فَرَجَعت فَقَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - معي لِيقلبنِي أَي لأرجع إِلَى بَيْتِي فَقَامَ معي يصحبني قَوْله " على رِسْلكُمَا " بِكَسْر الرَّاء أَي على هيئتكما فَمَا هُنَا شَيْء تكرهانه قَوْله " إِن الشَّيْطَان يجْرِي " قيل هُوَ على ظَاهره إِن الله جعل لَهُ قُوَّة وقدرة على الجري فِي بَاطِن الْإِنْسَان مجْرى الدَّم وَقيل اسْتِعَارَة لِكَثْرَة وسوسته فَكَأَنَّهُ لَا يُفَارِقهُ كَمَا لَا يُفَارق دَمه وَقيل أَنه يلقِي وسوسته فِي مسام لَطِيفَة من الْبدن بِحَيْثُ يصل إِلَى الْقلب وَفِيه التَّحَرُّز عَن سوء الظَّن بِالنَّاسِ وَفِيه كَمَال شفقته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أمته لِأَنَّهُ خَافَ أَن يلقِي الشَّيْطَان فِي قلبهما شَيْئا فيهلكان فَإِن ظن السوء بالأنبياء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام كفر
٨٧ - (حَدثنَا عَبْدَانِ عَن أبي حَمْزَة عَن الْأَعْمَش عَن عدي بن ثَابت عَن سُلَيْمَان بن صرد قَالَ كنت جَالِسا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ورجلان يستبان فأحدهما احمر وَجهه وَانْتَفَخَتْ أوداجه فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنِّي لأعْلم كلمة لَو قَالَهَا ذهب عَنهُ مَا يجد لَو قَالَ أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان ذهب عَنهُ مَا يجد فَقَالُوا لَهُ إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ تعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان فَقَالَ وَهل بِي جُنُون) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وعبدان تكَرر ذكره وَأَبُو حَمْزَة بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي اسْمه مُحَمَّد بن مَيْمُون السكرِي الْمروزِي وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان وَسليمَان بن صرد بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء وَفِي آخِره دَال مُهْملَة الْخُزَاعِيّ وَقد مر فِي الْغسْل والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن عمر بن حَفْص وَعَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَأخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن يحيى بن يحيى وَأبي كريب وَعَن نصر بن عَليّ وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن هناد وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز قَوْله " يستبان " أَي يتشاتمان قَوْله " أوداجه " جمع ودج بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ عرق فِي الْحلق فِي المذبح وانتفاخ الْأَوْدَاج كِنَايَة عَن شدَّة الْغَضَب (فَإِن قلت) لكل أحد ودجان وَهنا ذكر الْأَوْدَاج بِالْجمعِ (قلت) هَذَا من قبيل قَوْله تَعَالَى {وَكُنَّا لحكمهم شَاهِدين} أَو لِأَن كل قِطْعَة من الودج يُسمى ودجا كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث أَزجّ الحواجب قَوْله " مَا يجد " من وجد يجد وجدا وموجدة إِذا غضب وَوجد يجد وجدانا إِذا لَقِي مَا يَطْلُبهُ قَوْله " هَل بِي جُنُون " قَالَ النَّوَوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا كَلَام من لم يتفقه فِي دين الله وَلم يتهذب بأنوار الشَّرِيعَة المكرمة وتوهم أَن الِاسْتِعَاذَة مُخْتَصَّة بالمجانين وَلم يعلم أَن الْغَضَب من نزغات الشَّيْطَان وَيحْتَمل أَنه كَانَ من الْمُنَافِقين أَو من جُفَاة الْأَعْرَاب انْتهى والاستعاذة من الشَّيْطَان تذْهب الْغَضَب وَهُوَ أقوى السِّلَاح على دفع كَيده وَفِي حَدِيث عَطِيَّة " الْغَضَب من الشَّيْطَان فَإِن الشَّيْطَان خلق من النَّار وَإِنَّمَا تطفأ النَّار بِالْمَاءِ فَإِذا غضب أحدكُم فَليَتَوَضَّأ " وَعَن أبي الدَّرْدَاء " أقرب مَا يكون العَبْد من غضب الله إِذا غضب " وَقَالَ بكر بن عبد الله " اطفئوا نَار الْغَضَب بِذكر نَار جَهَنَّم " وَفِي بعض الْكتب قَالَ الله تَعَالَى " ابْن آدم اذْكُرْنِي إِذا غضِبت أذكرك إِذا غضِبت " وروى الْجَوْزِيّ فِي ترغيبه عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ قَالَ إِبْلِيس أَنا جَمْرَة فِي جَوف ابْن آدم إِذا غضب حميته وَإِذا رَضِي منيته -
٣٨٢٣ - حدَّثنا آدَمُ حدَّثنا شُعْبَةُ حدَّثنا مَنْصُورٌ عَن سالِمِ بنِ أبِي الجَعْدِ عنْ كُرَيْبٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْ أنَّ أحَدَكُمْ إذَا أتَى أهْلَهُ قَالَ اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيْطَانَ وجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنِي فَإِن كانَ بَيْنَهُمَا ولَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ ولَمْ يُسَلَّطْ علَيْهِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والْحَدِيث قد مر عَن قريب فِي هَذَا الْبَاب فَإِنَّهُ أخرجه: عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن همام بن مَنْصُور إِلَى آخِره. قَوْله: (لم يضرّهُ) يَعْنِي: لم يُسَلط عَلَيْهِ بِالْكُلِّيَّةِ وإلَاّ فَلَا يَخْلُو من الوسوسة.
قَالَ وحدَّثنا الأعْمَشُ عنْ سالِمٍ عنْ كُرَيْبٍ عنْ ابنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ
أَي: قَالَ شُعْبَة: وَحدثنَا سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن لشعبة شَيْخَانِ فِيهِ.
//
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute