بذلك لتصورها بِصُورَة البيع، لَا أَن يكون بيعا حَقِيقَة. ألَا تَرى أَنه لم يملكهَا المعري لَهُ لِانْعِدَامِ الْقَبْض، وَلِأَنَّهُ لَو كَانَت بيعا لكَانَتْ بيع التَّمْر بالثمر إِلَى أجل وَأَنه لَا يجوز بِلَا خلاف، فَدلَّ ذَلِك على أَن الْعرية المرخص فِيهَا لَيست بِبيع حَقِيقَة، بل هِيَ عَطِيَّة كَمَا نَص عَلَيْهِ أَبُو حنيفَة فِي تَفْسِيره الْعرية، وَنقل ابْن الْمُنْذر عَن بعض الْحَنَفِيَّة غير صَحِيح.
قَوْله: (بالرطب أَو التَّمْر) كلمة: أَو، تحْتَمل أَن تكون للتَّخْيِير، وتحتمل أَن تكون للشَّكّ، وَلَكِن يُؤَيّد كَونهَا للتَّخْيِير مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق صَالح بن كيسَان، وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ، كِلَاهُمَا عَن الزُّهْرِيّ: بِلَفْظ: بالرطب وبالتمر، وَلم يرخص فِي غير ذَلِك، هَكَذَا ذكره بِالْوَاو.
٥٨١٢ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخْبَرنا مالِكٌ عنْ نافِعٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهىَ عنْ المُزَابَنَةِ والمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءِ والثَّمَرِ بالتَّمْرِ كَيْلاً وبَيْعُ الْكَرْمِ بالزَّبِيبِ كَيْلاً.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، والْحَدِيث مضى فِي: بَاب بيع الزَّبِيب بالزبيب، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن إِسْمَاعِيل عَن مَالك، وَهنا: عَن عبد الله ابْن يُوسُف عَن مَالك. قَوْله: (اشْتِرَاء الثَّمر) ، بالثاء الْمُثَلَّثَة. قَوْله: (بِالتَّمْرِ) بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْمِيم. قَوْله: (وَبيع الْكَرم) ، أَي: الْعِنَب، (وَكيلا) فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَنْصُوب على التَّمْيِيز.
٦٨١٢ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرَنا مالِكٌ عنْ داوُدَ بنِ الحُصَيْنِ عنْ أبِي سفْيانَ مَوْلَى ابنِ أبِي أحْمَدَ عنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهىَ عنِ المُزَابَنَةِ والمُحَاقَلَةِ والمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بالتَّمْرِ فِي رُؤُوسِ النَّخْلِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَدَاوُد بن الْحصين، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة: مولى عَمْرو بن عُثْمَان بن عَفَّان، مَاتَ سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة، وَأَبُو سُفْيَان مَشْهُور بكنيته حَتَّى قَالَ الْحَاكِم: لَا يعرف اسْمه. وَقَالَ الكلاباذي: اسْمه قزمان، بِضَم الْقَاف وَسُكُون الزَّاي، وَكَذَا روى أَبُو دَاوُد عَن شَيْخه القعْنبِي فِي (سنَنه) ، وَابْن أبي أَحْمد هُوَ عبد الله بن أبي أَحْمد بن جحش الْأَسدي، ابْن أخي زَيْنَب بنت جحش أم الْمُؤمنِينَ، وَحكى الْوَاقِدِيّ أَن أَبَا سُفْيَان كَانَ مولى لبني عبد الْأَشْهَل، وَكَانَ يُجَالس عبد الله بن أبي أَحْمد، فنسب إِلَيْهِ.
وَرِجَال هَذَا الحَدِيث كلهم مدنيون إلَاّ شيخ البُخَارِيّ، وَلَيْسَ لداود هَذَا وَلَا لشيخه فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث، وَآخر فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْبيُوع أَيْضا عَن أبي الطَّاهِر ابْن أبي السَّرْح عَن ابْن وهب. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي (الْأَحْكَام) عَن مُحَمَّد بن يحيى.
قَوْله: (نهى عَن الْمُزَابَنَة والمحاقلة) ، قد مر تفسيرهما عَن قريب، وَفسّر هُنَا الْمُزَابَنَة بقوله: (والمزابنة اشْتِرَاء الثَّمر) ، بالثاء الْمُثَلَّثَة (بِالتَّمْرِ) ، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق (فِي رُؤُوس النّخل) ، وَزَاد ابْن مهْدي عَن مَالك عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ لفظ: كَيْلا، وَهُوَ مُوَافق لحَدِيث ابْن عمر الَّذِي قبله، وَقَالَ بَعضهم: ذكر الْكَيْل لَيْسَ بِقَيْد. قلت: لَا نسلم ذَلِك، لِأَن الإشتراء بِمَاذَا يكون؟ ومعيار الزَّبِيب وَالتَّمْر هُوَ الْكَيْل. وَوَقع فِي (الْمُوَطَّأ) فِي هَذَا الحَدِيث تَفْسِير المحاقلة بقوله: والمحاقلة كِرَاء الأَرْض، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة مُسلم.
٧٨٧١٢ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا أبُو مُعَاوِيَةَ عنِ الشَّيْبَانيِّ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ نَهىَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنِ المُحَاقَلَةِ والمُزَابَنَةِ. مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَأَبُو مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن خازم الضَّرِير وَقد تقدم والشيباني بالشين الْمُعْجَمَة هُوَ سُلَيْمَان أَبُو إِسْحَق وَقد تقدم وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاده وَفِي الْبَاب عَن أبي هُرَيْرَة أخرجه مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث قُتَيْبَة عَن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن المحاقلة والمزابنة وَعَن زيد بن ثَابت أخرجه التِّرْمِذِيّ من طَرِيق ابْن إِسْحَق عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن زيد بن ثَابت أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن المحاقلة