للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْعلم فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وَفِي غَيره أَيْضا وَقد ذَكرْنَاهُ هُنَاكَ.

٩٧٢٣ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنْ عبْدِ الله بنِ دِينِارٍ عَنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ رَأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُشِيرُ إلَى المَشْرِقِ فَقَالَ هَا إنَّ الفِتْنَةَ هَهُنَا إنَّ الفِتْنَةَ هَهُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيّطَانِ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (من حَيْثُ يطلع قرن الشَّيْطَان) وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاده. قَوْله: (هَا) ، قَالَ الْكرْمَانِي: هَا، حرف وَلم يزدْ على هَذَا شَيْئا. قلت: هُوَ حرف من حُرُوف المعجم، وَمن حُرُوف الزِّيَادَة وَهِي حرف تَنْبِيه. قَوْله: (من حَيْثُ يطلع قرن الشَّيْطَان) ، نسب الطُّلُوع إِلَى قرن الشَّيْطَان مَعَ أَن الطُّلُوع للشمس لكَونه مُقَارنًا لطلوع الشَّمْس، وَالْغَرَض أَن منشأ الْفِتَن هُوَ جِهَة الْمشرق، وَقد كَانَ كَمَا أخبر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

٠٨٢٣ - حدَّثنا يَحْيَى بنُ جَعْفَرٍ قَالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله الأنْصَارِيُّ حدَّثنا ابنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبرنِي عَطاءٌ عنْ جَابِرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إذَا اسْتَجَنحَ اللَّيْلُ أوْ كانَ جُنْحُ اللَّيْلِ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ فإنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ فإذَا ذهَبَ ساعَةٌ مِنَ العَشَاءِ فَخَلُّوهُمْ وأغْلِقْ بابَكَ واذكُرِ اسْمَ الله وَأطْفِىءْ مِصْبَاحَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ الله وأوْكِ سِقَاءَكَ واذْكُرِ اسْمَ الله وخَمِّرْ إنَاءَكَ واذْكُرِ اسْمَ الله وَلَوْ تَعْرُضُ علَيْهِ شَيْئَاً. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَإِن الشَّيَاطِين تَنْتَشِر) . وَيحيى بن جَعْفَر بن أعين أَبُو زَكَرِيَّا البُخَارِيّ البيكندي، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَمُحَمّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ من شُيُوخ البُخَارِيّ، وروى عَنهُ هُنَا بِوَاسِطَة، وَابْن جريج عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَشْرِبَة عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور. وَأخرجه مُسلم فِي الْأَشْرِبَة عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور وَعَن أَحْمد بن عُثْمَان. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أَحْمد بن حَنْبَل. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن أَحْمد بن عُثْمَان وَعَن عَمْرو بن عَليّ وَعَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (إِذا استجنح) أَي: إِذا أظلم، ومادته: جِيم وَنون وحاء، وَقَالَ ابْن سَيّده: جنح اللَّيْل يجنح جنوحاً وجنحاً إِذا أظلم، وَيُقَال: إِذا أقبل ظلامه، والجنح، بِضَم الْجِيم وَكسرهَا لُغَتَانِ: وَهُوَ ظلام اللَّيْل، وأصل الجنح الْميل. وَقيل: جنح اللَّيْل أول مَا يظلم. قَوْله: (أَو كَانَ جنح اللَّيْل) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أَو قَالَ: كَانَ جنح اللَّيْل، وَحكى عِيَاض أَنه وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر: استجنع، بِالْعينِ الْمُهْملَة بدل الْحَاء، وَهُوَ تَصْحِيف، وَعند الْأصيلِيّ: وَأول اللَّيْل بدل: قَوْله: إِذا كَانَ جنح اللَّيْل، وَكَانَ هَذِه تَامَّة بِمَعْنى وجد أَو حصل. قَوْله: (فكفوا صِبْيَانكُمْ) ، أَي: ضموهم وامنعوهم من الانتشار، وَفِي رِوَايَة: فاكفتوا، ومادته: كَاف وَفَاء وتاء مثناة من فَوق، وَمَعْنَاهُ: ضموهم إِلَيْكُم، وكل من ضممته إِلَى شَيْء فقد كفته، وَفِي رِوَايَة: وَلَا تُرْسِلُوا صِبْيَانكُمْ. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: إِنَّمَا خيف على الصّبيان فِي ذَلِك الْوَقْت لِأَن النَّجَاسَة الَّتِي يلوذ بهَا الشَّيَاطِين مَوْجُودَة مَعَهم غَالِبا. وَالذكر الَّذِي يستعصم بِهِ مَعْدُوم عِنْدهم، وَالشَّيَاطِين عِنْد انتشارهم يتعلقون بِمَا يُمكنهُم التَّعَلُّق بِهِ، فَلذَلِك خيف على الصّبيان فِي ذَلِك الْوَقْت وَالْحكمَة فِي انتشارهم حِينَئِذٍ أَن حركتهم فِي اللَّيْل أمكن مِنْهَا لَهُم فِي النَّهَار، لِأَن الظلام أجمع لَهُم من غَيره، وَكَذَلِكَ كل سَواد، وَيُقَال: إِن الشَّيَاطِين تستعين بالظلمة وَتكره النُّور وتشأم بِهِ. قَوْله: (فخلوهم) ، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة. قَوْله: (وأغلق) من الإغلاق، فَلهَذَا يُقَال: الْبَاب مغلق، وَلَا يُقَال: مغلوق، وَإِنَّمَا قَالَ: فكفوا، بِصِيغَة الْجمع، وَقَالَ: أغلق بِصِيغَة الْإِفْرَاد لِأَن المُرَاد بقوله: أغلق لكل وَاحِد، وَهُوَ عَام بِحَسب الْمَعْنى، أَو هُوَ فِي معنى الْمُفْرد إِذْ مُقَابلَة الْجمع بِالْجمعِ تفِيد التَّوْزِيع، فَكَأَنَّهُ قَالَ: كف أَنْت صبيك، كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي، وَقَالَ بَعضهم: وَلَا شكّ أَن مُقَابلَة الْمُفْرد بالمفرد تفِيد التَّوْزِيع. قلت: لَيْسَ كَذَلِك، بل الصَّوَاب مَا قَالَه الْكرْمَانِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>