للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لدلَالَة الآخر عَلَيْهِ، نَحْو قَول الشَّاعِر.

(بَين ذراعي وجبهة الْأسد)

قلت: قَوْله: لَيْسَ هُنَا مضافان غير صَحِيح، بل هَهُنَا مضافان صَرِيحًا، وَقد جَاءَ ذَلِك فِي كَلَام الْعَرَب كَمَا مر فِي الْبَيْت الْمَذْكُور. وَأما وَجه الرِّوَايَة الثَّالِثَة: فَهُوَ أَن يكون: مثلا، مَنْصُوبًا على أَنه صفة لمصدر مَحْذُوف و: أَو قَرِيبا، عطف عَلَيْهِ، وَالتَّقْدِير: تفتنون فِي قبوركم فتْنَة مثلا أَي مماثلاً فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال، أَو فتْنَة قَرِيبا من فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال. أما وَجه: من، فِي رِوَايَة من أثبتها قبل قَوْله: فتْنَة الْمَسِيح، على تَقْدِير إِضَافَة الْمثل أَو الْقَرِيب إِلَى فتْنَة الْمَسِيح، فعلى نَوْعَيْنِ: أَحدهمَا أَن إِظْهَار حرف الْجَرّ بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ لَا يمْتَنع عِنْد قوم من النُّحَاة، وَذَلِكَ نَحْو قَوْلك: أَلا أَبَا لَك وَالْآخر، مَا قيل: إنَّهُمَا ليسَا بمضافين إِلَى فتْنَة الْمَسِيح على هَذَا التَّقْدِير، بل هما مضافان إِلَى فتْنَة مقدرَة، والمذكورة بَيَان لتِلْك الْمقدرَة. فَافْهَم. قَوْله: (لَا أَدْرِي) جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل. قَوْله: (أَي ذَلِك) كَلَام إضافي و: أَي، مَرْفُوع على الِابْتِدَاء، وَخَبره قَوْله: (قَالَت اسماء) وَضمير الْمَفْعُول مَحْذُوف، أَي: قالته. ثمَّ قَوْله: (أَي) يجوز أَن تكون استفهامية وموصولة، فَإِن كَانَت استفهامية يكون فعل الدِّرَايَة مُعَلّقا بالاستفهام لِأَنَّهُ من أَفعَال الْقُلُوب، وَيجوز أَن تكون: أَي، مَبْنِيا على الضَّم مُبْتَدأ على تَقْدِير حذف صدر صلته، وَالتَّقْدِير: لَا أَدْرِي أَي ذَلِك هُوَ قالته أَسمَاء، وَإِن كَانَت مَوْصُولَة تكون: أَي، مَنْصُوبَة بِأَنَّهَا مفعول: لَا أَدْرِي، وَيجوز أَن يكون انتصابها: بقالت، سَوَاء كَانَت: أَي، مَوْصُولَة أَو استفهامية. وَيجوز أَن تكون من شريطة التَّفْسِير بِأَن يشْتَغل: قَالَت، بضميره الْمَحْذُوف. قَوْله: (يُقَال) بَيَان لقَوْله: (تفتنون) وَلِهَذَا ترك العاطف بَين الْكَلَامَيْنِ. قَوْله: (مَا علمك) ؟ جملَة من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَقعت مقول القَوْل. قَوْله: (فَأَما الْمُؤمن) كلمة: أما، للتفصيل تَتَضَمَّن معنى الشَّرْط، فَلذَلِك دخلت فِي جوابها الْفَاء، وَهُوَ قَوْله: (فَيَقُول: هُوَ مُحَمَّد) . قَوْله: (أَو الموقن) شكّ من الرواي، وَهِي: فَاطِمَة. قَوْله: (لَا أَدْرِي أَيهمَا قَالَت أَسمَاء) جملَة مُعْتَرضَة، أَيْضا. قَوْله: (هُوَ مُحَمَّد) جملَة من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، وَكَذَلِكَ قَوْله: (هُوَ رَسُول الله) . قَوْله: (جَاءَنَا) جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول فِي مَحل الرّفْع على أَنَّهَا خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: هُوَ جَاءَنَا. قَوْله: (فأجبنا) ، عطف على: جَاءَنَا. وَقَوله: (وَاتَّبَعنَا) عطف على: (اجبنا) . قَوْله: (هُوَ مُحَمَّد) مُبْتَدأ وَخبر. قَوْله: (ثَلَاثًا) نصب على أَنه صفة لمصدر مَحْذُوف، أَي: يَقُول الْمُؤمن: هُوَ مُحَمَّد. قَوْله: (قولا ثَلَاثًا) أَي: ثَلَاث مَرَّات، مرَّتَيْنِ بِلَفْظ مُحَمَّد، وَمرَّة بِصفتِهِ وَهُوَ رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. لَا يُقَال: إِذا قَالَ هَذَا الْمَذْكُور أَي مَجْمُوعه ثَلَاثًا يلْزم أَن يكون هُوَ مُحَمَّد مقولاً تسع مَرَّات، وَلَيْسَ كَذَلِك، لأَنا نقُول لفظ ثَلَاثًا ذكر للتَّأْكِيد الْمَذْكُور، فَلَا يكون الْمَقُول إلَاّ ثَلَاث مَرَّات. قَوْله: (فَيُقَال) عطف على قَوْله: فَيَقُول. قَوْله: (نم صَالحا) جملَة وَقعت مقول القَوْل، و: صَالحا، نصب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي فِي: نم، وَهُوَ أَمر من نَام ينَام. قَوْله: (إِن كنت) كلمة: إِن، هَذِه هِيَ المخففة من الثَّقِيلَة، أَي: إِن الشَّأْن كنت، وَهِي مَكْسُورَة، وَدخلت اللَّام فِي قَوْله: (لموقنا) لتفرق بَين: أَن، هَذِه وَبَين: إِن النافية، هَذَا قَول الْبَصرِيين. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: إِن، بِمَعْنى: مَا. و: اللَّام، بِمَعْنى: إلَاّ، مثل قَوْله تَعَالَى: {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} (الطارق: ٤) أَي: مَا كل نفس إلَاّ عَلَيْهَا حَافظ. وَيكون التَّقْدِير هَهُنَا: مَا كنت إلَاّ موقنا. وَحكى السفاقسي فتح: إِن، على جعلهَا مَصْدَرِيَّة، أَي علمنَا كونك موقناً بِهِ. وَيرد مَا قَالَه دُخُول اللَّام. قَوْله: (وَأما الْمُنَافِق) عطف على قَوْله: (فَأَما الْمُؤمن) وَقَوله: (فَيَقُول: لَا أَدْرِي) جَوَاب: أما، ومفعوله مَحْذُوف. أَي: لَا أَدْرِي مَا أَقُول. قَوْله: (يَقُولُونَ) ، حَال من: النَّاس، و: شَيْئا، مَفْعُوله. قَوْله: (فقلته) ، عطف على: يَقُولُونَ.

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: (مَا شَأْن النَّاس؟) أَي: قَائِمين مضطربين فزعين. قَوْله: (فَأَشَارَتْ) أَي: عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، إِلَى السَّمَاء، تَعْنِي: انكسفت الشَّمْس فَإِذا النَّاس قيام أَي لصَلَاة الْكُسُوف، وَالْقِيَام جمع قَائِم كالصيام جمع صَائِم. قَوْله: (آيَة) : عَلامَة لعذاب النَّاس كَأَنَّهَا مُقَدّمَة لَهُ، قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا تخويفاً} (الْإِسْرَاء: ٥٩) أَو عَلامَة لقرب زمَان الْقِيَامَة وأمارة من أماراتها، أَو عَلامَة لكَون الشَّمْس مخلوقة دَاخِلَة تَحت النَّقْص، مسخرة لقدرة الله تَعَالَى لَيْسَ لَهَا سلطنة على غَيرهَا، بل لَا قدرَة لَهَا على الدّفع عَن نَفسهَا. فَإِن قلت: ماتقول فِيمَا قَالَ أهل الْهَيْئَة: إِن الْكُسُوف سَببه حيلولة الْقَمَر بَينهَا وَبَين الأَرْض؟ فَلَا يرى حينئذٍ إلَاّ لون الْقَمَر وَهُوَ كمد لَا نور لَهُ، وَذَاكَ لَا يكون إلَاّ فِي آخر الشَّهْر عِنْد كَون النيرين فِي إِحْدَى عقدتي الرَّأْس والذنب، وَله آثَار فِي الأَرْض، هَل جَازَ القَوْل بِهِ أم لَا؟ قلت: الْمُقدمَات كلهَا مَمْنُوعَة، وَلَئِن سلمنَا، فَإِن كَانَ غرضهم أَن الله تَعَالَى أجْرى سنته بذلك، كَمَا أجْرى باحتراق الْحَطب الْيَابِس عِنْد مساس النَّار لَهُ فَلَا بَأْس بِهِ، وَإِن كَانَ غرضهم أَنه وَاجِب عقلا، وَله تَأْثِير بِحَسب ذَاته فَهُوَ بَاطِل،

<<  <  ج: ص:  >  >>