للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَمر من رأى الْعَدو قد أقبل فنادي بِأَعْلَى صَوته: يَا صَبَاحَاه، يَعْنِي: أغير عَلَيْكُم فِي الصَّباح، أَو قد أَصْبَحْتُم فَخُذُوا حذركُمْ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: مَعْنَاهُ الْإِعْلَام بِهَذَا الْأَمر المهم الَّذِي دهمهم فِي الصَّباح، قيل: لأَنهم كَانُوا يغيرون وَقت الصَّباح، وَكَأَنَّهُ قيل: جَاءَت وَقت الصَّباح فتأهبوا للقاء، فَإِن الْأَعْدَاء يتراجعون عَن الْقِتَال فِي اللَّيْل، فَإِذا جَاءَ النَّهَار عاودوه، وَالْهَاء فِيهِ للندبة تسْقط فِي الْوَصْل، وَالرِّوَايَة إِثْبَاتهَا، فتقف على الْهَاء، وَهُوَ منادى مستغاث، وَالْألف فِيهِ للاستغاثة، وَقيل: الْهَاء فِيهِ للسكت، كَأَنَّهُ نَادَى النَّاس استغاثة بهم فِي وَقت الصَّباح، أَي: وَقت الْغَارة، وَالْحَاصِل أَنَّهَا كلمة يَقُولهَا المستغيث. قَوْله: حَتَّى يسمع، أَي: حَتَّى إِن يسمع، بِضَم الْيَاء من الإسماع و: النَّاس، بِالنّصب مَفْعُوله.

١٤٠٣ - حدَّثنا المَكِّيُّ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ أخْبَرنا يَزِيدُ بنُ أبِي عُبَيْدٍ عنْ سَلَمَةَ أنَّهُ أخْبَرَهُ قَالَ خَرَجْتُ مِنَ المَدِينَةِ ذَاهِبَاً نَحْوَ الغَابَةِ حتَّى إذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةِ الغابَةِ لَقِيَنِي غُلامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ عَوْفٍ قُلْتُ ويْحَكَ مَا بِكَ قَالَ أُخِذَتْ لِقاحُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُلْتُ مَنْ أخَذَهَا قَالَ غَطَفَانُ وفَزَارَةُ فصَرَخْتُ ثَلاثَ صَرَخَاتٍ أسْمعْتُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا يَا صبَاحاهُ يَا صَباحاه ثُمَّ انْدَفَعْتُ حتَّى ألْقَاهُمْ وقَدْ أخَذُوها فجَعَلْتُ أرْمِيهِمْ وأقُولُ أَنا ابنُ الأكْوَعِ. واليَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ فاسْتَنْقَذْتُها مِنْهُمْ قَبْلَ أنْ يَشْرَبُوا فأقْبَلْتُ بِهَا أسُوقُها فلَقِيَنِي النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْتُ يَا رسولَ الله إنَّ القَوْمَ عِطاش وإنِّي أعْجَلْتُهُمْ أنْ يَشْرَبُوا سِقْيَهُمْ فابْعَثْ فِي إثْرِهِمْ فَقَالَ يَا ابْنَ الأكْوَعِ ملَكْتَ فأسْجِعْ إنَّ القَوْمَ يُقُرَوْنَ فِي قَوْمِهِم.

(الحَدِيث ١٤٠٣ طرفه فِي: ٤٩١٤) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والمكي، بتَشْديد الْكَاف وَالْيَاء: ابْن إِبْرَاهِيم بن بشير بن فرقد البرجمي التَّمِيمِي الْحَنْظَلِي الْبَلْخِي، وَيزِيد بن أبي عبيد مولى سَلمَة بن الْأَكْوَع.

وَهَذَا الحَدِيث من ثلاثيات البُخَارِيّ الثَّانِي عشر. وَأخرجه أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي وَالنَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة بِهِ. وَهَذَا الحَدِيث بأتم من هَذَا يَأْتِي فِي غَزْوَة ذِي قرد، بِفَتْح الْقَاف وَالرَّاء وبالدال الْمُهْملَة، وَيُقَال: بِضَمَّتَيْنِ. وَقَالَ السُّهيْلي: كَذَا لَقيته مُقَيّدا عَن أبي عَليّ، والقرد فِي اللُّغَة الصُّوف الرَّدِيء، وَهُوَ على نَحْو يَوْم من الْمَدِينَة.

قَوْله: (ذَاهِبًا) حَال. قَوْله: (نَحْو الغابة) ، بالغين الْمُعْجَمَة وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة، وَهِي على بريد من الْمَدِينَة فِي طَرِيق الشَّام، وَهِي فِي الأَصْل: الأجمة والثنية فِي الْجَبَل كالعقبة فِيهِ. قَوْله: (أخذت لقاح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، اللقَاح: بِكَسْر اللَّام: الْإِبِل والواحدة: لقوح، وَهِي: الحلوب. وَقَالَ ابْن سعد: كَانَت لقاح سيدنَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشْرين لقحة ترعى بِالْغَابَةِ، وَكَانَ أَبُو ذَر فِيهَا. قَوْله: (غطفان وفزارة) ، بِفَتْح الْفَاء: وهما قبيلتان من الْعَرَب وَكَانَ رَأس الْقَوْم الَّذين أَغَارُوا عُيَيْنَة بن حصن بن حُذَيْفَة بن بدر الْفَزارِيّ، وَكَانَ فِي خيل من غطفان. قَوْله: (مَا بَين لابتيها) أَي: لابتي الْمَدِينَة، واللابة: الْحرَّة، وَقد مر غير مرّة. قَوْله: (ثمَّ اندفعت) ، أَي: أسرعت فِي السّير. قَوْله: (أَنا ابْن الْأَكْوَع) : الْأَكْوَع لقب، واسْمه: سِنَان بن عبد الله. قَوْله: (يَوْم الرضع) ، بِضَم الرَّاء وَتَشْديد الضَّاد الْمُعْجَمَة بعْدهَا عين مُهْملَة، قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: هُوَ الَّذِي رضع اللؤم من ثدي أمه، أَي: غذى بِهِ، وَقيل: هُوَ الَّذِي يرضع مَا بَين أَسْنَانه مستكثراً من الجشع بذلك، والجشع أَشد الْحِرْص. وَقَالَت امْرَأَة من الْعَرَب تذم رجلا: إِنَّه لأكلة يكله يَأْكُل من جشعه خلله. أَي: مَا يَتَخَلَّل بَين أَسْنَانه. وَقَالَ أَبُو عمر: وَهُوَ الَّذِي يرضع الشَّاة أَو النَّاقة قبل أَن يحلبها من شدَّة الشره، وَقَالَ قوم: الراضع الرَّاعِي لَا يمسك مَعَه محلباً، فَإِذا جَاءَهُ إِنْسَان فَسَأَلَهُ أَن يسْقِيه احْتج أَنه لَا محلب مَعَه، وَإِذا أَرَادَ هُوَ أَن يشرب رضع النَّاقة أَو الشَّاة. وَقيل: هُوَ رجل كَانَ يرضع الْغنم وَلَا يحلبها لِئَلَّا يسمع صَوت الْحَلب فيطلب مِنْهُ. وَفِي (الموعب) : رضع الرجل رضاعة مِثَال كرم وَهُوَ رَضِيع وراضع: لئيم، وَجمعه: راضعون. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: أصل الحَدِيث أَن رجلا من العمالقة طرقه ضيف لَيْلًا فمص ضرع شَاة لِئَلَّا يسمع الضَّيْف صَوت الشخب، فَكثر حَتَّى صَار كل لئيم راضعاً، فعل ذَلِك أَو لم يفعل. وَقيل: هُوَ الَّذِي يرضع طرف الْخلال الَّتِي يخلل بهَا أَسْنَانه ويمص مَا يتَعَلَّق بِهِ، وَقَالَ السُّهيْلي: الْيَوْم يَوْم الرضع، برفعهما، وبنصب الأول وَرفع الثَّانِي: قلت: وَجه رفعهما على كَونهمَا مُبْتَدأ وَخبر، أَو وَجه

<<  <  ج: ص:  >  >>