للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمدنِي، روى عَن أنس بن مَالك وَغَيره، وَعنهُ مَالك والدراوردي. قَالَ أَبُو زرْعَة: ثِقَة. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَا بَأْس بِهِ. وَأما يحيى بن معِين فَقَالَ: ضَعِيف لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَلَيْسَ بِحجَّة. وَقَالَ ابْن عدي: لَا بَأْس بِهِ لِأَن مَالِكًا روى عَنهُ، وَلَا يروي إلَاّ عَن صَدُوق ثِقَة. مَاتَ سنة خلَافَة الْمَنْصُور فِي أَولهَا وَكَانَت أول سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة، وَزِيَاد بن عبد اللَّه على الْمَدِينَة. روى لَهُ الْجَمَاعَة. الرَّابِع: سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، بِضَم الْبَاء وَفتحهَا. وَقد مر. الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة عبد الرَّحْمَن بن صَخْر، رَضِي الله عَنهُ.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْإِفْرَاد والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم مدنيون. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ هُنَا عَن عبد الْعَزِيز، وَفِي صفة الْجنَّة عَن قُتَيْبَة عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن عَليّ بن حجر عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بِهِ. وَقَالَ الْمزي. روى عَن سعيد عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، وَحَدِيث النَّسَائِيّ لَيْسَ فِي الرِّوَايَة، وَلم يذكرهُ أَبُو الْقَاسِم.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: (أَنه قَالَ) بِفَتْح: أَن. وَقَوله: قَالَ، جملَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر: أَن. قَوْله: (قيل: يَا رَسُول الله) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة أبي ذَر وكريمة، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة البَاقِينَ لَفْظَة: قيل، وَإِنَّمَا هُوَ: (أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله) . وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: وَقَوله: قيل، وهم، وَالصَّوَاب سُقُوط: قيل، كَمَا جَاءَ عِنْد الْأصيلِيّ والقابسي، لِأَن السَّائِل هُوَ أَبُو هُرَيْرَة نَفسه، لقَوْله بعد: (لقد ظَنَنْت أَن لَا يسألني عَن هَذَا أحد أول مِنْك) ، وَالْأول وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر وَهُوَ وهم. قلت: الصَّوَاب مَا قَالَه القَاضِي، فَإِن البُخَارِيّ أخرجه فِي الرقَاق كَذَلِك. وَأخرجه فِي الْجنَّة أَنه قَالَ: (قلت: يَا رَسُول الله) وَهَذَا مِمَّا يُؤَيّد أَن: قلت، تصحف: بقيل. وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: (أَنه سَأَلَ) . وَفِي رِوَايَة أبي نعيم أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: (يَا رَسُول الله) . قَوْله: (مَنْ أسعد النَّاس) مُبْتَدأ وَخبر، و: من، إستفهامية، (وَيَوْم الْقِيَامَة) كَلَام إضافي نصب على الظّرْف. قَوْله: (لقد ظَنَنْت) اللَّام فِيهِ جَوَاب قسم مَحْذُوف، قَالَه الْكرْمَانِي، وَالْأولَى أَن يُقَال: إِنَّه لَام التَّأْكِيد.

قَوْله: (يابا هُرَيْرَة) أَصله يَا أَبَا هُرَيْرَة، فحذفت الْهمزَة تَخْفِيفًا، وَهُوَ معترض بَين ظَنَنْت ومفعوله، وَهُوَ قَوْله: (أَن لَا يسألني عَن هَذَا الحَدِيث أحد) ، وَيجوز ضم اللَّام فِي: يسألني، وَفتحهَا لِأَن كلمة: أَن، إِذا وَقعت بعد الظَّن يجوز فِي مدخولها الْوَجْهَانِ: الرّفْع وَالنّصب. وَاعْلَم أَن: أَن، الْمَفْتُوحَة الْهمزَة الساكنة النُّون على وَجْهَيْن: اسْم وحرف، فالحرف على أَرْبَعَة أوجه: الأول: أَن يكون حرفا مصدرياً ناصباً للمضارع، وَتَقَع فِي موضِعين. أَحدهمَا: فِي الِابْتِدَاء، فَتكون فِي مَوضِع رفع نَحْو: {وَأَن تَصُومُوا خير لكم} (الْبَقَرَة: ١٨٤) وَالثَّانِي: بعد لفظ دَال على معنى غير الْيَقِين، فَيكون فِي مَوضِع رفع نَحْو: {ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع قُلُوبهم لذكر الله} (الْحَدِيد: ١٦) وَنصب نَحْو: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآن أَن يُفترى من دون الله} (يُونُس: ٣٧) وخفض نَحْو: {أوذينا من قبل أَن تَأْتِينَا} (الْأَعْرَاف: ١٢٩) ومحتملة لَهما نَحْو: {وَالَّذِي أطمع أَن يغْفر لي} (الشُّعَرَاء: ٨٢) أَصله: فِي أَن يغْفر لي. الثَّانِي: أَن تكون مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة، فَتَقَع بعد فعل الْيَقِين أَو مَا نزل مَنْزِلَته، نَحْو: {أَفلا يرَوْنَ أَن لَا يرجع إِلَيْهِم قولا} (طه: ٨٩) {علم أَن سَيكون} (المزمل: ٢٠) {وَحَسبُوا أَن لَا تكون فتْنَة} (الْمَائِدَة: ٧١) فِيمَن رفع: تكون، فَإِن هَذِه ثلاثية الْوَضع، وَهِي مَصْدَرِيَّة أَيْضا، وتنصب الِاسْم وترفع الْخَبَر، خلافًا للكوفيين؛ وَزَعَمُوا أَنَّهَا لَا تعْمل شَيْئا، وَشرط اسْمهَا أَن يكون محذوفاً، وَرُبمَا ثَبت فِي الضَّرُورَة على الْأَصَح، وَشرط خَبَرهَا أَن يكون جملَة، وَلَا يجوز إِفْرَاده إِلَّا إِذا ذكر الِاسْم فَيجوز الْأَمْرَانِ. الثَّالِث: أَن تكون مفسرة، بِمَنْزِلَة: أَي، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {فأوحينا إِلَيْهِ أَن أصنع الْفلك} (الْمُؤْمِنُونَ: ٢٧) وَعَن الكوفية إِنْكَار: أَن، التفسيرية أَلْبَتَّة. وَإِذا ولي: أَن، الصَّالِحَة للتفسير مضارع مَعَه: لَا، نَحْو: أَشرت إِلَيْهِ أَن لَا يفعل، جَازَ رَفعه على تَقْدِير: لَا، نَافِيَة. وجزمه على تقديرها ناهية. وَعَلَيْهِمَا فَأن مفسرة، ونصبه على تَقْدِير: لَا، نَافِيَة و: أَن، مَصْدَرِيَّة. فَإِن فقدت: لَا، امْتنع الْجَزْم وَجَاز الرّفْع وَالنّصب. الرَّابِع: أَن تكون زَائِدَة، وَلها مَوَاضِع ذكرت فِي النَّحْو.

قَوْله: (أحد) بِالرَّفْع لِأَنَّهُ فَاعل: يسألني، قَوْله: (أول مِنْك) ، يجوز فِيهِ الرّفْع وَالنّصب، فالرفع على أَنه صفة لأحد، أَو بدل مِنْهُ. وَالنّصب على الظَّرْفِيَّة. وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: على الْمَفْعُول الثَّانِي لظَنَنْت. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاء: على الْحَال، أَي: لَا يسألني أحد سَابِقًا لَك: قَالَ: وَجَاز نصب الْحَال عَن النكرَة لِأَنَّهَا فِي سِيَاق النَّفْي فَتكون عاملة كَقَوْلِهِم: مَا كَانَ أحد مثلك. وَاخْتلف فِي: أول، هَل وَزنه: أفعل أَو فوعل، وَالصَّحِيح أَنه: أفعل، واستعماله: بِمن، من جملَة أَدِلَّة صِحَّته. وَقَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي: أول، تسْتَعْمل إسماً وَصفَة. فَإِن اسْتعْملت صفة كَانَت بِالْألف وَاللَّام، أَو بِالْإِضَافَة أَو: بِمن، ظَاهِرَة أَو مقدرَة. مثل قَوْله تَعَالَى: {يعلم السِّرّ واخفى} (طه: ٧) أَي: اخفى من السِّرّ، فَإِن كَانَت: بِمن، جرت فِي الْأَحْوَال كلهَا على لفظ وَاحِد، تَقول: هِنْد أول من زَيْنَب، والزيدان

<<  <  ج: ص:  >  >>