(فَجعل عشرا) ، أَي: عشر صلوَات. قَوْله: (فَأتيت مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: فِي الْموضع الَّذِي لَقيته فِيهِ، فَقَالَ مُوسَى أَيْضا مثله، قَوْله: (فَجَعلهَا خمْسا) أَي: خمس صلوَات. قَوْله: (فَقَالَ: مَا صنعت؟) أَي: فَقَالَ مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَاذَا صنعت فِيمَا رجعت؟ وَهَذِه هِيَ الْمُرَاجَعَة الْأَخِيرَة. قَوْله: (قلت: جعلهَا خمْسا) أَي: خمس صلوَات. قَوْله: (فَقَالَ: سلمت بِخَير) أَي: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سلمت، بتَشْديد اللَّام من التَّسْلِيم يَعْنِي: سلمت لَهُ مَا جعله من خمس صلوَات، فَلم يبْق لي مُرَاجعَة لِأَنِّي استحييت من رَبِّي، كَمَا مضى فِي حَدِيث أبي ذَر فِي أول كتاب الصَّلَاة من قَوْله: (إرجع إِلَى رَبك. قلت: استحييت من رَبِّي) يَعْنِي: من تعدد الْمُرَاجَعَة. قَوْله: (فَنُوديَ) ، أَي: فجَاء النداء من قبل الله تَعَالَى: (إِنِّي قد أمضيت فريضتي) أَي: أنفذت فريضتي بِخمْس صلوَات وخففت عَن عبَادي من خمسين إِلَى خمس، وأجزي الْحَسَنَة عشرا فَيحصل ثَوَاب خمسين صَلَاة لكل صَلَاة ثَوَاب عشر صلوَات. فَإِن قلت: كَيفَ جَازَت هَذِه الْمُرَاجَعَة فِي بَاب الصَّلَاة من رَسُولنَا مُحَمَّد ومُوسَى، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام؟ قلت: لِأَنَّهُمَا عرفا أَن الْأَمر الأول غير وَاجِب قطعا وَلَو كَانَ وَاجِبا قطعا وَلَو كَانَ وَاجِبا قطعا لَا يقبل التَّخْفِيف.
وَفِيه: جَوَاز النّسخ قبل وُقُوعه.
وَقَالَ هَمَّامٌ عنْ قَتَادَةَ عنِ الحَسَنِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي البَيْتِ المَعْمُورِ
أَي: قَالَ همام بن يحيى الَّذِي مضى فِي رُوَاة الحَدِيث الْمَذْكُور الَّذِي روى عَنهُ هدبة فِي السَّنَد الأول، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن هماماً فصل فِي سِيَاقَة قصَّة الْبَيْت الْمَعْمُور عَن قصَّة الْإِسْرَاء، وروى أصل الحَدِيث عَن قَتَادَة عَن أنس، وقصة الْبَيْت الْمَعْمُور عَن قَتَادَة عَن الْحسن الْبَصْرِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، وَأما سعيد بن أبي عرُوبَة وَهِشَام الدستوَائي اللَّذَان مضيا فِي الطَّرِيق الثَّانِي للْحَدِيث الْمَذْكُور فَإِنَّهُمَا قد أدرجا قصَّة الْبَيْت الْمَعْمُور فِي حَدِيث أنس، وَقَالَ بَعضهم: رِوَايَة همام مَوْصُولَة هُنَا عَن هدبة عَنهُ، وَوهم من زعم أَنَّهَا معلقَة، فقد روى الْحسن عَن سُفْيَان فِي (مُسْنده) الحَدِيث بِطُولِهِ عَن هدبة، فاقتصر الحَدِيث إِلَى قَوْله: فَرفع لي الْبَيْت الْمَعْمُور، قَالَ قَتَادَة: حَدثنَا الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة: أَنه رأى الْبَيْت الْمَعْمُور يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك وَلَا يعودون فِيهِ، وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن الْحسن بن سُفْيَان وَأبي يعلى وَالْبَغوِيّ وَغير وَاحِد كلهم عَن هدبة مفصلا. انْتهى. قلت: ظَاهره التَّعْلِيق وَإِخْرَاج غَيره إِيَّاه مَوْصُولا لَا يسْتَلْزم أَن يكون مَا أخرجه البُخَارِيّ بِصُورَة التَّعْلِيق أَن يكون مَوْصُولا، وَهَذَا ظَاهر لَا يخفى. قَوْله: (عَن الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة) ، قَالَ يحيى بن معِين: لم يَصح لِلْحسنِ سَماع من أبي هُرَيْرَة، فَقيل ليحيى: قد جَاءَ فِي بعض الْأَحَادِيث: قَالَ: حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة. قَالَ: لَيْسَ بِشَيْء، وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْحسن هَهُنَا روى عَنهُ بِلَفْظ: عَن، فَيحْتَمل أَن يكون بالواسطة.
٨٠٢٣ - حدَّثنا الحَسَنُ بنُ الرَّبِيعِ قَالَ حدَّثنا أبُو الأحْوَصِ عنِ الأعْمَشِ عنْ زَيْدِ بنِ وهْبٍ قَالَ عَبْدُ الله حدَّثنا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ قَالَ إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمَاً ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ الله مَلَكَاً فَيُؤْمَرُ بِأرْبَعِ كَلِمَاتٍ ويُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ ورِزْقَهُ وأجَلَهُ وشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فإنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وبَيْنَ الجَنَّةِ إلَاّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتابُهُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ ويَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وبَيْنَ النَّارِ إلَاّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ. . [/ نه
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ثمَّ يبْعَث الله ملكا) لِأَن فِي الحَدِيث ذكر الْملك، وَفِي التَّرْجَمَة ذكر الْمَلَائِكَة، وَالْمَلَائِكَة أَنْوَاع لَا يحصي عَددهمْ إلَاّ الله تَعَالَى، وساداتهم الأكابر أَرْبَعَة: جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وعزرائيل وإسرافيل. وَمِنْهُم: الرّوح، قَالَ الله تَعَالَى: {يَوْم يقوم الرّوح} (النبإ: ٨٣) . وَمِنْهُم الْحفظَة. وَمِنْهُم الْمَلَائِكَة الموكلون بالقطر والنبات والرياح والسحاب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute