للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بن الزبير الْحميدِي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو عَن أبي الشعْثَاء عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس. قَوْله: وَكَذَلِكَ الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: سَأَلَ رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الرجل منا يذبح وينسى أَن يُسَمِّي الله؟ قَالَ: (اسْم الله على كل مُسلم) ، وَفِي لفظ: (على فَم كل مُسلم) ، ضَعِيف لِأَن فِي سَنَده مَرْوَان بن سَالم، ضعفه أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا. فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد حَدثنَا عبد الله بن دَاوُد عَن ثَوْر بن يزِيد عَن الصَّلْت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (ذَبِيحَة الْمُسلم حَلَال، ذكر اسْم الله أَو لم يذكر) قلت: هَذَا مُرْسل، وَهُوَ لَيْسَ بِحجَّة عِنْده، وَقَالَ ابْن الْقطَّان: وَفِيه مَعَ الْإِرْسَال أَن الصَّلْت السدُوسِي لَا يعرف لَهُ حَال، وَلَا يعرف بِغَيْر هَذَا، وَلَا روى عَنهُ غير ثَوْر بن يزِيد.

السَّادِس: فِيهِ: عدم جَوَاز الذّبْح بِالسِّنِّ وَالظفر، وَيدخل فِيهِ ظفر الْآدَمِيّ وَغَيره من كل الْحَيَوَانَات، وَسَوَاء الْمُتَّصِل والمنفصل بِحَسب ظَاهر الحَدِيث، وَسَوَاء الطَّاهِر وَالنَّجس. وَقَالَ النَّوَوِيّ: ويلتحق بِهِ سَائِر الْعِظَام من كل حَيَوَان الْمُتَّصِل والمنفصل. وَقيل: كل مَا صدق عَلَيْهِ اسْم الْعظم فَلَا تجوز الذَّكَاة بِشَيْء مِنْهُ، وَهُوَ قَول النَّخعِيّ وَالْحسن بن صَالح وَاللَّيْث وَأحمد وَإِسْحَاق وَأبي ثَوْر وَدَاوُد، وَقَالَ أَبُو حنيفَة وصاحباه: لَا يجوز بِالسِّنِّ والعظم المتصلين، وَيجوز بالمنفصلين، وَعَن مَالك رِوَايَات أشهرها: جَوَازه بالعظم دون السن كَيفَ كَانَا، وَالثَّانيَِة كمذهب الشَّافِعِي، وَالثَّالِثَة كمذهب أبي حنيفَة، وَالرَّابِعَة: يجوز بِكُل شَيْء بِالسِّنِّ وَالظفر. وَعَن ابْن جريج جَوَاز التذكية بِعظم الْحمار دون القرد، وَقَالَ صَاحب (الْهِدَايَة) : وَيجوز الذّبْح بالظفر والقرن وَالسّن إِذا كَانَ منزوعاً وينهر الدَّم ويفري الْأَوْدَاج، وَذكر فِي (الْجَامِع الصَّغِير) : مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ: أكره هَذَا الذّبْح وَإِن فعل فَلَا بَأْس بِأَكْلِهِ، وَاحْتج أَصْحَابنَا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَن سماك بن حَرْب عَن مري ابْن قطري عَن عدي بن حَاتِم، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله! أَرَأَيْت أَحَدنَا أصَاب صيدا وَلَيْسَ مَعَه سكين، أيذبح بالمروة وشقة الْعَصَا؟ فَقَالَ: (أمرر الدَّم بِمَا شِئْت وَاذْكُر اسْم الله) . وَفِي لفظ النَّسَائِيّ: أنهر الدَّم. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمد فِي (مُسْنده) قَالَ الْخطابِيّ: ويروى: أمره، قَالَ: وَالصَّوَاب: أمرر، بِسُكُون الْمِيم وَتَخْفِيف الرَّاء. قلت: وَبِهَذَا اللَّفْظ رَوَاهُ ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) وَالْحَاكِم فِي (الْمُسْتَدْرك) وَقَالَ: صَحِيح على شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ، وَقَالَ السُّهيْلي فِي (الرَّوْض الْأنف) : أَمر الدَّم، بِكَسْر الْمِيم، أَي: أسله، يُقَال: دم مائر أَي: سَائل، قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ النقاش وَفَسرهُ، وَرَوَاهُ أَبُو عبيد بِسُكُون الْمِيم، وَجعله من: مريت الضَّرع وَالْأول أشبه بالمعني، وَجمع الطَّبَرَانِيّ بَين الرِّوَايَات الثَّلَاث، وَفِيه رِوَايَة رَابِعَة عِنْد النَّسَائِيّ فِي (سنَنه الْكُبْرَى) : أهرق، فَيكون الْجَمِيع بِرِوَايَة أبي عبيد خمس رِوَايَات. بَيَان ذَلِك: أَن الأولى: أمرر من الإمرار، وَالثَّانيَِة: أَمر من المير، أجوف يائي، وَالثَّالِثَة: أنهر، من الإنهار، وَالرَّابِعَة: أهرق، من الإهراق. وَأَصله: أرق من الإراقة، وَالْهَاء زَائِدَة. وَالْخَامِسَة: من المري، نَاقص يائي، وَالْجَوَاب عَن قَوْله: لَيْسَ السن وَالظفر، أَنه مَحْمُول على غير المنزوع، فَإِن الْحَبَشَة كَانُوا يَفْعَلُونَ كَذَلِك إِظْهَارًا للجلادة، فَإِنَّهُم لَا يقلمون ظفراً ويحدون الْأَسْنَان بالمبرد ويقاتلون بالخدش والعض، وَلِأَنَّهُمَا إِذا ذكرا مطلقين يُرَاد فيهمَا غير المنزوع، أما المنزوع فيذكر مُقَيّدا، يُقَال: سنّ منزوع وظفر منزوع، وَقَالَ ابْن الْقطَّان فِي الحَدِيث الْمَذْكُور: شكّ فِي موضِعين: فِي اتِّصَاله، وَفِي قَوْله: أما السن فَعظم، هَل هُوَ من كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو لَا؟ ثمَّ روى عَن أبي دَاوُد هَذَا الحَدِيث، وَفِيه: قَالَ رَافع: وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَن ذَلِك، أما السن فَعظم، وَأما الظفر فمدى الْحَبَشَة، وَلم يكن أَيْضا فِي حَدِيث مُسلم. أما السن من كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نصا.

السَّابِع: أَن حكم الصيال حكم الندود، وَفِي (الْمُنْتَقى) : فِي الْبَعِير إِذا صال على إِنْسَان فَقتله وَهُوَ يُرِيد الذَّكَاة حل أكله.

الثَّامِن: أَن الذَّكَاة لَا بُد فِيهَا من آلَة حادة تجْرِي الدَّم، وَأَنه لَا يَكْفِي فِي ذَلِك الرض وَالدَّفْع بالشَّيْء الثقيل الَّذِي لَا حد لَهُ، وَإِن أَزَال الْحَيَاة، وَهَذَا مجمع عَلَيْهِ، وَسَوَاء فِي ذَلِك الْحَدِيد والنحاس والزجاج والقصب وَالْحجر، وكل مَا لَهُ حد إلَاّ مَا يسْتَثْنى مِنْهُ فِي الحَدِيث وَالله أعلم. التَّاسِع: اسْتدلَّ بقوله مَا أنهر الدَّم على أَنه يجزىء فِيمَا شرع ذبحه النَّحْر، وَفِيمَا شرع نَحره الذّبْح، وَهُوَ قَول كَافَّة الْعلمَاء إلَاّ دَاوُد ومالكاً فِي إِحْدَى الرِّوَايَات عَنهُ، وَعَن مَالك: الْكَرَاهَة فِي رِوَايَة، وَعنهُ فِي رِوَايَة: التَّفْرِقَة، فيجزىء ذبح المنحور وَلَا يجزىء نحر الْمَذْبُوح.

الْعَاشِر: أَجمعُوا على أَفضَلِيَّة نحر الْإِبِل وَذبح الْغنم، وَاخْتلفُوا فِي الْبَقر، وَالصَّحِيح إلحاقها بالغنم وَهُوَ قَول الْجُمْهُور، وَقيل: يتَخَيَّر فِيهَا بَين الْأَمريْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>