أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {ذواتا أفنان} (الرحمان: ٨٤) . وَفسّر الأفنان بالأغصان، وَكَذَا فسره عِكْرِمَة وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) : الأفنان جمع فنن وَهُوَ من قَوْلهم: أفنن فلَان فِي حَدِيثه إِذا أَخذ فِي فنون، وَعَن مُجَاهِد: أفنان أَغْصَان وَاحِدهَا فنن، وَعَن عِكْرِمَة: ظلّ الأغصان على الْحِيطَان، وَعَن الْحسن: ذواتا أفنان ذواتا ظلال، وَخص الأفنان بِالذكر لِأَنَّهَا الغصنة الَّتِي تتشعب من فروع الشَّجَرَة لِأَنَّهَا الَّتِي تورق وتثمر، فَمِنْهَا تمتد الظلال وَمِنْهَا تجتنى الثِّمَار.
{وجَناى الجَنَّتَيْنِ دَانٍ} (الرحمان: ٤٥) . مَا يُجْتَناى قريب مِنْها
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {متكئين على فرش بطائنها من استبرق. وجنا الجنتين دَان} (الرحمان: ٤٥) . وَفسّر: جنى، بِمَا يجتنى، ودانٍ بقوله: قريب مِنْهَا. وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) : وجنا الجنتين ثَمَرهَا دانٍ قريب يَنَالهُ الْقَائِم والقاعد والنائم.
مُدْهَامَّتَانِ سَوْدَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمن دونهمَا جنتان فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ: مدهامتان} (الرحمان: ٢٦ ٤٦) . يَعْنِي: وَمن دون الجنتين الْأَوليين الموعودتين: {لمن خَافَ مقَام ربه جنتان} (الرحمان: ٢٦ ٤٦) . أخريان: {مدهامتان} (الرحمان: ٢٦ ٤٦) . وفسرها بقوله: سوداوان من الرّيّ، وَكَذَا رُوِيَ عَن مُجَاهِد، وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) : مدهامتان ناعمتان سوداوتان من ريهما وَشدَّة خضرتهما، لِأَن الخضرة إِذا اشتدت قربت إِلَى السوَاد والدهمة السوَاد الْغَالِب.
٠٤٢٣ - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ عنْ نافِعٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا ماتَ أحَدُكُمْ فإنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بالْغَداةِ والْعَشِيِّ فإنْ كانَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أهْلِ الجَنَّةِ وإنْ كانَ مِنْ أهْلِ النَّارِ فَمِنْ أهْلِ النَّارِ. (انْظُر الحَدِيث ٩٧٣١ وطرفه) .
شرع البُخَارِيّ يذكر فِي هَذَا الْبَاب خَمْسَة عشر حَدِيثا مطابقات كلهَا للتَّرْجَمَة فِي ذكر الْجنَّة، وَفِي بَعْضهَا وصفهَا، فَلَا يحْتَاج إِلَى ذكر الْمُطَابقَة بعد هَذَا فِي أول كل حَدِيث، وَهَذَا الحَدِيث قد تقدم فِي كتاب الْجَنَائِز فِي: بَاب الْمَيِّت يعرض عَلَيْهِ مَقْعَده بِالْغَدَاةِ والعشي، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن إِسْمَاعِيل عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
١٤٢٣ - حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا سَلْمُ بنُ زَرِيرٍ قَالَ حدَّثنا أبُو رَجاءٍ عنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اطْلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فرَأيْتُ أكْثَرَ أهْلِها الفُقَرَاءَ واطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فرَأيْتُ أكْثَرَ أهْلِهَا النِّساء. .
أَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، وَسلم، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام: ابْن زرير، بِفَتْح الزَّاي وَكسر الرَّاء الأولى وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: العطاردي الْبَصْرِيّ، وَأَبُو رَجَاء عمرَان بن ملْحَان العطاردي الْبَصْرِيّ، أدْرك زمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأسلم بعد فتح مَكَّة وَلم ير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم يُهَاجر إِلَيْهِ، بلغ مائَة وَثَلَاثِينَ سنة.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الرقَاق عَن أبي الْوَلِيد أَيْضا عَن سلم بن زرير وَفِي النِّكَاح عَن عُثْمَان بن الْهَيْثَم. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي صفة جَهَنَّم عَن ابْن بشار. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي عشرَة النِّسَاء وَفِي الرقَاق عَن قُتَيْبَة وَعَن بشر بن هِلَال وَعمْرَان ابْن مُوسَى، وَفِيه الِاخْتِلَاف على أبي رَجَاء فَإِن مُسلما رَوَاهُ من حَدِيث الثَّقَفِيّ عَن أَيُّوب عَن أبي رَجَاء عَن ابْن عَبَّاس، وَمن حَدِيث أبي الْأَشْهب عَن أبي رَجَاء عَن ابْن عَبَّاس، وَمن حَدِيث ابْن أبي عرُوبَة عَن أبي رَجَاء عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ التِّرْمِذِيّ: وكلا الإسنادين لَيْسَ فيهمَا مقَال، يحْتَمل أَن يكون أَبُو رَجَاء سمع مِنْهُمَا جَمِيعًا. وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي النِّكَاح من حَدِيث عَوْف عَن أبي رَجَاء، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: وَقد روى غير عَوْف أَيْضا هَذَا الحَدِيث عَن أبي رَجَاء عَن عمرَان بن حُصَيْن، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث يزِيد بن عبد الله وَمُحَمّد بن عبد الله وَهُوَ متابع لأبي رَجَاء عَن عمرَان. وَلَفظه: (أقل سَاكِني الْجنَّة النِّسَاء) ، وَفِي