عَبَّاسٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ فِي حَجَّتِهِ فَقَالَ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أنْ أرْمِيَ، فَأْوَمَأ بِيدِهِ قَالَ: (وَلَا حَرَجَ) . قَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أذْبَحَ، فَأوْمأ بِيَدِهِ ولَا حَرَجَ..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ الْإِشَارَة بِالْيَدِ فِي جَوَاب الْفتيا، وَهُوَ قَوْله: (فاومأ بِيَدِهِ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة. الأول: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَبُو سَلمَة، بِفَتْح اللَّام: التَّبُوذَكِي الْحَافِظ الْبَصْرِيّ. وَقد مر ذكره. الثَّانِي: وهيب، بِضَم الْوَاو وَفتح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة: ابْن خَالِد الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ. الثَّالِث: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ الْبَصْرِيّ. الرَّابِع: عِكْرِمَة، مولى ابْن الْعَبَّاس. الْخَامِس: عبد اللَّه بن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا.
بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم بصريون. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْحَج عَن عَليّ بن مُحَمَّد الطنافسي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أَيُّوب بِهِ نَحوه. وَأخرجه أَيْضا فِي الْحَج عَن مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل عَن وهيب عَن عبد اللَّه بن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس. وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن مُحَمَّد بن حَاتِم عَن بهز بن أَسد عَن وهيب عَنهُ بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ أَيْضا عَن عَمْرو بن مَنْصُور عَن الْمُعَلَّى بن أَسد عَن وهيب بِهِ.
بَيَان اللُّغَات وَالْإِعْرَاب: قَوْله (فَأَوْمأ) أَي: أَشَارَ، وثلاثيه: ومأت إِلَيْهِ أميء ومأً، وأَومأت إِلَيْهِ وأومأته أَيْضا، وومأت تومئة: اشرت. قَوْله: (سُئِلَ) ، بِضَم السِّين. قَوْله: (فَقَالَ) أَي السَّائِل: ذبحت قبل أَن أرمي، أَي: فَمَا حكمك فِيهِ هَل يَصح؟ وَهل عَليّ فِيهِ حرج؟ قَوْله: (فَأَوْمأ) أَي: رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِيَدِهِ. قَوْله: (قَالَ: وَلَا حرج) : أَي: قَالَ النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: وَلَا حرج عَلَيْك. فَإِن قلت: مَا مَحل: قَالَ، من الْإِعْرَاب؟ قلت: مَحَله النصب على الْحَال. أَي: فَأَوْمأ بِيَدِهِ حَال كَونه قد قَالَ: وَلَا حرج عَلَيْك، وَالْأَحْسَن أَن يكون بَيَانا لقَوْله: (فَأَوْمأ) ، وَلِهَذَا ذكر بِدُونِ الْوَاو العاطفة حَيْثُ لم يقل: فَأَوْمأ بِيَدِهِ، وَقَالَ: وَأما الْوَاو فِي: (وَلَا حرج) . فَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَغَيره، وَلَيْسَت بموجودة فِي رِوَايَة ابْن ذَر. وَأما فِي (وَلَا حرج) الثَّانِي فَهِيَ مَوْجُودَة عِنْد الْكل. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: لم ترك الْوَاو أَولا فِي: (وَلَا حرج) : وَذكر ثَانِيًا فِيهِ؟ قلت: لِأَن الأول كَانَ فِي ابْتِدَاء الحكم، وَالثَّانِي عطف على الْمَذْكُور أَولا. قلت: هَذَا إِنَّمَا يتمشى على رِوَايَة أبي ذَر على مَا لَا يخفى. قَوْله: (وَقَالَ: حلقت) أَي: قَالَ سَائل آخر، أَو ذَلِك السَّائِل بِعَيْنِه. قَوْله: (قبل أَن اذْبَحْ) أَن، فِيهِ مَصْدَرِيَّة أَي: قبل الذّبْح. قَوْله: (فَأَوْمأ) أَي: رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِيَدِهِ وَلَا حرج. وَلم يذكر هَهُنَا: قَالَ: وَلَا حرج. وَإِنَّمَا قَالَ: فَأَوْمأ بِيَدِهِ وَلَا حرج. وَلم يحْتَج إِلَى ذكر: قَالَ، هَهُنَا لِأَنَّهُ أَشَارَ بِيَدِهِ بِحَيْثُ فهم من تِلْكَ الْإِشَارَة أَنه لَا حرج، سِيمَا وَقد سُئِلَ عَن الْحَرج، أَو يقدر لَفْظَة قَالَ. وَالتَّقْدِير: فَأَوْمأ بِيَدِهِ، قَالَ: وَلَا حرج، أَو قَائِلا: وَلَا حرج. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بعض النّسخ: (فَأَوْمأ بِيَدِهِ أَن لَا حرج) ، ثمَّ قَالَ: ان، إِمَّا صلَة لقَوْله: (أَوْمَأ) . وَإِمَّا تفسيرية، إِذْ فِي الْإِيمَاء معنى القَوْل.
٨٥ - حدّثنا المَكِّيُّ بنُ إبْراهِيمَ قَالَ: أخبرنَا خَنْظَلةُ بنُ أبي سُفْيانَ عنْ سالِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَن النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (يُقْبَضُ العِلْمُ وَيَظْهَرُ الجَهْلُ والفِتَنُ وَيَكْثُرُ الهَرْجُ) قِيلَ: يَا رَسُول الله! ومَا الهَرْجُ؟ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَها كأنَّهُ يُرِيدُ القَتْلَ..
مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ الْإِشَارَة بِالْيَدِ كَمَا فِي الحَدِيث السَّابِق.
بَيَان رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: الْمَكِّيّ بن إِبْرَاهِيم بن بشر، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الشين الْمُعْجَمَة وبالراء، ابْن فرقد أَبُو السكن الْبَلْخِي أَخُو إِسْمَاعِيل وَيَعْقُوب، سمع حَنْظَلَة وَغَيره من التَّابِعين، وَهُوَ أكبر شُيُوخ البُخَارِيّ من الخراسانيين لِأَنَّهُ روى عَن التَّابِعين، وروى عَنهُ أَحْمد وَيحيى بن معِين، وروى عَنهُ البُخَارِيّ فِي الصَّلَاة والبيوع وَغير مَوضِع، وَأخرج فِي الْبيُوع عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَنهُ عَن عبد اللَّه بن سعيد، وروى مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ، وَقَالَ أَحْمد: ثِقَة. وَقَالَ ابْن سعد: ثِقَة ثَبت، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: مَحَله الصدْق. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَا بَأْس بِهِ. ولد سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَة، وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وَمِائَتَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute