الْمُؤمنِينَ} (الْفَتْح: ٥٢) . فتوقروا وصبروا. قَوْله: {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} (الْفَتْح: ٥٢) . أَي: الْإِخْلَاص، وَقيل: كلمة التَّقْوَى: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، وَمُحَمّد رَسُول الله) . وَقيل: (لَا إِلَه إلَاّ الله، وَقيل: لَا إِلَه إلَاّ الله مُحَمَّد رَسُول الله) . وَعَن الْحسن: الْوَفَاء بالعهد، وَمعنى: (لَزِمَهُم: أوجب عَلَيْهِم) ، وَقيل: ألزمهم الثَّبَات عَلَيْهَا، وَكَانُوا أَحَق بهَا وَأَهْلهَا من غَيرهم.
قَالَ أبُو عَبْدِ الله مَعَرَّةٌ الْعُرُّ الجَرَبُ تَزَيَّلُوا إنْمازُوا الحَمِيَّةُ حَمَيْتُ أنْفي حَمِيَّةً ومَحْمِيَّةً وحَمَيْتُ المَرِيضَ حِمْيَةً وحَمَيْتُ القَوْمَ مَنَعْتُهُمْ حِمايَةً وأحْمَيْتُ الْحِمَى جَعَلْتُهُ حمى لَا يُدْخَلُ وأحْمَيْتُ الحَدِيدَ وأحْمَيْتُ الرَّجُلَ إذَا أغْضَبْتَهُ إحْمَاءً
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ، هَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده، وَقد فسر هُنَا ثَلَاثَة أَلْفَاظ الَّتِي وَقعت فِي الْآيَات الْمَذْكُورَة، أَحدهَا: هُوَ قَوْله: (العر) أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن لفظ: المعرة، الَّتِي فِي الْآيَة الْكَرِيمَة مُشْتَقَّة من: العر، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة. وَتَشْديد الرَّاء، ثمَّ فسر: العر، بالجرب، بِالْجِيم: وَقَالَ ابْن الْأَثِير: (المعرة الْأَمر الْقَبِيح الْمَكْرُوه، والأذى، وَهِي مفعلة من العر) . وَقَالَ الْجَوْهَرِي: (العر، بِالْفَتْح: الجرب، تَقول مِنْهُ: عرت الْإِبِل تعر فَهِيَ عارة، والعر، بِالضَّمِّ: قُرُوح مثل القوباء تخرج بِالْإِبِلِ مُتَفَرِّقَة فِي مشافرها وقوائمها، يسيل مِنْهَا مثل المَاء الْأَصْفَر، فتكوى الصِّحَاح لِئَلَّا تعديها المراض، تَقول مِنْهُ: عرَّت الْإِبِل فَهِيَ معرورة) . الثَّانِي: هُوَ قَوْله: (تزيلوا) ، وَفَسرهُ بقوله: إنمازوا وَهُوَ من: الميز، يُقَال: مزت الشَّيْء من الشَّيْء: إِذا فرقت بَينهمَا فانماز، وامتاز وميزته فتميز. الثَّالِث: هُوَ قَوْله: (الحمية) إِلَى آخِره، وَقد ذكر فِيهِ سِتَّة مَعَاني. الأول: حميت أنفي حمية، وَهَذَا يسْتَعْمل فِي شَيْء تأنف مِنْهُ، وداخلك عَار ومصدره حمية ومحمية. فَالْأول بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، يُقَال: حمى من ذَلِك أنفًا أَي: أَخَذته الحمية، وَهِي الأنفة والغيرة. الثَّانِي: حميت الْمَرِيض أَي: الطَّعَام، ومصدره: حمية، بِكَسْر الْحَاء وَسُكُون الْمِيم وَفتح الْيَاء وَجَاء: حموه، أَيْضا. وَالثَّالِث: حميت الْقَوْم: منعتهم من حُصُول الشَّرّ والأذى إِلَيْهِم، ومصدره: حماية، على وزن فعالة بِالْكَسْرِ. وَالرَّابِع: أحميت الْحمى، بِكَسْر الْحَاء وَفتح الْمِيم مَقْصُور لَا يدْخل فِيهِ وَلَا يقرب مِنْهُ، وَهَذَا حمى على وزن فعل، بِكَسْر الْفَاء وَفتح الْعين أَي: مَحْظُور لَا يقرب. وَالْخَامِس: أحميت الْحَدِيد فِي النَّار، فَهُوَ محمي وَلَا يُقَال: حميته. وَالسَّادِس: أحميت الرجل إِذا أغضبته، وحميت عَلَيْهِ غضِبت ومصدر الأول إحماء بِكَسْر الْهمزَة. وَله معنى سَابِع: حمى النَّهَار بِالْكَسْرِ، وَحمى التَّنور حمياً، فيهمَا أَي: اشْتَدَّ حره. وَحكى الْكسَائي: اشْتَدَّ حمى الشَّمْس وحموها بِمَعْنى. وَمعنى ثامن: حاميت على ضَيْفِي إِذا احتفلت لَهُ. وَمعنى تَاسِع: احتميت من الطَّعَام احتماء.
٣٣٧٢ - وقالَ عُقَيْلٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ عُرْوَةُ فأخْبَرَتْنِي عائِشَةُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يَمْتَحِنُهُنَّ وبَلَغَنا أنَّهُ لَمَّا أنزَلَ الله تَعَالى {أنْ يَرُدُّوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ مَا أنفَقُوا عَلى منْ هاجَرَ مِنْ أزْواجِهِمْ} وحَكَمَ عَلى الْمُسْلِمِينَ أنْ لَا يُمَسِّكُوا بِعِصَم الْكَوَافِرِ أنَّ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأتَيْنِ قَرِيبَةَ بِنْتَ أبي أُمَيَّةَ وابْنَةَ جَرْوَلٍ الخُزَاعِيِّ فتَزَوَّجَ قَرِيبَة مُعَاوِيَةُ وتَزَوَّجَ الأخْرَى أبُو جَهْمٍ فلَمَّا أبَى الكُفَّارُ أنْ يُقِرُّوا بِأدَاء مَا أنْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أزْواجِهِمْ أنْزَلَ الله تَعَالَى {وإنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أزْوَاجِكُمْ إلَى الكُفَّارِ فَعاقَبْتُم} (الممتحنة: ١١) . والعَقْبُ مَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ إِلَى منْ هاجَرَتِ امْرَأتُهُ مِنَ الكُفَّارِ فأمَرَ أنْ يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنَ المُسْلِمِينَ مَا أنْفَقَ مِنْ صَدَاقِ نِساءِ الْكُفَّارِ الَّلاتي هاجَرْنَ وَمَا نَعْلَمُ أحَداً مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إيمانِهَا وبَلَغَنا أنَّ أَبَا بَصِيرِ بنَ أسِيدٍ الثَّقَفِيَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُؤْمِنَاً مُهَاجِراً فِي الْمُدَّةِ فكَتَبَ الأخْنَسُ بنُ شرِيق إِلَى النَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسْألُهُ أبَا بَصِيرٍ فذَكَرَ الحَدِيثَ..
قَوْله: قَالَ عقيل، بِضَم الْعين عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ ... إِلَى آخِره تقدم مَوْصُولا بِتَمَامِهِ فِي أول الشُّرُوط، وَمضى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute