هَذَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة مثل حَدِيث جَابر، لَكِن حَدِيث جَابر روى عَن فعله، وَهَذَا عَن قَوْله، وَهَمَّام هُوَ ابْن يحيى الشَّيْبَانِيّ الْبَصْرِيّ، وَالنضْر، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة: ابْن أنس بن مَالك البُخَارِيّ الْأنْصَارِيّ، وَبشير، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الشين الْمُعْجَمَة: ابْن نهيك، بِفَتْح النُّون وَكسر الْهَاء: السلوسي، وَيُقَال: السدُوسِي، يعد فِي الْبَصرِيين. وَفِيه: ثَلَاثَة من التَّابِعين على نسق وَاحِد وهم قَتَادَة وَالنضْر وَبشير.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَرَائِض عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار وَعَن يحيى ابْن حبيب. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْبيُوع عَن أبي الْوَلِيد، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعُمْرَى عَن مُحَمَّد بن الْمثنى.
قَوْله:(الْعُمْرَى جَائِزَة) ، قَالَ الطَّحَاوِيّ: أَي جَائِزَة للمعمَر لَا حق فِيهَا للمعمِر بعد ذَلِك أبدا. وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْحسن عَن سَمُرَة: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ:(الْعُمْرَى جَائِزَة لأَهْلهَا، أَو مِيرَاث لأَهْلهَا) ، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عبد الله بن الزبير، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:(الْعُمْرَى جَائِزَة لمن أعمرها، والرقبى لمن راقبها، سَبِيلهَا سَبِيل الْمِيرَاث) .
فَإِن قلت: روى النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:(لَا عمرى، فَمن أعمر شَيْئا فَهُوَ لَهُ) . وَهَذَا يُعَارض هَذَا الحَدِيث؟ قلت: لَا مُعَارضَة، لِأَن معنى الحَدِيث قَوْله: لَا عمرى بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَة على مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّة من الرُّجُوع، أَي: فَلَيْسَ لَهُم الْعُمْرَى الْمَعْرُوفَة عِنْدهم الْمُقْتَضِيَة للرُّجُوع. فَإِن قلت: فِي حَدِيث ابْن عمر عِنْد النَّسَائِيّ: (لَا عمرى وَلَا رقبى) ، وَعند أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ فِي حَدِيث جَابر:(لَا ترقبوا وَلَا تعمروا) ، وَفِي رِوَايَة لمُسلم: أَمْسكُوا عَلَيْكُم أَمْوَالكُم لَا تفسدوها ... الحَدِيث، وَقد مضى عَن قريب؟ قلت: أَحَادِيث النَّهْي مَحْمُولَة على الْإِرْشَاد، يَعْنِي: إِن كَانَ لكم غَرَض فِي عود أَمْوَالكُم إِلَيْكُم فَلَا تعمروها فَإِنَّكُم إِذا أعمرتموها لم ترجع إِلَيْكُم، فَلذَلِك قَالَ: لَا تفسدوها، أَي: لَا تفسدوا ماليتكم فَإِنَّهَا لن تعود إِلَيْكُم، وَفِي بعض طرق حَدِيث جَابر عِنْد مُسلم: جعلت الْأَنْصَار يعمرون الْمُهَاجِرين، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:(أَمْسكُوا عَلَيْكُم أَمْوَالكُم) . انْتهى. وَكَأَنَّهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم