للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبي سَلمَة أَيْضا عَنهُ أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (أَيّمَا رجل أعمر عمرى لَهُ ولعقبه فَأَنَّهَا للَّذي أعطيها لَا ترجع إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا) ، لِأَنَّهُ أعْطى عَطاء وَقعت فِيهِ الْمَوَارِيث. وَعَن أبي سَلمَة عَنهُ أَيْضا. وَلَفظه، قَالَ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَيّمَا رجل أعمر رجلا عمرى لَهُ ولعقبه، فَقَالَ: قد أعطيتكها وَعَقِبك مَا بَقِي مِنْكُم أحد فَإِنَّهَا لمن أعطيها، وَإِنَّهَا لَا ترجع إِلَى صَاحبهَا من أجل أَنه أَعْطَاهَا عَطاء وَقعت فِيهِ الْمَوَارِيث) . وَعَن أبي سَلمَة أَيْضا عَن جَابر قَالَ: إِنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أجَاز رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تَقول: هِيَ لَك ولعقبك، فَأَما إِذا قَالَ: هِيَ لَك مَا عِشْت فَإِنَّهَا ترجع إِلَى صَاحبهَا. قَالَ معمر: وَكَانَ الزُّهْرِيّ يُفْتِي بِهِ. وَعَن أبي سَلمَة أَيْضا عَنهُ: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قضى فِيمَن أعمر عمرى لَهُ ولعقبه فَهِيَ لَهُ بتلة لَا يجوز للمعطي فِيهَا شَرط وَلَا ثنيا، قَالَ أَبُو سَلمَة لِأَنَّهُ أعْطى عَطاء وَقعت فِيهِ الْمَوَارِيث. فَقطعت الْمَوَارِيث شَرطه. وَأخرج مُسلم أَيْضا من رِوَايَة أبي الزبير عَن جَابر يرفعهُ إِلَى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (أَمْسكُوا عَلَيْكُم أَمْوَالكُم وَلَا تفسدوها، فَإِنَّهُ من أعمر عمرى فَهِيَ للَّذي أعمرها حَيا أَو مَيتا ولعقبه) . وَعَن أبي الزبير أَيْضا عَنهُ، قَالَ: أعمرت امْرَأَة بِالْمَدِينَةِ حَائِطا لَهَا ابْنا لَهَا، ثمَّ توفّي وَتوفيت بعده، وَترك ولدا بعده، وَله إخْوَة بنُون للمعمرة، فَقَالَ ولد المعمرة: رَجَعَ الْحَائِط إِلَيْنَا، فَقَالَ بَنو المعمّر: بل كَانَ لأبينا حَيَاته وَمَوته، فاختصموا إِلَى طَارق مولى عُثْمَان فَدَعَا جَابِرا فَشهد على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعمرى لصَاحِبهَا فَقضى بذلك طَارق، ثمَّ كتب إِلَى عبد الْملك فَأخْبرهُ بذلك، وَأخْبرهُ بِشَهَادَة جَابر، فَقَالَ عبد الْملك: صدق جَابر، فَأمْضى ذَلِك طَارق بِأَن ذَلِك الْحَائِط لبني المعمَر حَتَّى الْيَوْم. وَأخرج مُسلم أَيْضا من حَدِيث عَطاء عَن جَابر عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (الْعُمْرَى جَائِزَة) . وَأخرج أَيْضا عَن عَطاء عَنهُ عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (المرى مِيرَاث لأَهْلهَا) وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مفصلا فِي أول الْبَاب، وبهذه الْأَحَادِيث احْتج أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَالْحسن بن صَالح وَأَبُو عبيد، على: أَن الْعُمْرَى لَهُ يملكهَا ملكا تَاما يتَصَرَّف فِيهَا تصرف الْملاك، واشترطوا فِيهَا الْقَبْض على أصولهم فِي الهبات. وَذهب الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَيزِيد بن قسيط وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَاللَّيْث بن سعد وَمَالك إِلَى أَن الْعمريّ جَائِزَة وَلكنهَا ترجع إِلَى الَّذِي أعمرها، واحتجواغ فِي ذَلِك بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الْمُسلمُونَ عِنْد شروطهم) . أخرجه الطَّحَاوِيّ وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة. وَأجَاب عَنهُ الطَّحَاوِيّ بِأَن هَذَا على الشُّرُوط الَّتِي قد أَبَاحَ الْكتاب اشْتِرَاطهَا، وَجَاءَت بهَا السّنة، وَأجْمع عَلَيْهَا الْمُسلمُونَ، وَمَا نهى عَنهُ الْكتاب ونهت عَنهُ السّنة فَهُوَ غير دَاخل فِي ذَلِك. ألَا تَرى أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ فِي حَدِيث بَرِيرَة: (كل شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله تَعَالَى فَهُوَ بَاطِل، وَإِن كَانَ مائَة شَرط) ؟ .

٦٢٦٢ - حدَّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ قَالَ حدَّثنا هَمَّامٌ قَالَ حدَّثنا قَتادَةُ قَالَ حدَّثني النَّضْرُ بنُ أنس عنْ بَشيرِ بنِ نَهيكٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ العُمْراى جائِزَةٌ.

هَذَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة مثل حَدِيث جَابر، لَكِن حَدِيث جَابر روى عَن فعله، وَهَذَا عَن قَوْله، وَهَمَّام هُوَ ابْن يحيى الشَّيْبَانِيّ الْبَصْرِيّ، وَالنضْر، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة: ابْن أنس بن مَالك البُخَارِيّ الْأنْصَارِيّ، وَبشير، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الشين الْمُعْجَمَة: ابْن نهيك، بِفَتْح النُّون وَكسر الْهَاء: السلوسي، وَيُقَال: السدُوسِي، يعد فِي الْبَصرِيين. وَفِيه: ثَلَاثَة من التَّابِعين على نسق وَاحِد وهم قَتَادَة وَالنضْر وَبشير.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَرَائِض عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار وَعَن يحيى ابْن حبيب. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْبيُوع عَن أبي الْوَلِيد، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعُمْرَى عَن مُحَمَّد بن الْمثنى.

قَوْله: (الْعُمْرَى جَائِزَة) ، قَالَ الطَّحَاوِيّ: أَي جَائِزَة للمعمَر لَا حق فِيهَا للمعمِر بعد ذَلِك أبدا. وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْحسن عَن سَمُرَة: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (الْعُمْرَى جَائِزَة لأَهْلهَا، أَو مِيرَاث لأَهْلهَا) ، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عبد الله بن الزبير، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الْعُمْرَى جَائِزَة لمن أعمرها، والرقبى لمن راقبها، سَبِيلهَا سَبِيل الْمِيرَاث) .

فَإِن قلت: روى النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا عمرى، فَمن أعمر شَيْئا فَهُوَ لَهُ) . وَهَذَا يُعَارض هَذَا الحَدِيث؟ قلت: لَا مُعَارضَة، لِأَن معنى الحَدِيث قَوْله: لَا عمرى بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَة على مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّة من الرُّجُوع، أَي: فَلَيْسَ لَهُم الْعُمْرَى الْمَعْرُوفَة عِنْدهم الْمُقْتَضِيَة للرُّجُوع. فَإِن قلت: فِي حَدِيث ابْن عمر عِنْد النَّسَائِيّ: (لَا عمرى وَلَا رقبى) ، وَعند أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ فِي حَدِيث جَابر: (لَا ترقبوا وَلَا تعمروا) ، وَفِي رِوَايَة لمُسلم: أَمْسكُوا عَلَيْكُم أَمْوَالكُم لَا تفسدوها ... الحَدِيث، وَقد مضى عَن قريب؟ قلت: أَحَادِيث النَّهْي مَحْمُولَة على الْإِرْشَاد، يَعْنِي: إِن كَانَ لكم غَرَض فِي عود أَمْوَالكُم إِلَيْكُم فَلَا تعمروها فَإِنَّكُم إِذا أعمرتموها لم ترجع إِلَيْكُم، فَلذَلِك قَالَ: لَا تفسدوها، أَي: لَا تفسدوا ماليتكم فَإِنَّهَا لن تعود إِلَيْكُم، وَفِي بعض طرق حَدِيث جَابر عِنْد مُسلم: جعلت الْأَنْصَار يعمرون الْمُهَاجِرين، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَمْسكُوا عَلَيْكُم أَمْوَالكُم) . انْتهى. وَكَأَنَّهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>