أَيْضا، وَعلا بِالْكَسْرِ فِي الشِرف يعلي عَلَاء، وَيُقَال أَيْضا: بِالْفَتْح يعلى، قَالَ رؤبة:
(دفعك داواني وَقد جويت ... لما علا كعبك لي عليت)
فَجمع بَين اللغتين، هَذَا رِوَايَة الْأَكْثَرين، أَعنِي: علاني. وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة: تجلاني، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة وَالْجِيم وَتَشْديد اللَّام، وَأَصله: تجللني، أَي: علاني. قَالَ فِي (الْعباب) : تجلله أَي: علاهُ. قلت: هَذَا مثل: تقضى الْبَازِي، أَصله: تقضض، فاستثقلوا ثَلَاث ضادات، فابدلوا من إِحْدَاهُنَّ يَاء، فَصَارَ يَاء. وَكَذَلِكَ استثقلوا ثَلَاث لامات فأبدلوا من إِحْدَاهُنَّ يَاء فَصَارَ: تجلى. وَرُبمَا يَظُنّهُ من لَا خبْرَة لَهُ من مواد الْكَلَام أَن هَذَا من النواقص، وَهُوَ من المضاعف. وَقَالَ بَعضهم: تجلاني، بمثناة وجيم وَلَام مُشَدّدَة: وجلال الشَّيْء مَا غطي بِهِ. قلت: الْجلَال جمع: جلّ الْفرس، وَلَا مُنَاسبَة لذكره مَعَ: تجلاني، وَإِن كَانَا مشتركين فِي أصل الْمَادَّة، لِأَن ذَلِك فعل من بَاب التفعيل، وَهَذَا اسْم، وَهُوَ جمع. وَلَو قَالَ: وَمِنْه جلال الشَّيْء، كَانَ لَا بَأْس بِهِ، تَنْبِيها على أَنَّهُمَا مشتركان فِي أصل الْمَادَّة. وَأَيْضًا لَا يُقَال: جلال الشَّيْء مَا غطى بِهِ، بل الَّذِي يُقَال: جلّ الشَّيْء. قلت: (الغشي) ، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره يَاء آخر الْحُرُوف، مُخَفّفَة من غشى عَلَيْهِ غشية وغشياً وغشياناً فَهُوَ مغشي عَلَيْهِ، واستغشى بِثَوْبِهِ وتغشى أَي: تغطى بِهِ. وَقَالَ القَاضِي: روينَاهُ فِي مُسلم وَغَيره بِكَسْر الشين وَتَشْديد الْيَاء، وباسكان الشين وَالْيَاء، وهما بِمَعْنى: الغشاوة، وَذَلِكَ لطول الْقيام وَكَثْرَة الْحر، وَلذَلِك قَالَت: فَجعلت أصب على رَأْسِي، أَو على وَجْهي من المَاء. قَالَ الْكرْمَانِي: الغشي، بِكَسْر الشين وَتَشْديد الْيَاء: مرض مَعْرُوف يحصل بطول الْقيام فِي الْحر وَغير ذَلِك، وعرفه أهل الطِّبّ بِأَنَّهُ تعطل القوى المحركة والحساسة لضعف الْقلب واجتماع الرّوح كُله إِلَيْهِ. فَإِن قلت: إِذا تعطلت القوى فَكيف صبَّتْ المَاء؟ قلت: أَرَادَت بالغشي الْحَالة الْقَرِيبَة مِنْهُ، فأطلقت الغشي عَلَيْهَا مجَازًا، أَو كَانَ الصب بعد الْإِفَاقَة مِنْهُ. قَالَ بعض الشَّارِحين: ويروى بِعَين مُهْملَة. قَالَ القَاضِي: لَيْسَ بِشَيْء. وَفِي (الْمطَالع) : الغشي، بِكَسْر الشين وَتَشْديد الْيَاء: كَذَا قَيده الْأصيلِيّ، وَرَوَاهُ بَعضهم: الغشي، وهما بِمَعْنى وَاحِد يُرِيد: الغشاوة وَهُوَ الغطاء. ورويناه عَن الْفَقِيه ابْن مُحَمَّد عَن الطَّبَرِيّ: الْعشي، بِعَين مُهْملَة، وَلَيْسَ بِشَيْء. قَوْله: (تفتنون) أَي: تمتحنون. قَالَ الْجَوْهَرِي: الْفِتْنَة الامتحان والاختبار. تَقول: فتنت الذَّهَب إِذا أدخلته النَّار لتنظر مَا جودته، ودينار مفتون، وَيُسمى الصَّائِغ: الفتان. وأفتن الرجل وَفتن فَهُوَ مفتون إِذا أَصَابَته فتْنَة فَذهب مَاله وعقله، وَذَلِكَ إِذا اختبر. قَالَ الله تَعَالَى: {وَفَتَنَّاك فُتُونًا} (طه: ٤٠) . قَوْله: (الْمَسِيح الدَّجَّال) ، إِنَّمَا سمي مسيحاً لِأَنَّهُ يمسح الأَرْض، أَو لِأَنَّهُ مَمْسُوح الْعين. قَالَ فِي (الْعباب) : الْمَسِيح الْمَمْسُوح بالشوم. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: سمت الْيَهُود الدَّجَّال مسيحاً لِأَنَّهُ مَمْسُوح إِحْدَى الْعَينَيْنِ. وَبَعض الْمُحدثين يَقُولُونَ فِيهِ الْمَسِيح، مِثَال: سكيت، لِأَنَّهُ مسح خلقه، أَي: شوه. وَأما الْمَسِيح، بِالْفَتْح، فَهُوَ عِيسَى بن مَرْيَم، عَلَيْهِ السَّلَام. وَقَالَ ابْن مَاكُولَا عَن شَيْخه: الصَّوَاب هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة: المسيخ، يُقَال مَسحه الله، بِالْمُهْمَلَةِ: إِذا خلقه خلقا حسنا. ومسخه، بِالْمُعْجَمَةِ: إِذا خلقه خلقا ملعوناً. والدجال على وزن فعال من الدجل، وَهُوَ الْكَذِب والتمويه وخلط الْحق بِالْبَاطِلِ، وَهُوَ كَذَّاب مموه خلاط. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: سمي دجالًا لضربه فِي الأَرْض وقطعه أَكثر نَوَاحِيهَا. يُقَال: دجل الرجل إِذا فعل ذَلِك. وَيُقَال: دجل إِذا لبس، وَيُقَال: الدجل طلي الْبَعِير بالقطران وَبِغَيْرِهِ، وَمِنْه سمي الدَّجَّال. وَيُقَال لماء الذَّهَب: دجال، بِالضَّمِّ، وَشبه الدَّجَّال بِهِ لِأَنَّهُ يظْهر خلاف مَا يضمر، وَيُقَال: الدجل السحر وَالْكذب، وكل كَذَّاب دجال، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: سمي بِهِ لِأَنَّهُ يُغطي الأَرْض بِالْجمعِ الْكثير، مثل دجلة تغطي الأَرْض بِمَائِهَا، والدجل: التغطية. يُقَال: دجل فلَان الْحق بباطله أَي: غطاه. يُقَال: دجل الرجل، بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد مَعَ فتح الْجِيم، ودجل أَيْضا بِالضَّمِّ مخففاً.
بَيَان الْأَعْرَاب: قَوْله: (عَائِشَة) مَنْصُوب بقوله: (أتيت) ، وَمنع التَّنْوِين لِأَنَّهُ غير منصرف للعلمية والتأنيث، قَوْله: (وَهِي تصلي) جملَة إسمية وَقعت حَالا من: عَائِشَة. قَوْله: (فَقلت) جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل، وَقَوله: (مَا شَأْن النَّاس) ؟ جملَة إسمية من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَقعت مقول القَوْل. قَوْله: (فَأَشَارَتْ) عطف على قَوْله: (فَقلت) . قَوْله: (فَإِذا) للمفاجأة و: النَّاس، مُبْتَدأ و: قيام خَبره. قَوْله: (فَقَالَت) أَي: عَائِشَة. (سُبْحَانَ الله) . فَإِن قلت: يَنْبَغِي أَن يكون مقول القَوْل جملَة، و: سُبْحَانَ الله، لَيْسَ بجملة. قلت: قَالَت: مَعْنَاهُ هَهُنَا ذكرت، وَقَالَ بَعضهم: فَقَالَت: سُبْحَانَ الله. أَي أشارت قائلة: سُبْحَانَ الله. قلت: هَذَا التَّقْدِير فَاسد، لِأَن: قَالَت، هَهُنَا عطف بِحرف الْفَاء، فَكيف يقدر حَالا مُفْردَة، و: سُبْحَانَ، علم للتسبيح: كعثمان، علم للرجل، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute