مفعول مُطلق الْتزم إِضْمَار فعله، وَالتَّقْدِير: يسبح الله سُبْحَانَ أَي تسبيحاً، مَعْنَاهُ: أنزهه من النقائص وسمات المخلوقين. فَإِن قلت: إِذا كَانَ علما كَيفَ أضيف؟ قلت: يُنكر عِنْد إِرَادَة الْإِضَافَة. وَقَالَ ابْن الْحَاجِب: كَونه علما إِنَّمَا هُوَ فِي غير حَالَة الْإِضَافَة. قَوْله: (آيَة) بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام وحذفها، خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: هِيَ آيَة. أَي: عَلامَة لعذاب النَّاس. قَوْله: (فَأَشَارَتْ) عطف على: قلت. قَوْله: (أَي نعم) تَفْسِير لقَوْله: أشارت. قَوْله: (حَتَّى علاني) حَتَّى، هَهُنَا للغاية بِمَعْنى: إِلَى أَن علاني. وعلاني، فعل ومفعول، و: الغشي، بِالرَّفْع فَاعله. قَوْله: (فَجعلت) من الْأَفْعَال النَّاقِصَة، وَالتَّاء اسْمه، وَقَوله: (أصب على رَأْسِي المَاء) جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَهُوَ أَنا الْمُسْتَتر فِي أصب، وَالْمَفْعُول وَهُوَ قَوْله: المَاء، وَمحله النصب، لِأَنَّهَا خبر: جعلت. قَوْله: (فَحَمدَ) فعل وَلَفْظَة: (الله) ، مَفْعُوله، (وَالنَّبِيّ) فَاعله. قَوْله: (وَأثْنى عَلَيْهِ) عطف على: حمد. قَوْله: (ثمَّ قَالَ) عطف على: حمد. قَوْله: (مَا من شَيْء) كلمة: مَا، للنَّفْي، وَكلمَة: من، زَائِدَة لتأكيد النَّفْي و: شَيْء، اسْم مَا. وَقَوله: (لم أكن أريته) فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهُ صفة لشَيْء، وَهُوَ مَرْفُوع فِي الأَصْل وَإِن كَانَ جر بِمن الزَّائِدَة، وَاسم: أكن، مستتر فِيهِ، و: أريته، بِضَم الْهمزَة جملَة فِي مَحل النصب على أَنَّهَا خبر: لم أكن. وَقَوله: (إلَاّ رَأَيْته) اسْتثِْنَاء مفرغ، وَقَالَت النُّحَاة: كل اسْتثِْنَاء مفرغ مُتَّصِل وَمَعْنَاهُ أَن مَا قبلهَا مفرغ لما بعْدهَا إِذْ الِاسْتِثْنَاء من كَلَام غير تَامّ فيلغى فِيهِ إلَاّ من حَيْثُ الْعَمَل لَا من حَيْثُ الْمَعْنى نَحْو: مَا جَاءَنِي إلَاّ زيد، وَمَا رَأَيْت إلَاّ زيدا، أَو مَا مَرَرْت إلَاّ بزيد. فالفعل الْوَاقِع هَهُنَا قبل: إلَاّ، مفرغ لما بعْدهَا، و: إلَاّ، هَهُنَا بِمَنْزِلَة سَائِر الْحُرُوف الَّتِي تغير الْمَعْنى دون الْأَلْفَاظ، نَحْو: هَل وَغَيره، وَلَا يجوز هَذَا إلَاّ فِي الْمَنْفِيّ. فَافْهَم. وَقَالَ الْكرْمَانِي: و: رَأَيْته، فِي مَوضِع الْحَال وَتَقْدِيره: مَا من شَيْء لم يكن أريته كَائِنا فِي حَال من الْأَحْوَال إلَاّ فِي حَال رؤيتي إِيَّاه. قلت: لَا يَصح هَذَا الْكَلَام، لِأَن ذَا الْحَال إِن كَانَ لَفظه: شَيْء، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة مُبْتَدأ يبْقى بِلَا خبر، وَإِن كَانَ هُوَ الضَّمِير الَّذِي فِي: لم أكن، فَلَا يَصح لذَلِك، بل مَحل رَأَيْته فِي نفس الْأَمر رفع على الخبرية، لِأَن التَّقْدِير: إِذا أزيل: مَا وإلَاّ، يكون هَكَذَا: وَشَيْء لم أكن أريته رَأَيْته فِي مقَامي هَذَا، و: شَيْء، وَإِن كَانَ نكرَة وَلكنه تخصص بِالصّفةِ. قَوْله: (فِي مقَامي) حَال تَقْدِيره: حَال كوني فِي مقَامي هَذَا. فَإِن قلت: هَذَا، مَا موقعه من الْإِعْرَاب؟ قلت: خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: فِي مقَامي هُوَ هَذَا. ويؤول بِالْمُشَارِ إِلَيْهِ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: لفظ الْمقَام يحْتَمل الْمصدر وَالزَّمَان وَالْمَكَان. قلت: نعم يحْتَمل فِي غير هَذَا الْموضع، وَلكنه هَهُنَا بِمَعْنى الْمَكَان. قَوْله: (حَتَّى الْجنَّة وَالنَّار) يجوز فيهمَا الرّفْع وَالنّصب والجر: أما الرّفْع فعلى أَن تكون: حَتَّى، ابتدائية و: الْجنَّة، تكون مَرْفُوعا على أَنه مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر تَقْدِيره: حَتَّى الْجنَّة مرئية، و: النَّار، عطف عَلَيْهِ. كَمَا فِي قَوْله: أكلت السَّمَكَة حَتَّى رَأسهَا، بِرَفْع الرَّأْس أَي: رأسُها ماكولٌ، وَهُوَ أحد الْأَوْجه الثَّلَاثَة فِيهِ. وَأما النصب فعلى أَن تكون: حَتَّى، عاطفة عطف الْجنَّة فِي الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي رَأَيْته، وَأما الْجَرّ فعلى أَن تكون: حَتَّى، جَارة. قَوْله: (فَأُوحي إِلَيّ) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (أَنكُمْ) بِفَتْح الْهمزَة، لِأَنَّهُ مفعول أُوحِي، قد نَاب عَن الْفَاعِل. قَوْله: (تفتنون) جملَة فِي مَحل الرّفْع على أَنَّهَا خبر: أَن. قَوْله: (مثل أَو قَرِيبا) كَذَا رُوِيَ فِي رِوَايَة بترك التَّنْوِين فِي: مثل، وبالتنوين فِي: قَرِيبا. وَرُوِيَ فِي رِوَايَة أُخْرَى: (مثل أَو قريب) بِغَيْر تَنْوِين فيهمَا، وَرُوِيَ فِي رِوَايَة أُخْرَى: (مثلا أَو قَرِيبا) ، بِالتَّنْوِينِ فيهمَا. قَالَ القَاضِي: روينَاهُ عَن بَعضهم، وَكَذَا رُوِيَ: من فتْنَة الْمَسِيح بِلَفْظَة: من، قبل: فتْنَة الْمَسِيح. رُوِيَ أَيْضا بِدُونِ: من. أما وَجه الرِّوَايَة الأولى: فَهُوَ مَا قَالَه ابْن مَالك إِن أَصله: مثل فتْنَة الدَّجَّال أَو قَرِيبا من فتْنَة الدَّجَّال، فَحذف مَا كَانَ: مثل، مُضَافا إِلَيْهِ، وَترك على هَيئته قبل الْحَذف، وَجَاز الْحَذف لدلَالَة مَا بعده. قَالَ: والمعتاد فِي صِحَة هَذَا الْحَذف أَن يكون مَعَ إضافتين، كَقَوْل الشَّاعِر:
(أَمَام وَخلف الْمَرْء من لطف ربه ... كوال تروى عَنهُ مَا هُوَ يحذر)
وَجَاء أَيْضا فِي إِضَافَة وَاحِدَة، كَمَا هُوَ فِي الحَدِيث:
(مَه عاذلي فهائما لن أبرحا ... كَمثل أَو أحسن من شمس الضُّحَى)
وَأما وَجه الرِّوَايَة الثَّانِيَة: فَهُوَ أَن يكون: مثل أَو قريب، كِلَاهُمَا مضافان إِلَى: فتْنَة الْمَسِيح، وَيكون قَوْله: (لَا أَدْرِي أَي ذَلِك قَالَت أَسمَاء) مُعْتَرضَة بَين المضافين والمضاف إِلَيْهِ، مُؤَكدَة لِمَعْنى الشَّك الْمُسْتَفَاد من كلمة: أَو، وَمثل هَذِه لَا تسمى أَجْنَبِيَّة حَتَّى يُقَال: كَيفَ يجوز الْفَصْل بَين المضافين وَبَين مَا أضيفا إِلَيْهِ؟ لِأَن الْمُؤَكّدَة للشَّيْء لَا تكون أَجْنَبِيَّة مِنْهُ، فَجَاز كَمَا فِي قَوْله:
(يَا تيم تيم عدي)
وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: هَل يَصح أَن يكون لشَيْء وَاحِد مضافان؟ قلت: لَيْسَ هَهُنَا مضافان، بل مُضَاف وَاحِد، وَهُوَ أَحدهمَا، لَا على التَّعْيِين، وَلَئِن سلمنَا فتقديره: مثل الْمَسِيح أَو قريب فتْنَة الْمَسِيح، فَحذف أحد اللَّفْظَيْنِ مِنْهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute