مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِيهِ من جملَة مَا يجْرِي على أهل النَّار، وهم من ذُرِّيَّة آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَقيس ابْن حَفْص أَبُو مُحَمَّد الدَّارمِيّ الْبَصْرِيّ، مَاتَ سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وخَالِد بن الْحَارِث بن سليم أَبُو عُثْمَان الهُجَيْمِي الْبَصْرِيّ. وَأَبُو عمرَان عبد الْملك بن حبيب الجرني، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الرَّاء وبالنون.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي صفة النَّار عَن بنْدَار. وَأخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن عبد الله بن معَاذ وَعَن بنْدَار.
قَوْله:(يرفعهُ) أَي: يرفع أنس الحَدِيث إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهِي لَفْظَة يستعملها المحدثون فِي مَوضِع: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَنَحْو ذَلِك. قَوْله:(لأهون أهل النَّار عذَابا) ، أَي: لأيسر أَهلهَا من حَيْثُ الْعَذَاب، يُقَال: إِنَّه أَبُو طَالب. قَوْله:(أَكنت؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار. قَوْله:(تَفْتَدِي بِهِ) ، من الافتداء وَهُوَ خلاص نَفسه من الَّذِي وَقع فِيهِ بِدفع مَا يملكهُ. قَوْله:(مَا هُوَ أَهْون) كلمة: مَا، مَوْصُولَة، وَالْوَاو فِي: وَأَنت، للْحَال. قَوْله:(فأبيت) ، أَي: امْتنعت إِلَّا الشّرك أتيت بِهِ.
٥٣٣٣ - حدَّثنا عُمَرُ بنُ حَفُصِ بنِ غِياثٍ حدَّثنا أبي حدَّثنا الأعْمَشُ قَالَ حدَّثني عَبْدُ الله بنُ مُرَّةَ عنْ مَسْرُوقٍ عنْ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمَاً إلَاّ كانَ على ابنِ آدَمَ الأوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لأِنَّهُ أوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْقَاتِل فِيهِ وَهُوَ قابيل، كَمَا نذكرهُ هُوَ ابْن آدم من صلبه، وَهُوَ دَاخل فِي لفظ الذُّرِّيَّة فِي التَّرْجَمَة. وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الدِّيات: عَن قبيصَة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَفِي الِاعْتِصَام عَن الْحميدِي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة. وَأخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن عبد الله ابْن نمير وَعَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَعَن ابْن أبي عمر. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْعلم عَن مَحْمُود بن غيلَان. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن عَليّ بن خشرم وَفِي الْمُحَاربَة عَن عَمْرو بن عَليّ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الدِّيات عَن هِشَام بن عمار.
قَوْله:(لَا تقتل نفس) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، وَالْمرَاد بِالنَّفسِ: نفس ابْن آدم، و: ظلما، نصب على التَّمْيِيز. قَوْله:(إلَاّ كَانَ على ابْن آدم الأول) المُرَاد من الابْن هُنَا هُوَ قابيل، وآدَم الأول هُوَ آدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَبُو قابيل، وَقد قتل هُوَ أَخَاهُ هابيل وَكَانَ عمره عشْرين سنة وَعمر قابيل خَمْسَة وَعشْرين سنة، وَقَالَ الطَّبَرِيّ: وَأهل الْعلم مُخْتَلفُونَ فِي اسْم الْقَاتِل، فبعضهم يَقُول: هُوَ قين بن آدم، وَبَعْضهمْ يَقُول هُوَ: قاين بن آدم، وَبَعْضهمْ يَقُول: هُوَ قابيل، وَاخْتلفُوا أَيْضا فِي سَبَب قَتله هابيل، فَقَالَ عبد الله بن عَمْرو: إِن الله تَعَالَى أَمر بني آدم أَن يقربا قرباناً، وَأَن صَاحب الْغنم قرب أكْرم غنمه، وَصَاحب الْحَرْث قرب شَرّ حرثه، فَقبل الله قرْبَان الأول، وَقَالَ ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: كَانَ من شَأْنهمَا أَنه لم يكن مِسْكين يتَصَدَّق عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ القربان يقربهُ الرجل، فَبَيْنَمَا هما قاعدان إِذْ قَالَا: لَو قربنا؟ فقربا قرباناً فَتقبل من أَحدهمَا. قلت: حكى السّديّ عَن أشياخه عَن مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير وَعَطَاء وَغَيرهم عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، قَالُوا: كَانَت حَوَّاء تَلد توأماً فِي كل بطن غُلَاما وَجَارِيَة إلَاّ شيثاً فَإِنَّهَا وَلدته مُفردا، فَلَمَّا كَانَ بعد مائَة سنة من هبوط آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إِلَى الدُّنْيَا ولدت قابيل وتوأمته أقليما، ثمَّ هابيل وتوأمته ليوذا، وَكَانَ ابْن آدم يُزَوّج ابْنه أُخْته الَّتِي لم تكن توأمته، فَلَمَّا بلغ قابيل وهابيل، أَمر الله تَعَالَى آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَن يُزَوّج قابيل ليوذا أُخْت هابيل، ويزوج هابيل إقليما أُخْت قابيل، وَكَانَت من أجمل النِّسَاء قامة وأجملهن وأحسنهن صُورَة، فَلم يرضَ قابيل. وَقَالَ: أَنا أَحَق بأختي أَنا وأختي من أَوْلَاد الْجنَّة وهابيل وَأُخْته من أَوْلَاد الدُّنْيَا، فَقَالَ آدم: قربا قرباناً، وَكَانَ قابيل صَاحب زرع وهابيل صَاحب غنم، فَقرب قابيل صبرَة من طَعَام من أردى زرعه، وأضمر فِي نَفسه. وَقَالَ: مَا أُبَالِي أتقبل مني أم لَا بعد أَن يتَزَوَّج هابيل أُخْتِي، وَقرب هابيل كَبْشًا سميناً من خِيَار غنمه ولبناً وزبداً وأضمر فِي نَفسه الرِّضَا بِاللَّه تَعَالَى، وَكَانَ القربان إِذا قبل تنزل من السَّمَاء نَار بَيْضَاء.