هَذَا من بَقِيَّة التَّرْجَمَة، أَي: فِي أَمر الْإِرْضَاع، لِأَنَّهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَمر فِيهِ بالتثبت احْتِيَاطًا، وَسَيَجِيءُ فِي آخر حَدِيث من أَحَادِيث الْبَاب. قَالَ: (يَا عَائِشَة: أنظرن من أخوانكن، فَإِنَّمَا الرضَاعَة من المجاعة) . وَالْمرَاد بِالنّظرِ هُنَا التفكر والتأمل، على مَا يَجِيء، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
٤٤٦٢ - حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ أخبرنَا الحَكَمُ عنْ عِرَاكِ بنِ مالِكٍ عنْ عُرْوَةَ ابنِ الزُبَيْرِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتِ اسْتَأْذَنِ عليَّ أفْلَحُ فَلَمْ آذَنْ لَهُ فَقَالَ أتَحْتَجِبِينَ مِنِّي وأنَا عَمُّكِ فَقُلْتُ وكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ أرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أخِي بِلَبَنِ أخِي فَقالَتْ سألْتُ عنْ ذالِكَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ صَدَقَ أفْلَحُ أئْذَنِي لَهُ..
مطابقته لجزء التَّرْجَمَة الَّتِي هِيَ قَوْله: والتثبت فِيهِ، وَذَلِكَ لِأَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قد تثبتت فِي أَمر حكم الرَّضَاع الَّذِي كَانَ بَينهَا وَبَين أَفْلح الْمَذْكُور، وَالدَّلِيل على تثبتها أَنَّهَا مَا أَذِنت لَهُ حَتَّى سَأَلت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن ذَلِك، وَالْحكم، بِفتْحَتَيْنِ: هُوَ ابْن عتيبة مصغر عتبَة الْبَاب وَقد تكَرر ذكره، وعراك، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الرَّاء.
وَهَذَا الحَدِيث أخرجة بَقِيَّة السِّتَّة. وَأخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ فِي النِّكَاح من رِوَايَة عرَاك عَن عُرْوَة عَنْهَا. وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ فِي النِّكَاح من رِوَايَة مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَنْهَا. وَأخرجه مُسلم أَيْضا وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه فِي النِّكَاح من رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَنْهَا. وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي النِّكَاح من رِوَايَة يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَنْهَا، وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن حسان بن مُوسَى وَمُسلم فِي النِّكَاح عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَالنَّسَائِيّ فِيهِ، وَفِي الطَّلَاق عَن عَمْرو بن عَليّ، الْكل من رِوَايَة معمر بن رَاشد عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَنْهَا. وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي النِّكَاح عَن ابْن أبي شيبَة. وَالتِّرْمِذِيّ فِي الرَّضَاع عَن الْحسن بن عَليّ من رِوَايَة عبد الله بن نمير عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَنْهَا. وَأخرجه مُسلم أَيْضا وَالنَّسَائِيّ فِي النِّكَاح من رِوَايَة عَطاء بن أبي رَبَاح عَن عُرْوَة عَنْهَا. وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَنْهَا. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي النِّكَاح عَن مُحَمَّد بن كثير عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَنْهَا.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (اسْتَأْذن) ، أَي: طلب الْإِذْن، وفاعله قَوْله: أَفْلح، وَقَوله: عَليّ، بتَشْديد الْيَاء. وَقد اخْتلف فِي: أَفْلح، هَذَا فَقيل: ابْن أبي القعيس، بِضَم الْقَاف وَفتح العي الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره سين مُهْملَة، وَقَالَ أَبُو عمر: قيل: أَبُو القعيس، وَقيل: أَخُو أَبُو القعيس، وأصحها مَا قَالَ مَالك وَمن تَابعه: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: جَاءَ أَفْلح، أَخُو أبي القعيس، وَيُقَال: إِنَّه من الْأَشْعَرِيين، وَقيل: إِن إسم أبي القعيس الْجَعْد، وَيُقَال: أَفْلح يكنى أَبَا الجعيد. وَقيل: إسم أبي القعيس وَائِل بن أَفْلح، وَقيل: أَفْلح بن أبي الْجَعْد، روى ذَلِك عبد الرَّزَّاق، وَقيل أَيْضا: عمي أَبُو الْجَعْد. وَفِي (صَحِيح الْإِسْمَاعِيلِيّ) : أَفْلح بن قعيس، أَو ابْن أبي القعيس. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: قَالَ هِشَام بن عُرْوَة: إِنَّمَا هُوَ أَبُو القعيس أَفْلح، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيح، إِنَّمَا هُوَ أَبُو الْجَعْد أَخُو أبي القعيس. وَقَالَ النَّوَوِيّ: اخْتلف الْعلمَاء فِي عَم عَائِشَة الْمَذْكُور، فَقَالَ أَبُو الْحسن الْقَابِسِيّ: هما عمان لعَائِشَة من الرضَاعَة: أَحدهمَا أَخُو أَبِيهَا أبي بكر، من الرضَاعَة الَّذِي هُوَ أَبُو القعيس، وَأَبُو القعيس أَبوهَا من الرضَاعَة، وَأَخُوهُ أَفْلح عَمها. وَقيل: هُوَ عَم وَاحِد، وَهُوَ غلط، فَإِن عَمها فِي الحَدِيث الأول ميت، وَفِي الثَّانِي حَيّ، جَاءَ يسْتَأْذن. قلت: المُرَاد من الحَدِيث الأول هُوَ مَا قَالَت عَائِشَة: يَا رَسُول الله، لَو كَانَ فلَان حَيا، لعمها من الرضَاعَة، دخل عَليّ، قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (نعم! إِن الرضَاعَة تحرم مَا تحرم الْولادَة) . ثمَّ قَالَ النَّوَوِيّ: وَالصَّوَاب: مَا قَالَه القَاضِي، فَإِنَّهُ ذكر الْقَوْلَيْنِ، ثمَّ قَالَ: قَول الْقَابِسِيّ أشبه، لِأَنَّهُ لَو كَانَ وَاحِدًا لفهمت حكمه من الْمرة الأولى، وَلم يحتجب مِنْهُ بعد ذَلِك. فَإِن قيل: فَإِذا كَانَا عمين كَيفَ سَأَلت عَن الْمَيِّت، وأعلمها النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه عَم لَهَا يدْخل عَلَيْهَا، واحتجبت عَن عَمها الآخر. أخي أبي القعيس حَتَّى أعلمها النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ عَمها يدْخل عَلَيْهَا، فَهَلا اكتفت بِأحد السؤالين؟ فَالْجَوَاب: أَنه يحْتَمل أَن أَحدهمَا: كَانَ عَمَّا من أحد الْأَبَوَيْنِ، وَالْآخر: مِنْهُمَا أَو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute