّاء وَضم النُّون الْمُشَدّدَة،

<<  <  ج: ص:  >  >>