للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى، وَإِنَّمَا أوردهُ هُنَا لبَيَان مَا وَقع فِي رِوَايَة معمر بن رَاشد من الإدراج. قَوْله: (كَانَ يمتحنهن) أَي: يختبرهن بِالْحلف وَالنَّظَر فِي الأمارات. قَوْله: (وبلغنا) هُوَ مقول الزُّهْرِيّ، وَكَذَا قَوْله: (وبلغنا أَن أَبَا بَصِير) إِلَى آخِره، وَالْمرَاد بِهِ: أَن قصَّة أبي بَصِير فِي رِوَايَة عقيل من مُرْسل الزُّهْرِيّ، وَفِي رِوَايَة معمر مَوْصُولَة إِلَى الْمسور، لَكِن قد تَابع معمراً على وَصلهَا ابْن إِسْحَاق، وتابع عقيلاً الْأَوْزَاعِيّ على إرسالها، وَالظَّاهِر أَن الزُّهْرِيّ كَانَ يرسلها تَارَة ويوصلها أُخْرَى. قَوْله: (من أَزوَاجهم) ويروى من أَزوَاجهنَّ، وتأويله: أَن الْإِضَافَة بَيَانِيَّة أَي: أَزوَاج هِيَ هن، وَفِيه تعسف. وَضبط (قريبَة) قد تقدم فِي الشُّرُوط، وَابْنَة جَرْوَل، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْوَاو وباللام الْخُزَاعِيّ أم عبد الله بن عمر، قيل: إسمها كُلْثُوم، وَأَبُو جهم، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْهَاء: عَامر بن حُذَيْفَة الْأمَوِي، وَقد تقدم أَن ابْنة جَرْوَل تزَوجهَا صَفْوَان بن أُميَّة، وَهنا يَقُول: تزَوجهَا أَبُو جهم، وَوَجهه: أَن الأول رِوَايَة عقيل عَن الزُّهْرِيّ، وَالثَّانِي رِوَايَة معمر عَنهُ. قَوْله: (وَإِن فاتكم) أَي: سبقكم. قَوْله: {فعاقبتم} قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: من الْعقبَة وَهِي النّوبَة، شبه مَا حكم بِهِ على الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين من أَدَاء المهور بِأَمْر يتعاقبون فِيهِ، وَمَعْنَاهُ: فَجَاءَت عقبتكم من أَدَاء المهور. قَوْله: (أَن يعْطى) على صِيغَة الْمَجْهُول، وَقَوله: (من صدَاق) يتَعَلَّق بِهِ. وَقَوله: (وَمن ذهب) هُوَ مفعول مَا لم يسم فَاعله. وَقَوله: (وَمَا أنْفق) هُوَ الْمَفْعُول. قَوْله: (مُؤمنا) حَال، وَوَقع فِي رِوَايَة السَّرخسِيّ وَالْمُسْتَمْلِي: قدم من منى، وَهُوَ تَصْحِيف، قَوْله: (مُهَاجرا) حَال، إِمَّا من الْأَحْوَال المترادفة أَو من المتداخلة. قَوْله: (فِي الْمدَّة) ، أَي: فِي مُدَّة الْمُصَالحَة. قَوْله: (يسْأَله) جملَة وَقعت حَالا.

ذكر مَا يُسْتَفَاد من هَذَا الحَدِيث: الَّذِي مَا وَقع فِي البُخَارِيّ حَدِيث أطول مِنْهُ. فِيهِ: الْمُصَالحَة مَعَ أهل الْحَرْب على مُدَّة مُعينَة وَاخْتلفُوا فِي الْمدَّة. فَقيل: لَا تجَاوز عشر سِنِين، على مَا فِي الحَدِيث الْمَذْكُور، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور، وَقيل: تجوز الزِّيَادَة، وَقيل: لَا تجَاوز أَربع سِنِين، وَقيل: ثَلَاث سِنِين، وَقيل: سنتَيْن. وَقَالَ أَصْحَابنَا يجوز الصُّلْح مَعَ الْكفَّار بِمَال يُؤْخَذ مِنْهُم أَو يدْفع إِلَيْهِم إِذا كَانَ الصُّلْح خيرا فِي حق الْمُسلمين، وَالَّذِي يُؤْخَذ مِنْهُم بِالصُّلْحِ يصرف مصارف الْجِزْيَة. وَفِيه: كِتَابَة الشُّرُوط الَّتِي تَنْعَقِد بَين الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين وَالْإِشْهَاد عَلَيْهَا ليَكُون ذَلِك شَاهدا على من رام نقض ذَلِك وَالرُّجُوع مِنْهُ. وَفِيه: الاستتار عَن طلائع الْمُشْركين ومفاجأتهم بالجيش وَطلب غرتهم إِذا بلغتهم الدعْوَة. وَفِيه: جَوَاز التنكب عَن الطَّرِيق بالجيوش، وَإِن كَانَ فِي ذَلِك مشقة. وَفِيه: بركَة التَّيَامُن فِي الْأُمُور كلهَا. وَفِيه: أَن مَا عرض للسُّلْطَان وقواد الجيوش وَجَمِيع النَّاس مِمَّا هُوَ خَارج عَن الْعَادة يجب عَلَيْهِم أَن يتأملوه وينظروا السّنة فِي قَضَاء الله تَعَالَى فِي الْأُمَم الخالية، ويمتثلوا ويعلموا أَن ذَلِك مثل ضرب لَهُم، ونبهوا عَلَيْهِ، كَمَا امتثله الشَّارِع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَمر نَاقَته وبروكها فِي قصَّة الْفِيل، لِأَنَّهَا كَانَت إِذا وجهت إِلَى مَكَّة بَركت، وَإِذا صرفت عَنْهَا مشت، كَمَا كَانَ دأب الْفِيل، وَهَذَا خَارج عَن الْعَادة، فَعلم أَن الله صرفهَا عَن مَكَّة كالفيل. وَفِيه: عَلَامَات النُّبُوَّة وبركته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَفِيه: بركَة السِّلَاح المحمولة فِي سَبِيل الله. وَفِيه: التفاؤل من الِاسْم كَمَا سلف. وَفِيه: أَن أَصْحَاب السُّلْطَان يجب عَلَيْهِم مُرَاعَاة أمره وعونه. وَفِيه: أَن من صَالح أَو عَاقد على شَيْء بالْكلَام ثمَّ لم يوف لَهُ بِهِ أَنه بِالْخِيَارِ فِي النَّقْض. وَفِيه: جَوَاز الْمُعَارضَة فِي الْعلم حَتَّى تتبين الْمعَانِي. وَفِيه: أَن الْكَلَام مَحْمُول على الْعُمُوم حَتَّى يقوم عَلَيْهِ دَلِيل الْخُصُوص، أَلا يرى أَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، جمل كَلَامه على الْخُصُوص، لِأَنَّهُ طَالبه بِدُخُول الْبَيْت فِي ذَلِك الْعَام، فَأخْبرهُ أَنه لم يعده بذلك فِي ذَلِك الْعَام، بل وعده وَعدا مُطلقًا فِي الدَّهْر، حَتَّى وَقع ذَلِك، فَدلَّ على أَن الْكَلَام مَحْمُول على الْعُمُوم، حَتَّى يَأْتِي دَلِيل الْخُصُوص. وَفِيه: أَن من حلف على فعل وَلم يُوَقت وقتا أَن وقته أَيَّام حَيَاته. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: فَإِن حلف بِالطَّلَاق على فعل وَلم يُوَقت وقتا. أَن وقته أَيَّام حَيَاته، وَإِن حلف بِالطَّلَاق ليفعلن كَذَا إِلَى وَقت غير مَعْلُوم، فَقَالَت طَائِفَة: لَا يَطَأهَا حَتَّى يفعل الَّذِي حلف عَلَيْهِ، فَأَيّهمَا مَاتَ لم يَرِثهُ صَاحبه، هَذَا قَول سعيد بن الْمسيب وَالْحسن وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَأبي عبيد. وَقَالَت طَائِفَة: إِن مَاتَ ورثته وَله وَطْؤُهَا، رُوِيَ هَذَا عَن عَطاء، وَقَالَ يحيى بن سعيد: تَرثه إِن مَاتَ، وَقَالَ مَالك: إِن مَاتَت امْرَأَته يَرِثهَا. وَقَالَ الثَّوْريّ: إِنَّمَا يَقع الْحِنْث بعد الْمَوْت، وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر، وَقَالَ أَبُو ثَوْر أَيْضا: إِذا حلف وَلم يُوَقت فَهُوَ على يَمِينه حَتَّى يَمُوت، وَلَا يَقع حنث بعد الْمَوْت، فَإِذا مَاتَ لم يكن عَلَيْهِ شَيْء. وَقَالَت طَائِفَة: يضْرب لَهما أجل الْمولى: أَرْبَعَة أشهر، رُوِيَ هَذَا عَن الْقَاسِم وَسَالم، وَهُوَ قَول ربيعَة وَالْأَوْزَاعِيّ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن قَالَ: أَنْت طَالِق إِن لم آتٍ الْبَصْرَة، فَمَاتَتْ امْرَأَته قبل أَن يَأْتِي الْبَصْرَة فَلهُ الْمِيرَاث، وَلَا يضرّهُ أَن لَا يَأْتِي الْبَصْرَة بعد، لِأَن

<<  <  ج: ص:  >  >>